جهاد نصره
ليس مفاجئاً ردود فعل العامة التي تصدر في اللحظة التي يقع فيها أي حدث في بلداننا اللهم إلا لمن يجهل تاريخ العرب وتاريخ ثقافتهم إنما المفاجئ يكمن في ردود فعل من يحسبون أنفسهم مثقفين فاضت ثقافتهم فصاروا كتاباً يعظون القراء ويتحفونهم بصورهم المبتسمة تصنعاً وتزلفاً..!؟
الكاتب النقدي لا تعنيه اللحظة فما يشغله هو المستقبل فاللحظة تجيِّره إلى مجرَّد موالٍ أو معارض ويدخل حينها في خانة كتاب السياسة وحينها أيضاً يكون من حق الجميع أن يرى كيف يكتب ولحساب من.؟ فالمفترض أن يبقى الكاتب النقدي عصياً على التجيِّير ففي اللحظة التي يتخلى فيها النقدي عن المسافة الواحدة التي تفصله عن المختلفين سياسياً أو مذهبياً أو عرقياً يكون قد فقد إحدى أهم المرتكزات التي تنبني عليها استقلاليته بما يعني ذلك من رسوخ للمصداقية وانتفاء للنفعية…!؟
المثقفون النقديون معنيون بعملية تفكيك بنيان الثقافة المهيمنة طالما يظهر أنها تعرقل صناعة المستقبل وهم ما إن يقوموا بوظيفتهم هذه بحسب التخصص والكفاءة حتى يجد فيهم الاستبداد بكل أنواعه خصوماً جديين أما الانشغال بما هو ليس كذلك إنما تنصرف إليه الأحزاب السياسية المنظمة وقبلها الأنظمة الحاكمة ومن لفَّ لفها من مثقفين، وكتاب، ومشايخ، وفنانين، وغيرهم…!؟ أيُّ بؤسٍ هذا الذي يكشف عنه هذا العدد الكبير من الكتاب المهرولين للقدح أو للذم إثر وقوع حدث أي حدث وليكن هذه المرة رياضة قذف الحذاء نحو الرئيس الأمريكي بوش..!؟ إنه لمن الطبيعي أن تحصل ردود فعل من كل نوع و بخلفيات متباينة عديدة عند كل حدث على أرض الواقع فكيف إذا كان من هذا النوع غير أن السؤال الذي يبقى قائماً يتحدد في: هل ستصلح هذه الردود للبناء عليها فيما يلي…!؟ لقد مرَّغ ـ أبو تحسين ـ بحذائه رأس الصنم فور سقوطه فأيُّ بناءٍ كان بعد ذلك وإلى اليوم…!؟
ولكن نعم تبقى الفائدة في مثل هذه المواقف والأحداث كبيرة فمن غير ذلك تستمر لعبة التخفي ويبقى في المشهد المقنعون، والأنصاف، والباحثون عن الرواج بكل الطرق وياما حفل تاريخ العرب بمثلهم إن المستقبل يصنعه أصحاب العقول وليس أصحاب أي شيءٍ آخر…!؟