حاوره بسام الطعان
رسام تونسي من مواليد تونس العاصمة 1979، متخرج من المعهد العالي للفنون بتونس 2002 اختصاص فن وتواصل (جرافيك ديزاين) يعمل لحسابه الخاص في مجال الرسم والتصميم والرسوم المتحركة
ـ بداية نرجو أن تحدثنا عن نبيل بلحاج الإنسان؟
* بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وآله الطاهرين.
أنا متزوج حديثا وأعيش مع زوجتي في بلدتي غار الملح في بيتي الجديد وهذه البلدة جميلة جدا وتمتاز بطبيعتها الساحرة والهادئة.
ـ ماذا عن نبيل الفنان، ولمن يرسم؟
* أنا أستمتع كثيرا بعملي وأشعر أن ما أقوم به هو غاية ما أسعى إليه. أحاول دائما أن أطور نفسي وأن أترك بصمة من خلال أعمالي الفنية ولا أمر من هذه الدنيا مرور الكرام. وإن أكرمني الله بموهبة الرسم فمن أجل وظيفة أؤديها في المجتمع وليس فقط من أجل أكل الخبز.
أنا أرسم لنفسي قبل كل شيء.. أعشق الرسم الجميل ولا أحب الرسم الرديء حتى وإن كان من صنع يدي. ولهذا لا أحتفظ بكل الرسومات التي أرسمها. وأرسم للناس من جهة أخرى, الناس الذين يحبون ويعرفون قيمة ما أرسم في المقام الأول, وفي المقام الثاني أرسم لهم وفق طلباتهم واحتياجاتهم.
ـ ما هي الدوافع والمسارات التي دفعتك باتجاه الرسم؟
* أجد متعة كبيرة عندما أرسم شيئا جميلا يعجبني ويعجب الآخرين, وهذا منذ الصغر. كنت أشعر دائما أني إن واصلت في هذا الطريق سأنجح فيه. كذلك اختياري للطريق الأكاديمي في تعلم فنون الرسم والتصميم في مرحلة التعليم العالي كان له الأثر الكبير في توجهي للعمل الاحترافي.
ـ ترسم رسومات الأطفال والكاريكاتير والبورترية وأغلفة الكتب، لماذا هذا التنوع وألا يساهم هذا في تشتيت المبدع في داخلك؟
* كل أنواع الرسوم التي أقوم بها لا تشكل تناقضا في ما بينها حتى وإن تحدثنا عن عملية تصميم الكتب والشعارات والتي لا تحتوي على أي رسوم يدوية فهذا التنوع نجد فيه عامل أساسي يكون متواجد دائما وهو عنصر الجمال. أيضا هذا التنوع يجدد فيا روح الإبداع ويكسر الرتابة وأنا بطبعي أمل من الروتين وأحب الحرية.
ـ تقوم أيضا بكل أنواع الرسوم التجارية، حدثنا عن هذه الرسوم وماذا تقدم من فائدة، ولمن؟
* هي باختصار الرسوم التي يطلبها مني الناس بمقابل مالي وفق احتياجاتهم.
وهذه المهنة حديثة وقليلون من يحترفونها في عالمنا العربي. فمعروف أن الرسام يصعب أن يعيش على ما يبيعه من لوحاته لذلك يلجأ غالبا أن يعمل في وظيفة موازية لا تمت إلى الرسم بصلة.
الرسوم والتصاميم التي أقوم بها هي أعمال تحدد بمواصفات معينة مسبقا وهي الأعمال التي يطلبها ابتداءا مؤلف الكتاب أو مدير مجلة أو مسؤول دعاية أو صاحب شركة أو غيرهم وتكون لغرض محدد منها ما يكون تجاريا يعني تساهم في ترويج لسلعة أو توصيل فكرة ومنها ما يكون لسبب تعليمي أو تثقيفي أو ترفيهي.
