جاسم الرصيف
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدّ الأحذية
ـــــــــــــــــــــــــ
من البديهيات في عالم العمالة أن يوظّف رب ّ العمل أحدا ، تخلّى كل كل القيم ، ليحميه إمّا يتوفير المعلومات عمّن يعتبرهم رب ّ العمل أعداء له ، حتى لو كانوا من ذوي المرتزق فاقد القيم نفسه ، أو ليحمل السلاح دفاعا عمّن إستأجره ضد أيا كان ، حتى لو كان من ذوي حامل السلاح الأجير ،، ويوجز الحالتين مايراه المراقب في عراق اليوم ، حيث تتألق الحالتان في حلّة المضبعة الخضراء على أوضح الصور .
قبيل غزو العراق درّبت إدارة عميد تجار الحروب الخاسرة ، مجرم الحرب بوش ، عراقيين وايرانيين واكرادا من الفئتين المذكورتين في معسكرات في اوربا لأداء وظيفة مصدات محلية إستصحبتها على دباباتها الغازية ، و ( أبدعت ) هذه المصدات في أداء دور ( حصان طروادة ) العراقي حتى وصلت بغداد ، وروّجت ( لديمقراطية ) ولحياة ( سعيدة ) ستكون ( مثالا ) في الشرق الأوسط ، حتى ان بعضهم ( بشّرنا ) بيابان جديدة تبين فيما بعد أنها هيروشيما بثوب ووجه جديد في مستهل هذا القرن .
ومع ان هذه المصدات إتسعت ، وازداد ( حصان طروادة ) سمنة من علف العراق ، حتى أن نوري المالكي تباهى قبل أيام بأن عديدها تجاوز المليون ، ومع عديد قوات الغزو الأجنبي المسلحة وغير المسلحة صار عديدها اكثر من مليون ونصف ، الا ّ أنه وثق صراحة بتباهيه هذا أبشع نسبة من رجال الأمن المسلحين قياسا الى عدد المواطنين العزل من السلاح ، في أبشع دكتاتوريات الأرض ، تكاد تصل رجل أمن مسلح واحد لكل ( 20 ) مواطن ، حتى لو كان طفلا رضيعا ، ولكن كل هذه المصدات الماشرة وغير المباشرة عجزت عن حماية المضبعة الخضراء من المدّ الوطني الرافض للإحتلال وتبعاته .
حسنا !! .
هل رأيتم نوري المالكي في لحظة إطلاق فردة الحذاء الثانية نحو مجرم الحرب بوش ؟!. حاول الرجل بكل أمانة صد ّ فردة الحذاء . تلقفها بحذاقة لاعب ماهر ، جيّد التدريب ، وجيّد الأداء ، ووضعها كأي مستمسك ( إرهابي ) هام على المنصّة ، لذا ذكر بوش أن القذيفة : عراقية وطنية من عيار ( 44 ) عابر للقارات، معنى ومبنى ، او نمرة ( 10 ) تدمير شامل هادر للعنجهيات ،، ومن هنا إستعادت ( القنادر ) أبّهتها مع بعض معانيها ووظائفها المنسية ، وهي تقذف ، وهي تصد ، عبراعلام ووعي العالم كله .
أدّى نوري المالكي واجبه ، إذن ، كمصد أحذية عراقية بإمتياز يحمد عليه أمريكيا ، وفاء عمّا أتاحه له رب ّ عم
له الآيل نحو نهاية خدمته ، بعد أيام ، في زيارته ( الوداعية ) المفاجئة الأخيرة التي نال فيها أكبر مفاجأة تأريخية ، لن ينساها حتى في قبره لأن التأريخ لن ينساها قط ، مثل حذاء خروتشوف ، او حذاء أبو القاسم الطنبوري في حكاياتنا الشعبية ،، ولكن نوري المالكي لم يتلق حمدا من شريف عراقي واحد ، مذ جاء على دبابة غزو اجنبية حتى اليوم ،، ولكأني بقبيلة بني مالك العربية أصيب بكارثة تأريخية فيمن يستعير اسمها لقب خيانة له وحده .
وأراهن أن جلال الطالباني والحكيم والهاشمي والبرزاني والمشهداني والدليمي ، وكل اصحاب الصحوة والغفوة ، ومن معهم في المضبعة الخضراء ، قد حسدوا نوري على براعته وجودة أدائه لواجبه الإرتزاقي كمصد أحذية ذودا عن ( المحرر ) ، ( هدية الله ) ، كما يقول الطالباني ،، وقد تحل بالمسكين نائبة من شدّة الحسد من رفاقه في سلاح مصدّات الأحذية ،،
ولكن رهاني أن المفارقة الكبرى قد وقعت بين الورود التي رشها سلاح مصدات الأحذية على أحذية الجنود الغزاة يوم وصلوا العراق ، في مبناها ومعناها ، وبين مبنى ومعنى قصف منتظر الزيدي لمجرم الحرب بوش بفردتي حذائه ، وفي زيارته الوداعية المفاجئة الأخيرة ، وبعد اكثر من خمس سنوات من عمر الإحتلال ،، لأن التأريخ سيقارن من المبنيين والمعنيين ، بين مصد أحذية ، وبين قاذف حذاء .
يقول المنطق : لاتقف بين الرامي والهدف .
ويقول عراقيو اليوم : لاتقف بين ( القندرة ) والهدف .