((مابين السطور)) بقلم ///// سعيد موسى من المتعارف عليه علميا سواء, في الشأن السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي, وفي حال أردنا تفسير ظاهرة ما, تكون الظاهرة محل الدراسة والتحليل بمثابة حدث أو سلوك أو مستجدات,خارجة عن النص وعن المألوف, والنص في المسرح السياسي يختلف عن باقي النصوص الاجتماعية والاقتصادية وان كان مرتبطا بها إلى حدا ما بالتابع والمتبوع, ففي حال بروز سلوك شاذ عن قواعد اللعبة السياسية خارج حدود المتغيرات المسموح بها تكتيكيا, أو مزيدا من التجاوز إلى خطوط الطول والعرض المسموح بها على مضض,وصولا إلى التجرؤ على محرمات الثوابت من قواعد اللعبة السياسية, فبديهي أن تُستنفر القوى المهيمنة على قدر اللعبة السياسية تفعيل قوانينها المتحكمة بحفظ التوازنات الإقليمية والدولية, على معايير الإرث الاستعماري والمصالح الدولية, بعيدا عن موازين الحق والباطل, والعدل والظلم, ليس لهذه الكلمات الجوفاء وجودا إلا في دساتير الضعفاء, وعند بروز خلل ما في المنظومة القابضة لقوانين الكون السياسي, فالأمر يستدعي قبل انتظار سلوك رؤوس الهيمنة وأرباب الموروثة السياسية, إلا أن نقوم بقراءة الحالة الشاذة وان سماها البعض حقا من خلال دستوره الصغير الخاص خروجا على المواثيق والنظم السائدة, ولن تكون تلك القراءة كما يعتقد البعض بوصف الحالة خبريا, أو حتى تفسيرها بقصر نظر وفهلوة كتابية, إنما يتم قراءتها بعمق خاصة وان كان الخروج عن النص السياسي في سلوك يستدعي استنفار الأدوات والقوانين الإستراتيجية العليا وما يتبعها من أحكام ثواب وعقاب, لإعادة الأمور إلى نصابها, فتتم القراءة من منطلقات النظريات السياسية الخاصة بالنظام الدولي والإقليمي القائم على نظرية الهيمنة والقوة التي تضمن أكثر من مجرد الاستنفار حسب تقدير وتقييم حالة الخروج عن النص ومخاطر التجرؤ على ثوابت اللعبة السياسية, ومن ثم يسار في عمق القراءة إلى بديهيات سلوكية كردة فعل سريعة أو بطيئة لحالة الخروج عن المألوف السياسي, وربما يتطلب الأمر جلب الحالة الخارجة إلى قفص الاتهام في بادئ الأمر غيابيا, وصولا إلى إجراء جراحة قيصرية أو طبيعية ميدانية إذا تطلب الأمر. وعليه فان النظام السوري من السابق إلى اللاحق, سواء في عهد الراحل حافظ الأسد أو الوريث السياسي الرئيس بشار الأسد, حيث ثبات الموقف السوري على خارطة الصراع العربي_الإسرائيلي, بالحفاظ على حالة الحرب مع الكيان الإسرائيلي, وان تغيرت الطرق من الصدام المباشر حتى حرب أكتوبر 73 , ومن ثم من خلال التواجد السوري القوي في لبنان ودعم حزب الله والفصائل الفلسطينية الراديكالية” التي تؤمن وتعمل للتحرير بواسطة القوة دون اعتماد أيدلوجية التسوية”, فباتت سوريا وفي ظل اختلال موازين الصراع وسقوط ركائزه بعد كامب ديفيد, من غير المنطقي أن تنتهج الصدام المباشر الرسمي مع الكيان الصهيوني , لان الأمر يعني في ظل معادلة التوازن الدولي القائم على اختلال التوازن والحفاظ على هذا الاختلال لصالح الكيان الإسرائيلي في القانون الدولي الفعلي المنبثق من إستراتيجية التسوية, يعني بمثابة تفرد بسوريا وانتحار غير محسوب, فعمدت إلى العمل من خلال اذرع المقاومة الموالية للنظام السوري سواء اللبنانية منها أو الفلسطينية, وحُيدت جبهة الجولان المحتل من ظاهرة المقاومة الرسمية أو غير الرسمية, وهذا بحد ذاته ينطلق من حسابات سورية ربما تكون صائبة في قياس الربح والخسارة , والسلوك والنتائج, وفق المعادلة السابقة. وعندما تم انتهاج قانون التسويات واعتماده دوليا, لإنهاء الصراع العربي_الإسرائيلي, وتسبب كامب ديفيد بسقوط ركائز الصراع