ـ هل يمكن للرسوم المتحركة أن تكون إحدى ركائز ثقافة الطفل؟
* لا شك في أهمية ما تقدمه الرسوم المتحركة للطفل وما تساهم فيه من تشكيل لثقافته ووعيه, وهذا النوع من الرسم متواجد بشكل مكثف في عالم الطفل ويؤثر على تصرفاته. الكبار يتفرجون على الأفلام للتسلية أما الأطفال فهم يتعلمون ويتسلون في نفس الوقت حين يتفرجون على الرسوم المتحركة, يتعلمون اللغة وأسلوب الحوار وكيفية التعامل مع الغير وكل ما يمكن أن تحتويه ثقافة البلد المنتج.
ـ ما الفائدة التي تقدمها الرسمة، هل تقدم الفائدة نفسها التي تقدمها الكلمة في رسومات الأطفال؟
* الكلمة مجردة… أما الرسمة فهي معلومة الشكل واللون ولذلك فهي قادرة على توصيل المعلومة بطريقة أسهل من الكلمة. فعملية الفهم تكون بتشكيل المعنى في مخيلة الطفل بواسطة الصور, ولهذا فالرسم يسهل هذه العملية ويبلغ الطفل المعلومة بشكل أسرع وأصح.
ـ هل كل رسام يستطيع أن يكون رساما للأطفال؟
* لا أعتقد أن كل رسام يستطيع أن يختص في الرسم للأطفال إلا إذا كانت لديه الرغبة الحقيقية والمتعة في ممارسة هذا العمل.
ـ كيف تقيم واقع الرسم للأطفال في تونس، وهل يوجد في تونس مؤسسات متخصصة بهذا المجال؟
* حسب اعتقادي أن الرسم الموجه للطفل في تونس مازال بحاجة إلى التطوير وبلوغ مستوى منافس لما هو موجود في الأسواق العالمية. بالرغم من وجود مؤسسات مختصة من دور نشر ومجلات إلا أن المستوى مازال غير كافي وبحاجة ملحة للتطور.
والحقيقة التي أعتقد بها أن في عالمنا العربي الكثير من الرسامين الممتازين وهم فقط يبحثون عن الفرصة لكي يبدعوا ويقدموا للطفل ما يمكنه أن ينافس المجلات والقصص المصورة الآتية من الغرب.
وأهم عامل متسبب في هذه الأزمة هو تدني الأسعار إلى مستوى هزيل جدا مقارنة بما يتقاضاه الرسام الأجنبي على رسوماته.
ـ ما هي علاقة فن الكاريكاتير برسومات الأطفال ، وهل فنان الكاريكاتير قادر على أن ينقل عالمه إلى عالم الطفل؟
* بالتأكيد فعالم الكاريكاتير لا يخلو من السخرية المرتبطة بما يحدث في الواقع والطفل بطبعه يحب المرح والمزاح وبلا شك فهو يتفاعل بإيجابية مع رسوم الكاريكاتير.
ـ القصص والرسومات هي أفضل طريقة لإيصال المعلومة والثقافة إلى الطفل، هل توافقني الرأي؟
* هذا صحيح إلى حد كبير, فكلنا تعلمنا في صغرنا عن طريق القصص المصورة والتعبير الكتابي عن طريق المشاهد التي يعلقها المعلم على اللوحة. فكما قلت أن الطفل يتعامل مع الصورة والأشياء الحسية بشكل أسهل من الكلمات والمعاني المجردة.
ـ ماذا تقول للآباء والأمهات الذين ينظرون إلى الرسوم المتحركة وكأنها مجرد مضيعة للوقت لأطفالهم، وهل هذا الأمر صحيح؟
* أقول لهم ليس كل ما يوجد من أفلام وبرامج للرسوم المتحركة هو مضيعة للوقت, هنالك منها ما يفسد ثقافة الطفل ومنها ما هو مفيد جدا وله دور كبير في تكوين الثقافة والوعي لدى الطفل. فليس ضروريا أن يكون الفلم يقدم في شكل مواعظ أو دروس علمية وإنما يكون نافعا أيضا إذا قدم للطفل بأسلوب مهذب ويحث على الفضيلة والالتزام بأوامر الله عز وجل ولا يكرس مفاهيم خاطئة كالكذب والغش.
