صباح الموسوي
ان عملية حذف الرئيس الأمريكي بوش الثاني بحذاء مقاس 10 (حسب مقياس الرئيس المحذوف) والتي جاءت على يد إنسان عراقي عاش الاحتلال الأمريكي لبلاده وذاق طعم مرارته‘ قد فاجأت العالم بجرأتها وما حملته من مضامين و دلالات سياسية بالغة الأهمية و التي ليس اقلها إسقاط هيبة الرئيس المحذوف الذي كان يتخيل نفسه إمبراطورا لا يجرأ حاكما في هذا الدنيا على رد طلبه أو التعرض له بكلمة أو فعلا تكدر خاطره فإذا به وهو محفوف بحماية أمنية وعسكرية وسياسية قل نظيرها يتعرض لهجوم بزوج حذاء لا يساوي سعره قيمة زجاجة خمر من تلك الزجاجات التي أدمن الرئيس على شربها .
فهذا الرئيس الذي كان يتباها في ما اسماه النصر التاريخي الذي حققه في احتلاله للعراق و الذي تسبب في مقتل أكثر من مليون إنسان ‘قد أعماه الغرور ونشوة السكر من النظر و لو للحظة واحدة الى التاريخ ليأخذ منه العبر و يلجم غروره ‘ حيث توقع ان الآلاف المؤلفة من القوات العسكرية و عناصر الأجهزة الأمنية والمليشيات المسلحة التي جندها أصحاب العمائم السود و خواتم الياقوت والأحجار النيسابورية‘ كفيلة بان توفر له الحماية و تجعله يتمختر ويبالغ في حديثه كيف ماشاء عن النصر و توجيه التهديد والوعيد لمن شاء وينسى ان نشوة الجنرال الفرنسي” كليبر” في احتلال بلاده لمصر كانت اكبر من نشوة بوش في احتلاله العراق .
لقد كان ” الجنرال كليبر” و من فرط نشوته قد حذف من مخيلته إمكانية ان يظهر لو مصري واحد يقول له على عينك حاجب بعد ان ارتكب ما أرتكب من المجازر و جند ما جند من العملاء الذين كان في صفوفهم الكثير من أصحاب الطرابيش الحمراء ‘ معتقدا انه بهذه المجازر و في ظل وجود هؤلاء العملاء قد تمكن من أطفأ جذوة المقاومة المصرية وضمن هيمنته على مصر و راح يتفاخر بفعله و يتبختر في مشيته في أزقة القاهرة و أسواقها غير مدرك ان منيته ستكون على يد شيخ أزهري شاب يدعى سليمان الحلبي رحمه الله الذي أصبحت عمليته البطولية مقدمة لثورة مصرية عارمة وسببا في هزيمة الإمبراطورية الفرنسية على مستوى العالم و من ثم نهاية تلك الإمبراطورية المتوحشة .
لقد تناسى الرئيس جورج بوش ‘ الذي حاول الاستهزاء على مضض بعملية رشقه بالحذاء ‘ ان عملية رشق رئيس حزب الليكود الصهيوني آنذاك ” أيريل شارون ” بالأحذية يوم دخل باحة مسجد الأقصى متحديا مشاعر الفلسطينيين والمسلمين عامة والتي ما كان من المصلين يومها إلا ان ينهالون عليه رشقا بالأحذية‘ كانت تلك الحادثة سببا في تفجر انتفاضة الأقصى المباركة و هي العملية النادرة التي استخدم فيها الثوار الفلسطينيون سلاحا باردا الذي رغم بساطته و رخص ثمنه من الناحية المادية إلا انه قد أحدث دوياً إعلاميا و سياسيا عالميا فاق دوي قنابل دبابة ” الميركافا ” التي استخدمت في مجزرة جنين التي جاءت لإخماد انتفاضة الأقصى المباركة التي أفشلت جميع المخططات التي وضعت لإنهاء الثورة الفلسطينية .
نحن اليوم أمام عملية مماثلة أحدثت صدا إعلامياً وسياسياً قل نظيره على الصعيد العالمي ‘ فهي العملية الوحيدة التي اجمع العرب وجميع المقهورين و الكارهين لسياسة بوش على تأييدها‘ فبينما اعتبرها البعض عملية اغتيال رمزية ( حسب رأي احد الصحف الغربية ) لبوش فقد رأى البعض آخر إنها اكبر من مجرد عملية اغتيال ‘ فلو ان اغتيالا حصل لبوش لحوله الى بطل تاريخي في عيون إدارته وحزبه ومناصريه وكل من سار في ركب الاحتلال ‘ و لكن ما هو أهم في هذه العملية أنها أصابت هيبة المحتل المنتشي بالنصر وحطت من كرامته وأعادت إليه نتائج حملة غزو العراق التي أطلق عليها آنذاك اسم ” الصدمة والرعب ” ‘ فالصدمة الحقيقية كانت في هذه العملية المفاجئة التي لم يحسب لها المحتل وأعوانه من قبل حساب ‘ والرعب هو ما ترونه واضحا في وجوه جوقة المحللين و الكتبة السياسيين من المستعربين المتعلقين بركاب الحمار الأمريكي .
ومن المناسب هنا ان نذكر هؤلاء المستحمرين ان الذي أشعل شرارة ثورة العشرين في الفرات الأوسط وحولها الى ثورة عراقية عارمة ‘ كانت صفعة من المرحوم الشيخ شعلان أبو الجون ( احد زعماء قبيلة بني حجيم التي ينتمي لها صاحبنا منتظر الزيدي) التي صفع بها وجه الحاكم البريطاني لمدينة الرميثة الجنرال ” هيات ” و التي تحولت فيما بعد هذه الصفعة الى شعار و أهزوجة يتغنى بها الثوار الذين اخذوا يهتفون ” طراك الطك شعيل دوخ لندن بيه ” أي ان الصفعة التي صفعها شعلان للجنرال البريطاني اهتزت لها لندن.
فهل فهمتم المعنى يامستحمرون ؟.
صباح الموسوي
كاتب احوازي
21/12/2008