القومي أو الجماعي, وانفراط عقد العمل العربي العسكري المفترض, وقد باتت الحروب الرسمية شبه مستحيلة, وانتهج ماهو اشد منها صرامة على دولة الاحتلال الصهيوني, حيث حروب المقاومة والاستنزاف, وتبين أن النظام السوري سابقا ولاحقا يقف بقوة خلف اختلال موازين اللعبة والمنتظر من تحديد مسارها, كان كتحصيل حاصل أن تشهد الساحة العملية عقوبات مباشرة وغير مباشرة, وتغليف تلك العقوبات بمغلفات شتى تارة باسم استقلالية الأرض والقرار اللبناني, مما عرض سوريا إلى ضغوطات كبيرة أجبرتها على عدم معاكسة التيار الجارف لان التابع أعظم, واضطرت إلى الرحيل عمليا عن الأرض اللبنانية, واستمرت دمشق في دعم الموالين لها على المستوى السياسي كأقطاب في النظام السياسي اللبناني المتفسخ, ودعم الذراع الضارب في الجنوب اللبناني بكل ما أوتيت من قوة , في محاولة للخروج عن نص التسوية الذي لن يعيد لها الجولان كاملة, وينزع منها نوط التفرد بحالة الصراع الحقيقي مع العدو الإسرائيلي, فكان الأمر يتحدث بصوت الذات أن لولا سوريا دون الخوض في تفاصيل, ماكانت قوة حزب الله بهذا الزخم الذي هز أركان المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية. وعليه ومع ازدياد الإحلال السياسي على حساب الصراعات العسكرية, وتثبيت هذا النهج ليدخل ضمن منظومة القوانين الدولية حسب دستور الأقوياء المهيمنين على النظام, فان سوريا تعتبر خارجة ومتمردة على المألوف القائم على عدالة الظلم وإقرار نظرية الباطل كقانون للمرحلة, فازداد الضغط على سوريا لتقليم أظافرها القادرة على خربشة فلك النظام السياسي الحديث بواسطة فعالياتها المستترة في لبنان وحديثا في فلسطين, تم الضغط على النظام السوري وكأنها رغبة لبنانية صرفة, بإقامة علاقات ندية طبيعية مع الدولة الجارة لبنان المستقلة, أي تجريد سوريا من
أدوات لعبة الصراع وانتزاع تأثيرها القادر على سحب البساط من تحت أقدام أرباب الاستقرار وفق نهج التسوية والسلام الحديث, وهنا يكون الأمر بالنسبة لسوريا كمن يحشر في الزاوية التي لا تتمنى, حيث أن الأمر وصل بين سوريا ولبنان وعلى غير رغبة معظم اللبنانيين كما يدعون, إلى حالة فريدة من الاندماج والتكامل ما يهدد بطمس استقلالية لون القرار اللبناني وتبعيتها السياسية المطلقة للنظام السوري, وفي الحقيقة وكما قلنا عند القراءة الحقيقية البعيدة عن العواطف والبعيدة عن أماكن تسليط الضوء على مركز الإشكال, حيث قد تكون الترجمة والقراءة والقياس قصيرة النظر, إن لم يتم الالتفات إلى المربعات المظلمة والتي يدار فيها طبخ العلاج لكينونة الصراع وقلبه إلى صراع سياسي مع الكيان الإسرائيلي, حيث لايكون الإشكال سوريا لبنانيا وان بدا كذلك, لكن وضع المسالة في هذا الإطار إنما هي ذر للرماد في العيون, والحقيقة تكمن في دفع سوريا إلى قدرية التسوية كبوابة استقرار للنظام السوري انطلاقا من أنصاف حقائق, وأشباه شعارات العدل, بالوعد والثواب بإعادة أراضي احتلت عام 67 , والبديل عقوبات لها ألف لون ولون وفق محرمات الخروج عن فلك التوازن الصراعي القائم على اللاتوازن والاختلال لصالح الكيان الإسرائيلي, وسوريا ربما تكون آخر الركائز المطلوب سقوطها بقوة,. وفق الإستراتيجية الكبرى القائلة بان”لاحرب دون مصر ولإسلام دون سوريا” ومازال النظام السوري بهذا الاتجاه رغم معرفته بان قواعد اللعبة العربية الرسمية العسكرية سقطت إلى غير رجعة على المستوى الرسمي, وبدأت تراهن أو تناكف لاستعادة الحقوق المغتصبة,. على مستوى اللعبة المستترة العسكرية الاستنزافية الغير رسمية, دون تورط مباشر للسلاح أو الأشخاص بالجنسية السورية, وقد نجحت سوريا