ـ ما هي نوعية الرسوم وأفلام الكارتون التي يجب أن يختارها ولي الأمر لطفله؟
* على أولياء الأمور أن يتحروا ماذا يختاروا لأطفالهم من أفلام الكرتون. فالعديد منها جذاب ومغر من خلال الرسم والألوان والحركة السريعة ولكن كثيرا ما نجد في مضمونها ثقافة دخيلة وأسلوب في التعامل لا يمت لديننا وثقافتنا الإسلامية بشيء. ومثالا على ذلك العلاقة بين البنت والولد وعلاقة الحب التي تنشأ بينهما منذ السنوات الأولى في المدرسة كذلك العلاقة بين الأبناء والآباء والتي تتميز بالجفاء والوصول لحد العصيان والتمرد في المجتمع الغربي. لذلك أنصح الأولياء أن يتبينوا نوعية الأفلام قبل تقديمها لأبنائهم.
ـ رأيك بمستوى الرسوم المتحركة التي تقدمها الفضائيات العربية؟
* ليست كلها صالحة للمشاهدة وخصوصا أن الأفلام والمسلسلات الكرتونية الحديثة أصبحت تتميز بالعنف.
ـ هل عملية إنتاج الرسوم المتحركة عملية سهلة أم صعبة؟
* إنتاج الرسوم المتحركة هو أمر صعب حقيقة فهو يحتاج إلى تمويل ضخم من جهة وإلى كفاءات وخبرات في مجال الرسوم المتحركة من جهة أخرى وإلى الكثير من الوقت.
ـ برأيك هل أفلام الكارتون التي تتضمن مشاهد مليئة بالعنف تقدم الفائدة للطفلة، أم يجب أن يبتعد عنها ولا يتابعها؟
* نعم المشاهد المليئة بالعنف تصبح خطرة ومؤثرة على الطفل في حال تكرارها في مشاهد وأفلام مختلفة. والحل ليس الابتعاد عنها كليا وإنما يجب أن يكون هناك تنوع. فإبراز القوة مطلوب أحيانا في بعض المشاهد لكن أن تصبح كل الأفلام لا تتحدث إلا على القوة والعنف فهذا غير طبيعي وغير متوازن.
ـ من يكتب سيناريو رسوماتك؟
* لا يوجد شخص معين وأنا بحكم بمهنتي أكون مستعدا للرسم لمؤلفين متعددين ومختلفي الأساليب.
ـ ما هي المدة التي تقضيها في رسم وتلوين قصة للأطفال؟
* القصة الواحدة قد تحتاج لرسمها ما بين ثلاثة أيام وأسبوعين وهذا بحسب الكمية والجودة.
ـ كيف تختار الألوان لموضوعاتك؟
* أختار الألوان حسب الموضوع طبعا فكل لون له دلالات وتأثيرات على الإنسان وهذا ما أثبته العلم الحديث.
ـ ما هي الألوان التي يفضلها الطفل؟
* الطفل عادة يحب أن يرى الألوان الجميلة والزاهية والمتناسقة ولا يحب الألوان الحزينة الداكنة.
ـ هل من صعوبات تواجهك في مجال عملك الفني؟
* نعم أحيانا توجد صعوبات في إيجاد العمل أو في التعامل مع بعض الزبائن وأكثر ما يزعجني هو عدم الوفاء والتأخر عن المواعيد.
ـ كرسام ما مساحة الحرية التي تملكها عند الرسم، وهل يجب على الرقيب أن يتدخل في عمل رسام رسومات الأطفال؟
* طبعا لا توجد حرية مطلقة وكل رسام هو مسئول قبل كل شيء أمام الله على ما يقدمه للطفل وأرى أن الرقيب لابد من وجوده لمنع كل ما من شئنه أن يفسد ثقافة الطفل.
ـ ما هي مشاريعك القادمة، وما هي أمنياتك وأحلامك؟
* مازال أمامي الكثير من العمل حتى أطور رسوماتي وأتقن مجال الرسوم المتحركة وأما حلمي البعيد المدى فإن شاء الله سأنتج فلما أو أجد من يشاركني في إنتاج سلسلة رسوم متحركة ذات جودة عالية وسيناريو هادف وممتع وأن تصل إلى أنحاء العالم بلغات مختلفة.