رداد السلامي
إذا لم يعجب أمريكا شخص في العالم تقول أنه إرهابي أو معاد للسامية ..!! ولعل المتابع اليوم لما يقوله الأكاديميين الأمريكيين يجد أنهم يشكون من أخطاء سياسة بلدهم نتيجة للوبي الصهيوني ، مع أن هذا اللوبي ليس قويا لأن الله أو الأقدار أعطته هذه القوة ، بل لأن هناك بيئة دينية بروتستانتية أميركية خاصة مؤيدة له ، بحسب مفكر عربي كبير.
وفي بلادنا النظام الحاكم أو الفاشل ، إذا لم ترضيه المعارضة بأن تكون راضية عن سياساته وقراراته اللاعقلانية ، أو تكف عن أن تكون معارضة حتى وهي تنتهج الطرق الدستورية والسلمية في معارضتها ، يتهمها بكل أنواع التهم بل ويخلع مما فيه عليها ، فهي تارة عملية وأخرى إرهابية وثالثة مثيرة للأزمات ورابعة قوى مريضة ، وغيرها من التهم .
النظام وجوده خطأ ، وهو أعقد من كل مشاكلنا الموجودة اليوم بل أن عقدته تكمن في وجود حالة من التبلد إزاء الأزمات الشائكة التي صنعها ، كما يمكن القول أن ثمة وجود لقوى غير مرئية فيه تجعله يخرج عن طور اللاعقلانية بدليل أنه مستمر فيما هو عليه ، وماض في سياساته دون حساب لمآلات هذه السياسات ،
فالبلاد وضعها سيء للغاية ، لكن ما يزيد عجبك هو أن تسمع الاتحاد الأوروبي وأمريكا وهو يؤكدون على ضرورة إجراء الانتخابات في اليمن ويحثون المعارضة اليمنية على المشاركة فيها ، مع أنهم سياسيا لم يقوموا –كمعنيين بذلك – بالضغط على النظام الحاكم باتجاه تصحيح آلياتها كمنظومة متكاملة وتهيئة بيئة تنافسية لا يشوبها تزوير أو تحوير باستخدام مقدرات الدولة من ثروة وإعلام وأمن وجيش لإنتاج ذاته ، وتزوير خيار الشعب .
نحن مع أن تزدهر الديمقراطية في بلادنا ..نريد ذلك ونريد لها أن تبقى هي الأداة الفاعلة في تداول السلطة سلميا ، لكن الديمقراطية لا يمكن أن تزدهر أو تتطور إلا إذا توافرت شروط تطورها وازدهارها ، في اليمن كانت الديمقراطية قبل سنوات تتطور فعليا وتزدهر ، لكن النظام ذاته أوقف تقدمها وتطورها ، ومارس عبثية كبيرة في جعلها تنحسر وترتد إلى الوراء ، مارس استبدادا كبيرا ، وفسادا طاغيا ، حد الوصول إلى ضرب منظومة القيم لدى الشعب ، أوجد خنوعا واستسلاما ، مارس الإرهاب والعنف ، والقوة والبلطجة ، كما عمل على إنتاج المزيد من الجهل والأمية والتخلف ، وارتفاع الأسعار الذي زاد من حدة الفقر ، وسوء المعيشة ، لقد خلق بذلك سوقا موسميا لبيع أوهامه وشراء ذمم الناس ، واوجد مواطنا لم تعد تهمه السياسة والتغيير والديمقراطية وحتى الانتخابات ، بقدر ما يهمه قوت يومه ، انحسر أيضا لدى اليمني التفكير الاستراتيجي ليحل محله تفكير آني أناني ، المستقبل غير مفكرٍ فيه البتة .
النسيج الاجتماعي مرتخي ومفكك ، هناك مشاكل اجتماعية ، حروب قبلية ومناطقية ، وتقطعات ، واختطافات ، لقد وصل الأمر حتى إلى ضرب أعراف الناس القبلية الايجابية فثمة أطفال صغار يختطفون .
النظام لا يحكم اليمن ولدية حاسة الانتماء إليه ، إنه يحكمه بمزاجية لص ، وعقلية قاطع طريق أو محتل ، كل ما يهمه هو السلطة والثروة وكفى .
لا يوجد لدينا اقتصاد ، اقتصادنا معدوم أو مدمر ، وثروات البلاد تهدر ، ويتقاسمها عصابات الحكم ومواليه ونافذوه الكبار والصغار ، والخطورة أيضا أنه لا يوجد لدينا اقتصاد منتج ولذلك يزداد الصراع حدة لتكون العواقب أسوء من الصومال كما يبدو .
*كاتب وصحفي يمني