وبرعت إلى حد ما في إدارة الصراع وفق هذه الرؤيا إلى وقتنا الحالي, ولم تغفل سوريا شدة الهجمة وإمكانية التفرد بها بعد إسقاط النظام في بغداد بواسطة تكالب كل قوى الشر وزيف الادعاءات والمبررات, وان كل مادار هناك ينطلق من إستراتيجية إنهاء الصراع العسكري مع الكيان الإسرائيلي, وجلب أنظمة قادرة حسب الرؤيا الغربية على استبدال أيدلوجيات وأدوات الصراع, فقد ازداد سير دمشق مع التيار الجارف, في اكبر عملية مفاوضات وان كانت غير مباشرة بواسطة الوسيط التركي وبوكالة ودعم غربي منقطع النظير, وسواء وصلت تلك المفاوضات إلى نقاط التقاء أو خلاف إلا أنها بدأت ولإيراد لها إلا نهاية تسوية وفق الأيدلوجية الإستراتيجية العالمية الجديدة. ولكن الجديد في إطار مزيدا من الضغوطات على النظام السوري, الذي يخطو خطوة صوب التسوية ويتراجع خطوات, بان لوح بمحكمة الجنايات الدولية , التي جلبت للعمل الفعلي في الجوار السوري, للتحقيق في جريمة اغتيال الرئيس اللبناني/ رفيق الحريري, ولا اعتقد أن أحدا يخفى عليه بان تلك المحكمة ستنطلق من لبنان صوب دمشق تحت طائلة القانون الدولي, لابل تحت طائلة أدوات القوة السياسية والعسكرية للقانون الدولي, حيث تفويض مجلس الأمن وتحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة, والمطلوب مزيدا من الزحف صوب هامش حرية القرار السوري السياسي , ولا اشك لحظة واحدة دون تبرئة احد, بان الهدف ليس إظهار العدالة ومعاقبة قتلة الشهيد الحريري, وإنما النيل من النظام السوري, حيث أن البداية ستكون بمستويات سياسية عليا في لبنان مطلوبة للتحقيق الإجباري, امتداد سريع إلى دمشق لتطال صعودا من أسفل الهرم السياسي وصولا إلى قمة الهرم, هذا يسير بموازاة استجابة دمشق للسير على صراط التسوية وعدم الشذوذ الفردي عن قاعدة الإجماع فيما وصلت إليه إعادة صياغة معادلة الصراع, وأي عناد غير محسوب سوف تكون عواقبه على النظام السوري وخيمة وفق قانون الظلم الدولي العادل كقانون للمرحلة, ووفق معادلة الصراع سيكون سلوك المحكمة الدولية للأمام أو الخلف, لان إعادة قوانين اختلال التوازن والهيمنة الغربية وامن الكيان الإسرائيلي أهم بكثير من دم الحريري, وما قضية اغتيال الحريري والمحكمة الدولية إلا بمثابة حصان طروادة بهدف ذات راسين للإطاحة بإحداهما وتثبيت الآخر, فإما مسار المفاوضات ونفض اليد من دعم حزب الله والتنظيمات الفلسطينية ذات المقر القيادي السوري والابتعاد عن لعبة الصراع الإقليمية والانجرار خلف إيران, وإما محاولة قوية للإطاحة بالنظام السوري واستجلاب نظام خدام,ورحم الله الحريري وقد حققت محكمة الجنايات الدولية مرادها الحقيقي, لان المحاكمة للخروج عن نص لعبة الصراع وما طرأ عليها من ثوابت المستجدات بعد تغيير أوراق المتغيرات. بل ماهو أكثر وأقوى حداثة , على سلم الترجمات والتفسيرات والقراءات, للخروج على نص الصراع ومستحدثاته وإحداثياته, هو وبعد العدوان الصهيوني المدعوم غربيا على سوريا جوا وبرا حيث عمق الشمال الشرقي السوري, وقصف موقع ومنشأة قيل عنها أنها مفاعل نووي طور الإنشاء, وقيل معامل أسلحة بيولوجية أو كيميائية, بل والتجرؤ الصهيوني على عملية إنزال في العمق السوري حيث موقع الاشتباه والادعاء بطريقة القرصنة للاستيلاء على بعض المعدات من مكان الاعتداء, ومن ثم بداية الحدوثة النووية السورية بعد الانتهاء من الحدوثة النووية العراقية, واليكم بالمقارنة تخيل سحب جزء من الحالة العراقية على الحالة السورية, ولا يغرنكم تغير الإدارات الأمريكية أو الغربية, فإستراتيجية معادلة الصراع هي ثوابت اكبر من أن يستطيع العبث بها رئيس أمريكي جديد محاط بقوى تستطيع إرباكه وتدمير حيا
