ذ.محمد زمـــران
لاأظن أن الفعل الذي أقدم عليه الصحافي العراقي منتظرالزيدي مؤخرا يمت لمهنة المتاعب بصلة، أويعد سابقة من نوعها، لأنه بحدثه المثير هذا قد خرق القواعد الأساسية للمهنة، وذلك لما سمح لنفسه ضدا على قانون الصحافة بتقمص دور المحارب، رغم أن واجبه كرجل إعلام يحتم عليه العمل على نقل الوقائع والتعليق عليها، وكما جاء في عنوان هذا المقال: سلاح الصحافي قلمه وليس حذاؤه، فكان الأجدر بالصحافي المعني أن يحرج الرئيس الأمريكي بسؤال غريب تجعله كلماته المستفزة التي تحث على توثر الأعصاب يفقد توازنه ويشعر فعلا باهانة وبإحراج كبير أمام العالم، كما يدفعه في نفس الوقت إلى الندم على ما اقترفه في حق العراق والعراقيين، لا أن يهجم عليه بحذائه الذي للأسف مع كل تلك الجرأة لم يصب الهدف.
سوف يقول البعض بأن الصحافي المذكور فعل ذلك من قناعته بأنه مواطن غيور على بلده يكره بوش، ومن من العرب من لايكره بوش والذين يدورون في فلكه، ولكن الأمور لاتعالج بهذا القدر من الجهل، وعلى سبيل المثال فلو قام بما قام به الزيدي رجل آخرأمي لسلمنا بذلك والتمسنا له العذرعن جهله وعدم درايته بالقانون، لأنه كما هو متعارف عليه بأن قوة الجاهل في يده، بخلاف أن الإنسان المثقف ولاسيما الصحافي الذي يعد ضمير الأمة فقوته تكون لامحالة في أسلوبه المتمدن والحضاري ومدى قدرته على مضايقة الآخرين بأسئلته المقلقة في حواراته، بعيدا عن العنف، وواهمون الذين هللوا وطبلوا للحدث الذي تراءى لهم وكأنه من شيم الشهامة والشجاعة، بيد أن ذلك أصبح وصمة عار على جبين كل أمة الصحافيين في هذا العالم، وخصوصا منهم أبناء الوطن العربي، وعلى اثر ابتهاج بعضهم بأن الحذاء أصاب العلم الأمريكي، أقول ماالضرر في ذلك، وماذا سيصيب بوش من جراء هذا الحدث، فالعلم الآمريكي داسته مئات المرات أقدام الفلسطنيين وغيرهم ولم تتغير الخطط ولا الأوضاع ، وعلى سبيل هذا تحضرني طرفة مغربية: ” دخل لصوص إلى أحد المنازل ليلا قصد السرقة ولما أحست الزوجة بهم سارعت إلى تنبيه زوجها ودفعه إلى منعهم، ومن فرط جبنه دعاها للنوم حتى يذهبوا، لكن غيرة الزوجة على بيتها دفعتها إلى مقاومة اللصوص الذين اضطروا للفرار دون الحصول على شيء، ولما أخبرت الزوجة زوجها بالفعل، قال لها وهو في أعلى درجات الزهو: ( كنت كانقلز ليهم من تحت المانطة ) “
ترى ماذا يفيد فعل الزوج اتجاه لصوص كان هدفهم إما الموت أو القتل أو الظفر بالغنيمة .. ولعمري لو كان بمقدور حذاء الزيدي الذي ذهب بعضهم إلى تقديسه وجعل ثمنه الخيالي يدخل سوق المزادات أن يقلب الموازين أو يفسح المجال ليحط النصر على بلاد الرافدين .. النصر الذي انتظره الجميع بفارغ الصبر وذهبت من أجله ألاف الأرواح البريئة، ولو استعان العرب ومن يتعاطف معهم بمصانع الكون كلها المختصة في صناعة الأحذية، لا يقوون على تغيير قيد أنملة مما يعيشون فيه من احتلال وويلات ودمار وخراب، وحبذا لو كان الحذاء يجدي في غير مهمة واحدة ألا وهي ( تلغاج المرأة لزوجها ) والفاهم يفهم.أنه هو فقط أصبح وصمة عار على جبين كلكك