نضال حمد*
جاء بوش الى العراق ليودع النعال التي سار بها فوق سيول من دماء العراقيين الذين قتلوا على ايدي قواته المحتلة أو تسببت تلك القوات بقتلهم. لم يظن بوش أن العراقيين سوف يخرجون لوداعه على طريقة الطالباني والمالكي. ولم يرسم في مخيلته رسماً يظهر بغداد والمدن العراقية الأخرى التي ” حررتها ” قواته ثم قامت مع موظفيها في المنطقة الخضراء باعدام الرئيس العراقي صدام حسين، بشكل تكون فيه مفروشة بالورود والأزهار وطوابير الأطفال وطلبة المدارس المصطفين على جانبي الطريق وهم يلوحون بالعلمين الأمريكي والعراقي وبصور الزعيم الأوحد جورج دبليو بوش. فهذا البلد ليس جمهورية من جمهوريات الخنوع والعوز والتسول. أنه بلد ثاني عواصم الخلافة الاسلامية وهذا يعني الكثير لمن يفهم طبيعة وعادات وتقاليد أهل الشرق العربي.
بوش لم يتوقع كذلك أن يصل اليه وهو بجوار المالكي أي شخص عراقي من ملايين العراقيين الغاضبين ليقول له : ” هذه قبلة الوداع يا كلب.. من يتامى وارامل العراق”.. لكن الشخص المنتظر والذي اسمه منتظر وصل اليه.. وهو ليس من تنظيم القاعدة ولا من عسكر طيبة أو طالبان .. انه مواطن عراقي أراد أن يشفي غليل أهل العراق وأمة العرب من سيد الكذب والظلم والارهاب والنفاق. وليس منتظر من الذين يقول عنهم بوش أنهم أهل الارهاب. فهو مقاوم بالكلمة والكاميرا ثم مقاوم بحذائيه . اختار هذا الاسلوب الحضاري لأنه انحاز لمقاومة عراقية متنوعة وغنية بالعطاء والفداء والاساليب الكفاحية. فهي مقاومة أهل العزة والإباء الذين مازالوا يحتجزون حريية بوش “العراقية” ويقيدون حركته هو ومن هم معه في حكم العراق في ظل الاحتلال والاستعباد والاستغلال والاذلال والفقر والعوز والظلم. فالاضطهاد القائم في العراق المحتل والذي تقوم به المجموعة الحاكمة بدعم واسناد من الاحتلال يعجل في اثارة مشاعر العداء للاحتلال ونعاله المستخدمة في وحل أرض السواد. وهذا ما اثبته مسبقاً قيام بعض الجنود العراقيين الذين يخدمون بجيش النظام الحاكم وتحت امرة الاحتلال باطلاق الرصاص وقتل وجرح عشرات الجنود الأمريكيين الذين حاولوا الاعتداء على نسوة العراق. وهو ما أعاد تأكيده مهدي العراق المنتظر منتظر الزيدي بحذائه العربي الأصيل…
دخل بوش العراق سراً كما فعل في كل مرة زار فيها واحة الديمقراطية الجديدة منذ احتلال البلاد وبدأ حملة تعذيب العباد. لم يصرح لأحد عن زيارته ولم تبلغ الصحافة إلا في اللحظات الأخيرة ، وعقد المؤتمر الصحفي مع المالكي في ظل حراسة مشددة واجراءات امنية غير مسبوقة. لكن كل تلك الاجراءات لم تمنع الشاب العربي العراقي الأصيل منتظر الزيدي من أن يستل الحذاء ويرسله مباشرة الى وجه بوش الذي أزاح وجهه مرتين فلم يصبه الحذاء بفردتيه.
كان الحذاء في طريقه الى وجه بوش يردد بينه وبين نفسه لماذا اخترتني انا وحدي من بين كل أحذيتك يا منتظر ؟
وبأي ذنب سأضرب بوجه أقبح بني البشر واكثرهم إجراماً وغباء وعنصرية واستعلاء واستبداد ؟
سامحك الله يا منتظر … لكن لأجل خاطر ملايين البشر الذين تتحدث باسمهم والذين تضرب بي وجه هذا الرجس باسمهم فأنني أعلن موافقتي على ذلك. وأقبل أن أدنس نفسي لأجل الصالح العام لبني البشر في العراق وفي كل مكان. فوجه هذا الظالم أقبح من كل الوجوه الظالمة في هذه الدنيا.. ومنطقه تافه وفارغ ، وسياسته خرقاء ، و إدارته عنصرية وعمياء ، وجيشه قطيع من الأبقار والخراف ، تقدمهم الادارة أضحية وقرابين لسياسة مجموعة من الطامعين بالسيطرة على العالم. لكن و لأجل راحة المجتمع الدولي والشعوب العربية والاسلامية والعالم المستنير الذي يرفض اعمال هذا الرئيس الوبش أعلن موافقتي على ما قمت به. وأطالب بحريتي وحريتك وبمحاكمة بوش ومجموعته من مجرمي الحرب العالميين.
* مدير موقع الصفصاف www.safsaf.org