د. فايز أبو شمالة
تحرص وسائل الإعلام على تصوير الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة من كافة أبعادة، ويبدو أن كل التنظيمات الفلسطينية المالكة لوسائل إعلام مرئية، ومسموعة في الساحة الفلسطينية بما في ذلك السلطة الفلسطينية وحماس حريصة على إظهار النتائج السلبية للحصار، وأثاره الضارة بالإنسان، والحيوان، والنبات، وكل مناحي الحياة في غزة، بل وتحرص بعض وسائل الإعلام على المبالغة في وصف ذلك.
خلف هذا التوحد على وصف وجع الحصار تختلف الغايات، وتفترق الأهداف، ففي حين ترى حركة حماس: أن في التصوير الدقيق للحصار الظالم إظهاراً لسوءة الاحتلال، وإحراجاً له، وكشفاً لحجم المأساة الواقعة على الشعب الفلسطيني، وغمزاً من قناة السلطة الفلسطينية التي تتفاوض مع إسرائيل، وترفض خط المقاومة المسلحة، لذا تعمد حركة حماس إلى جعل الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة قضية رأي عام دولي، وعربي تفضح حقيقة الدولة العبرية التي قامت على حساب أرض، وتاريخ، وعذاب الشعب الفلسطيني، وهو ما يستوجب المقاومة بكافة أشكالها. بينما يحرص إعلام السلطة الفلسطينية على إظهار الحصار على أنه نتيجة لسيطرة حماس على قطاع غزة، وهذا ما جلبته سياستها الخاطئة في تبني المقاومة العبثية، وأن انصرافها عن غزة كفيل بأن يعيد الأمور إلى ما كانت عليه من قبل، حيث لم يفرض حصار على قطاع غزة، ولم تغلق المعابر يوماً، ولم تتوقف الرواتب، ولم يغلق معبر رفح مع مصر العربية حتى في زمن الاحتلال الإسرائيلي الكامل لقطاع غزة.
يكمن وراء الوفاق الفلسطيني على توصيف الحصار، والخلاف على الأسباب، نجاح إسرائيلي حتى هذه اللحظة في إطالة أمد الحصار، والتضييق على حياة الناس في غزة بهدف التجويع والترويع، ولا مؤشر على انتهاء الحصار، أو وقوف السلطة الفلسطينية موقفاً صارما منهً؛ كأن توقف التنسيق الأمني، وتمتنع عن اللقاءات الثنائية مع إسرائيل، ولا يبدو أن الحراك الجماهيري العربي، والدولي قد نجح في التخفيف من الضائقة الاقتصادية التي أخذت بالتفاقم، وأدت إلى غياب رغيف الخبز عن الأفران، وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية.
وإذا كان التحدي من طباع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولن ينكسر مهما اشتد الحصار، فإن السؤال المطروح على حركة حماس: ما العمل لمساعدة الناس على الصمود، والاستمرار في تحدي الحصار؟
الجواب يحتاج إلى عقل مبدع، ومتابعة ميدانية، وتقارير دقيقة، تعين أصحاب القرار السياسي في تحديد خطواتهم المستقبلية.