ته السياسية فيما لو حاول المساس بجذور لعبة الهيمنة والصراع والتوازن القائم على اختلال التوازن لصالح الكيان الصهيوني, وعليه وفي قراءة عميقة ودقيقة وبرجماتية, ليس مستغربا ماصدر مؤخرا عن وكالة الدولية للطاقة الذرية وحسب ماتناقلته الأخبار عن تهديد ووعيد السفير الأمريكي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية”I AEA ” غريغوري شولتي: حيث إعطاء مهلة لسوريا حتى مارس (آذار) المقبل، للتعاون مع التحقيق الذي فتحته الوكالة في نشاطاتها النووية, وهذا التاريخ يرمز لموعد اجتماع أمناء الوكالة المقبل في فينا,((( وقال شولتي في حديث خاص نشرته لـ«الشرق الأوسط»، انه إذا استمرت سورية ترفض التعاون مع طلبات الوكالة بالسماح للمفتشين الدوليين بزيارة مواقع أخرى يعتقدون أنها على علاقة بموقع كبر في الصحراء الشرقية، واستجواب أشخاص معينين، فان الوكالة «سيكون لها رد فعل سلبي وستبدأ بطرح أسئلة جدية»، في اجتماعها المقبل في فيينا. وشدد على أن رفض سورية التعاون مع مفتشي الوكالة «لن يمر بدون عواقب». واعتبر أن قصة سورية عن موقع الكبر للتغطية قائلا «إن «السوريين لم يوفقوا جدا بهذه القصة((( وفي ذلك إشارة ودلالة واضحة لربط هذا الملف سواء أكان حقيقة أو ادعاء, بضرورة ترسيخ مبدأ العقاب والثواب اقتراب أو ابتعاد عن التعاطي مع ملف الصراع ومستحدثاته, ولا أسهل من الادعاء بمخالفات لسوريا كما كانت للعراق, وبتقديم قرائن مزورة من اجل الولوج واختراق الهرم السياسي السوري وخلق بلبلة وإرباك مابين مدعي للحكمة والعقلانية لتفادي الصدام مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيما لو ركبي النظام السوري رأسه لمنع فرق التفتيش من أداء مهامها السياسية الغير حرفية عكس حقيقتها, وما بين فريق يعتقد انه الوحيد الذي يرى أصول اللعبة الأمريكية بل الغربية القذرة الهادفة إلى اختراق النظام السوري عن قرب وخلق محاور تحت سقف فرق التفتيش لإضعافه وإرغامه على قبول املاءات التعقل حيث قبول برجماتية التسوية الجارفة وإلا فالبديل بديل نظام وزعزعة استقرار وفتح ثغرات خطيرة في العمق السياسي والاجتماعي السوري تحت سقف ورعاية لجان حقوق الإنسان بجانب لجان التحقيق في قضية اغتيال الحريري وكذلك لجان التفتيش والاستجواب والتحقيق في نشاطات سوريا النووية, والتي ستطال جميع القصور الرئاسية وجميع المواقع العسكرية التي يعتقد أن بها أسلحة تحمل مفهوم محرمات أوراق المفاجآت العسكرية في حال شن الكيان الإسرائيلي أي عدوان, بمعنى أن كل مبررات فرق التفتيش وفرق الاستجواب التي ستغزو دمشق بقرارات من مجلس الأمن وربما عدم معارضة من يعتقد أنهم حلفاء شرقيين مثل روسيا والصين, عندها سيكون الموقف السوري غاية في الحج والسوء, وما لا يمكن تحقيقه بالترغيب سوف يتم تحقيقه بالترهيب وإلا فانه ووفق معادلات الصراع الحديثة المسيسة فان النظام السوري سيكون في مهب الريح, بمليون حجة لا أول لها ولا آخر وأهمها دعم مايسمى بالإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان ومحاولة امتلاك الأسلحة النووية والكيميائية والتدخل في الشأن السياسي اللبناني والفلسطيني في مواجهة سياسية وعسكرية غير مباشرة مع الكيان الإسرائيلي وحلفاءه, ولا اعتقد أن سوريا ستستطيع مواجهة هذا الطوفان من العدالة الدولية الباطلة بمجرد الرفض والعناد, فالتيار سيكون جارفا وسوريا وان ادعت دول أخرى مساندتها فعمليا ستكون وحيدة في الميدان وفي مواجهة العدوان, وتبقى سوريا بين مطرقة المحكمة الدولية والوكالة الذرية, وبوابة الخلاص التسوية السياسية. [email protected]