لاذت عشرات العوائل المسيحية الموصلية بـ (دير متي) الذي يبعد نحو 20 كيلومتراً عن الموصل، مركز محافظة نينوى. وقالت صحيفة التليغراف البريطانية إن الهروب الجماعي جاء عشية أعياد الميلاد عقب تهديدات بالقتل أو الاختطاف أو ما يسمى (دفع الجزية) . وما أخاف العوائل المسيحية تعرّض العديد منها – في غضون الشهرين الماضيين- للقتل واضطرارها للهجرة والهرب من العراق أو الى مناطق وقرى قريبة يحكمها الأكراد أو الى كردستان.
وكانت مصادر مسيحية في أربيل قد تحدّثت عمّا أسمته مخططاً لحرب دينية غير متكافئة في الموصل تهدف الى تهجير المسيحيين من المدينة التاريخية، بعد تهجير مئات العوائل من الأقليات الأخرى كالأيزيديين والشبك وحتى التركمان الشيعة والأكراد. ووصف الأب (صبري مقدسي) الكاهن المسؤول عن كنيسة (القديس يوسف) الحال بأنها سيئة جداً لجميع العراقيين، ولكنّ المسيحيين يتحمّلون عبئاً كبيراً، لأنهم يفتقرون الى الأحزاب والعشائر التي تدافع عنهم، كما يتوفر ذلك للمسلمين الشيعة والسنة وللأكراد.
وأوضح (المقدسي) أن أبرشيته في أربيل استقبلت منذ 4 سنوات أكثر من 2,000 عائلة مسيحية هربت من الموصل ومن بغداد. فيما قال مسيحيون شبّان لاذوا بالكنيسة التي تقدم للعوائل الفقيرة مساعدات على أضيق نطاق، بسبب كثرتها: “إنهم يعيّروننا بأننا بقايا الحروب الصليبية. ويجبروننا – رجال الميليشيات الشيعية والسنية- على إعلان إسلامنا أو دفع الجزية ونحن صاغرون”.
وقال محللون سياسيون في لندن إنّ أحداً لم يعترف حتى الآن – وبصراحة – عن مسؤوليته في تهجير المسيحيين. ثمة أطراف تتهم القاعدة والمتمردين، وأخرى تتهم ميليشيات البيشمركة والاستخبارات الكردية، وهناك من يتحدث عن منافسات – تحوّلت الأقليات الدينية كبش فداء لها – على هامش الاستعداد لانتخابات المحافظات.
وأكد المحللون إن الهجرة المكثفة الى كردستان ربما يكون وراءها ما وراءها. لكنّ مصادر الإقليم الكردي تنظر بسخط الى أية اتهامات بشأن علاقتها بتهجير الأقليات وتقول إنها ترعى اللاجئين بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية أو غير الدينية.
وحتى الآن لم تستطع الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات حاسمة بهذا الصدد، فالكثير من مناطق الموصل إما تقع تحت سيطرة الميليشيات المتطرفة أو تحت سيطرة الأكراد. ومحافظة نينوى – منذ ست سنوات- يهيمن الأكراد على الحكم فيها ويفرضون سيطرتهم بالقوة، فيما فشلت أكثر من ثلاث حملات عسكرية حكومية – أميركية لتحسين الوضع الأمني في الموصل التي تعد الآن المكان الأخطر في العراق.