التعبير عن وجهة النظر لا يتأتى دائما بالكلمات ، لكنه يتأتى ـ وينبغى أن يتأتى ـ بما يناسب المقام من وسائل التعبير، …قد يكون التعبير بأداة معينة، تعبيرا موفقا إلى حدما فى بعض الحالات وقد يكون بليغا جدا فى حالات أخرى (كما فى حالة منتظر الزيدى ) … وقد يكون بعيدا تماما عن التوفيق فى حالات ثالثة …وفى جميع الحالات يكتسب التعبير مصداقيته مما يحيط به من الملابسات وما يعقبه من الأصداء !!، حقا قد تتباين الآراء فى تقييم ما جرى وما حدث ، ولكن التعبيرالصادق والشجاع يلقى دائما فى النهاية ماهو جدير به . التعبير الصادق هو الذى تتجاوب معه القلوب حتى وإن كانت هناك بعض الأصوات التى لا يخلو منها أى زمان ومكان تحاول لسبب أو لآخر أن تلقى عليه ظلالا من الشك أو التشكيك ، تلك الأصوات التى تؤثر دائما لسبب أو لآخر أن تقف إلى جوار الباطل أو تداهنه على حساب الحق الواضح، ….التعبير بالأداة المناسبة المعبرة عن مشاعر الناس هو الذى يفوز بإعجاب الناس بغض النظر تماما عما إذا كان ذلك التعبير معتمدا على الكلمات أو غير معتمد عليها !!، أما التعبير الذى يتصادم مع مشاعرالناس فهو الذى يحظى دائما بازدرائهم بغض النظر أيضا عما إذا كان معتمدا على الكلمات أو على سواها … وعلى سبيل المثال فإن وزير الداخلية الأسبق زكى بدر ـ رحمه الله ـ كانت له وسيلة شهيرة للتعبير عن وجهة نظره ، وكانت تلك الوسيلة تتمثل فى عقف الإصبع الوسطى والتلويح بها جيئة وذهابا فى وجوه المعارضين الوطنيين!! ، وقد كانت أغلبية المصريين يرون فى تلك الوسيلة أداة بذيئة من أدوات التعبير تثير من الإشمئزاز أكثر مما تثيره من الإستحسان، وإن كان هذا لا يمنع أن نسبة لا يستهان بها من أعضاء الحزب الوطنى كانوا يصفقون للوزير الراحل فى المحافل العامة كلما عمد إلى التعبير عن وجهة نظره فى أمر ما بطريقته المعهودة أى طريقة عقف الإصبع الوسطى والتلويح بها( وهى الطريقة التى أفقدته منصبه فى نهاية المطاف عندما استمرأ التصفيق وتجاوز الحدود ).. ونعود إلى الطريقة التى اختارها الصحفى العراقى منتظر الزيدى للتعبير عن وجهة نظره فى المجرم السفاح جورج بوش الذى خدع شعبه بمعلومات كاذبة لكى يحصل منه على تفويض بغزو العراق، كما تجاهل إرادة ومصالح العالم العربى بالكامل عندما أقدم على غزوه البربرى لهذا الجزء العزيز من الأمة العربية، فضلا عن تجاهله لإرادة الأغلبية الغالبة لمعظم شعوب العالم ، نعود إلى طريقة الزيدى المتمثلة فى القصف بالحذاء أو بالتعبير العراقى : ” الكندرة “، لكى نقول إن مثل ذلك السفاح المتوحش بوش لا يتناسب معه حوار بالكلمات ، ومثل ذلك السفاح لا يقع على أى إنسان أى التزام أخلاقى بأن يتعامل معه طبقا لما يقضى به القانون أو البروتوكول ، لأنه هو نفسه لم يحترم فى غزوه للعراق أية قوانين أو أعراف أو بروتوكولات ، وجاء إلى العراق لكى يزوره على رفات نصف مليون شهيد عراقى من ضحايا حربه الظالمة!!! ، وحتى إذا افترضنا جدلا أن الصحفى العراقى قد عبر عن رأيه بطريقة غير لائقة ( رغم أنها لائقة جدا بجورج بوش ) .. إذا افترضنا هذا جدلا فما هى العقوبة التى يفرضها القانون ( أى قانون فى الدنيا ) …على التعبير عن الرأى بطريقة غير لائقة ؟؟… إن الجريمة الحقيقية التى لاشك فيها فى واقعة الزيدى هى ذلك الضرب المبرح الذى تعرض له منتظر الزيدى على أيدى كلاب السلطة العراقية الراهنة ، وهو ضرب ألحق بالزيدى أضرارا بدنية جسيمة فى حين لم يلحق بجورج بوش أى ضرر بدنى على الإطلاق حيث استطاع أن يتفادى ضربات حذاء الزيدى ببراعة شديدة تدل على أنه مدرب تدريبا جيدا على تفادى ضربات الأحذية !! … إننى أطالب الأحرار العراقيين، وأعتقد أن الكثيرين يشاركوننى فى هذا المطلب بأن تصبح محاكمة أولئك الخدم المجرمين الذين اعتدوا على الزيدى، أن تصبح فى مقدمة المطالب والأولويات الوطنية العراقية فى أقرب يوم تصبح فيه السيادة على العراق فى أيدى أبنائه العراقيين .