خالد منصور
تدور في طول البلاد وعرضها معارك ضارية بين جماهير شعبنا الفلسطيني وبين قطعان المستوطنين الصهاينة.. معارك شرسة يواجه فيها شعبنا جيشا حقيقيا من غلاة المتطرفين، الذين اعدوا العدة تماما تدريبا وتسليحا، وأكملوا بناء تنظيماتهم الإرهابية، وأعلنوها حربا ضروسا ضد كل ما هو عربي في هذه البلاد.. ضد البشر والشجر والحجر.. يهاجمون في الليل والنهار.. يستهدفون القرى والممتلكات من الحقول والكروم.. يغلقون الطرقات ويطلقون الرصاص والقنابل والصواريخ.. يجتاحون المنازل والضواحي والأحياء.. يحرقون ويدمرون.. يقتلون ويجرحون.. والهدف واضح جلي معلن– لا التباس فيه– وهو طرد العرب نهائيا من هذه البلاد، والاستيلاء على كل شبر فيها، بدعوى إنها ارض الميعاد، وان لهم فيها حقوق تاريخية، مسلحين بفتاوى حاخاماتهم الأكثر منهم جنونا وكرها وحقدا على العرب، محميين بجيش دولة الاحتلال واحة الديمقراطية المزعومة، وبسكوته وغض طرفه عن جرائمهم في غالب الأحيان، ويؤازرهم في أفعالهم اليمين من أحزابهم الصهيونية– توافقا معهم من جهة– ومن اجل نيل أصواتهم في الانتخابات المقبلة من جهة اخرى..
ومع انشغال قادته في صراعاتهم الداخلية، وفي حروبهم اللا وطنية– بحثا عن شرعية ليست أكثر من صورية.. ينشغل شعبنا في المعركة الأكثر قدسية، قليل العدة والعتاد، وظهره مكشوف بلا إسناد.. يصمد شعبنا في الحرب الشرسة صمودا أسطوريا، مسلحا بالكثير من الإيمان بحقه الأبدي في هذه الأرض، وبالقليل القليل مما يتلقاه من الدعم من قيادته الرسمية وقيادة تنظيماته السياسية، يواجه كل يوم وبصدره العاري أفظع الجرائم، يتصدى ويقاوم ويدافع عن حقه في البقاء وعن حق أبنائه في الحياة..
صحيح أن إنهاء حالة الانقسام مهمة يجب أن تحشد لها أعظم الجهود– لما باتت تشكله من خطر على مجمل مشروعنا الوطني– والواجب يفترض بكل المخلصين أن يواصلوا الليل بالنهار لجمع الكل الفلسطيني على طاولة الحوار– بدون أية شروط مسبقة.. لكن الواقع يقول غير ذلك، حيث أن الجزء الأكبر من جهود معظم المنخرطين في الصراع الداخلي لا تحشد لإنهائه… بل لتزيده اشتعالا ولترسخ جذوره إلى الأبد..
وفي المقارنة بين ما يحشد من جهود وطنية لمواجهة حرب المستوطنين، وما يحشد من جهود في صراعاتنا الداخلية، يتضح بجلاء أن ما تحشده قياداتنا الرسمية وقوانا الوطنية من جهود ضد الاحتلال والمستوطنين– لا يشكل أكثر من 10% مما تحشده نفس القوى في صراعاتها الداخلية.. الأمر الذي تظهر نتائجه على الأرض من ضعف في حركة التصدي والمقاومة لجرائم المستوطنين ولممارسات جيش الاحتلال.. بل وتترك الجماهير الشعبية وحدها لتخوض معاركها في ساحات الشرف ضد اخطر المخططات الصهيونية– التي تتصاعد يوما بعد يوم.. والمخجل حقا أن القيادات تكتفي أحيانا بالثناء على ما تفعله الجماهير ولجانها الشعبية.. وأحيانا أخرى تذهب لتشارك في فعاليات يكون الهدف منها اخذ الصور التذكارية.
ومن اجل تصويب المسار.. يصبح من الضروري إعادة طرح السؤال التاريخي على كل فلسطيني– أي المعارك أنبل وأي الساحات اشرف.. أهي ساحة الصراع الداخلي، التي أنهكت الجسد الفلسطيني وأدمته.. أم هي ساحة الصراع مع المحتلين ومستوطنيهم، دفاعا عن الأرض والوجود..؟؟ وفي أي جبهة يجب أن يكون الفلسطيني الحر الأصيل..؟؟ والجواب الذي من المؤكد أن ترد به الغالبية من الجماهير الشعبية، وكل فلسطيني مخلص لقضيته، هو أن ساحة الشرف الرئيسية هي ساحة الصراع مع المحتلين.. وان قائمة الشرف هي القائمة التي تحوي أسماء المنخرطين في ذلك الصراع.. لا قائمة المنخرطين في الصراع على الشرعية الهزيلة وعلى المراكز والنفوذ.
وبناء على ذلك الجواب اطرح السؤال الآخر.. هل سجلت نفسك أيها الفلسطيني في قائمة الشرف.. هل انخرطت يوما في واحدة من فعاليات المقاومة الشعبية.. هل شاركت في التظاهرات والاعتصامات وأعمال الاحتجاج ضد الجدار والمستوطنات وضد حواجز الموت البطيء وفي التصدي للهجمات التي يشنها المستوطنين لسلب وتهويد ما تبقى من الأرض الفلسطينية..؟؟ هل انخرطت في لجنة شعبية في قريتك أو مخيمك أو مدينتك.. لتقدم لوطنك وقضيتك جزء من جهدك..؟؟
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في محافظة نابلس
مخيم الفارعة
11/12/2008