إبراهيم حسّون
في مثل هذا اليوم منذ أربع سنوات , قرر ممدوح عدوان تغيير عنوان إقامته – عنوان شعره - عنوان نثره – عنوان سرده – عنوان إيميله – عنوان آذان الفرح في ضحكه وابتسامه – عنوان سهده – عنوان حزنه – عنوان دمع الأطفال في عينيه – عنوان كأسه وندمائه – عنوان الموسيقا , العتابا , والدلعونة , والسكابا , وأبو الزلف , والليا , وفيروز و” بكوخنا يا بني ” في القيرون أو دير ماما أو مصياف – الوراقة ” تابوتنا مصياف والقبر ورّاقة ”
منذ ثلاثين عاماً كدّسها القهر فوق ظهورنا , فوق وجوهنا , فوق أمانينا , فوق أحلامنا , فوق صبحنا, صارت أحلاماً بل كوابيسناً تعصر النوم من ليالينا …. مذ ذاك خفت إليك ….
يا سيد الكلام والكلمة … الضحكة والدمعة … ووقفة العزّ …
منذ ثلاثين عاماً … وأنا للتو خارج من حرج القرندح متأبطاً صرة أمي – رغيف خبز تنور معجون بدمعها , وحبل من القهر ممدود إلى السماء , نشرت عليه دعاءها وأدعيتها ….
منذ ثلاثين عاماً هجعت إليك … أحمل على كتفيّ تلويحة الأيدي المتعبة … الوجوه المتعبة … الأقدام المتعبة … القلوب المتعبة … والبطون المقفرة … عرفتني … من رائحة المواقد , من رائحة البنفسج , من عبق البراري , وعلى عزف أسعد ونسيم أم الطيور وغناء معين ومواويل ديرماما وسحر الكأس , أدلقت في حرجك حسرتي وتعبي وقهري ورفضي ونقمتي وثورتي … وشعري …
في ذلك اليوم قلت لي … اصبر , أنت شاعر , أنت رسام
يا سيدي … منذ ذلك اليوم لم أحدْ عن وصيتك … الصبر غموس خبزيّ اليومي … أفرش أوراق العالم … أفرد بعدها أوراقي
يا سيدي … ما بشرتني به لم يأت إلى اليوم … كل ما قرأته لك وما تلاه مازال حبيس الأدراج … سأوصي به لأحد بائعي الفلافل .
يا سيدي … من كان يغلق الطريق بخصيتيه ودبره لم يتغير , من فجر التاريخ لم يغير حتى ملابسه الداخلية
يا سيدي … مازلت لم أمل .. يا سيدي أنا مهنتي الانتظار… بالأمس سألني مقعدي متى ستخلِ مكانك لمنتظر جديد ؟
اليوم وبعد أربع سنوات … غيرت أنت العنوان ولكن التاريخ والجغرافيا لم يضلا الطريق … مازالت كل الدروب نهايتها ” المخاض ” ما زالت تركض إلى ” الظل الأخضر ” ما زالت الأيدي المتعبة لم تتعب من التلويح وما زالت تدق النوافذ وتحاول إيقاظ هاملت , مازالت ………………………………..
أيها العظيم ….
مازالت الصفحات تملأها فلسطين وكما تحب من النهر إلى البحر … وقيرون وديرماما ومصياف والوراقة … والشآم مازالت سيدة المدن ومازالت عشق الله
أيها العظيم …..
وممدوح عدوان ما زال يتربع على صهوة العناوين وحبر اليراع
وما زلنا نحسدك بمحبة … ونتمناك بعشق … ونهنئك بإجلال
فأنت تتبختر من جيل إلى جيل ونحن نضبضب كلاكيشنا للفناء