مكي المغربي
سيكون يوم الثاني عشر من ديسمبر 2008 يوم لا ينسى في السياسة الأمريكية ، بل و في العالم كله العربي و العجمي ، الشرقي و الغربي ، سيكون اليوم العالمي لمكافحة الرؤساء الذين يحتلون أراضي الشعوب بذريعة مكافحة الإرهاب ..!
و ربما يصبح اسمه اليوم العالمي للجزمة ، أو كرنفال “الصرمة القديمة” ، و يتجمهر فيه المتظاهرون كل عام و يضربون تماثيل رؤساء الدول العظمى بالجزم ، و يا ويل الرئيس الذي يظهر في أي تجمع جماهيري ذاك اليوم و لو كان افتتاح روضة أطفال لأن المثل السوداني يقول : “قوة الجاهل هي يده” ، و يؤكد الأطباء أن الطفل ينازع بيده حتى الرجل الكبير ..!
من وجه آخر ربما يستعير الناس أغنية الفنان السوداني الراحل سيد خليفة :
يا عقد اللولي يا لولي
يابت يا حلوة يا لولي
يا حلاة الشامة في خدك
و السن بتضوي اللولي
فتصبح “الجزمة” بدلا عن الشامة ..!
و الفنان سيد خليفه أغانيه مقبولة جدا لدي الأذن العربية و كلهم ما زالوا يرددون عقد اللولي ، و ازيكم كيفنكم .. أنا لي زمان ما شفتكم ، و السامبا و غيرها ..!
الوجه الأعمق لقصة “الجزمة” يجب ألا ننساه ، يجب أن نعترف إعترافا مرا و موجعا أن هذا الصحافي ستكون أقصى عقوبة في مواجهته خمسة سنوات سجن كما رشحت الأخبار و ربما يحكم عليه بعامين مع وقف التنفيذ بعد وساطة الحكومة العراقية أو تدخل بوش للعفو حتى يكسب نسبة ضئيلة من الشعبية التي ضاعت كلها ..!
و لكن ماذا لو كانت هذه الجزمة في وجه الرئيس الراحل صدام حسين ؟! لكان الصحافي الآن إبتلع كل أحذية صدام الرئاسية حتى يموت منتفخا ، و ربما ذبح أطفاله و اغتصبت زوجته و استعبدت قريته كلها لمدة خمسة أعوام لتقوم بمهمة واحدة و هي تقبيل حذاء صدام في الغدو و الرواح ..!
لن ينجو أحد ، و سيهرب بائع الأحذية الذي اشترى الصحافي منه هذا الزوج المشؤوم ، سيهرب البائع في جنح الليل هو و أطفاله و لو لم يجد بلدا تقبله سوى الصومال ، و يا روح ما بعدك روح ..!
لقد ذهب صدام ببطشه و جبروته ، و ذهب بشجاعته و نخوته أيضا و هذا أمر مؤلم ، و لكن الحقيقة هي أن الأنظمة الديكتاتورية حتى ولو كانت وطنية قد تكون أسوء من الإستعمار في معاقبة شعبها ..!
الجدوى الأمنية لضربة الجزمة مفعمة بالإثارة و التحليلات :
لقد خضع الصحافيون لتفتيش دقيق قبل دخولهم لمؤتمر بوش الصحافي ، و هذا يعني أن الأجهزة الأمنية العراقية و الأمريكية لا تثق فيهم ، بل هي لا تثق في أي أحد ، و لو كان هذا اللقاء مع “رجال دين و قساوسة و زهاد” يدعون للسلام و العفو و المحبة لخضعوا لذات التفتيش ..!
لو كان اللقاء مع الأطفال لخضعوا لذات التفتيش ، لو اللقاء مع الجنس الثالث أو “لوبي الشواذ” المعادي لقمع التقاليد العربية له لخضعوا لذات التفتيش ، لأن أمريكا لم تعد تثق في أحد ، و لأن الحكومة العراقية بقيادة نور المالكي مثلها مثل أي حكومة جائ بها المحتل باتت تتلفت من “ظلها” و من حفيف أوراق الشجر .
الغريب أن كل هذه الشكوك في محلها و السبب هو أمر واحد .. أن الشعب العراقي يتعرض لظلم مستمر و تشفي أمريكي هستيري جراء استقلال صدام حسين بقراره عنهم عقب إنتصاره على إيران و خروجه الكامل عن الطوع و رغبته في تأسيس إمبراطورية عربية قوية تدمر إسرائيل ..!
يمكننا أيضا أن نتوقع التقرير الأمني التالي على طاولة بوش و من بعده أوباما بعد تسلمه للرئاسة “مازالت لدي بقايا شكوك” ..!
التقرير يتحدث عن أن المجتمع الصحافي جزء من الشعب الذي يضج بالإرهابيين ، و أن الصحافي حتى و لو كان مواليا للحكومة العراقية أو لو كان منضويا تحت حملات مكافحة الإرهاب و متنعما بالبعثات التدريبية و السفريات و الدولارات “تذكرون قصة الدعم الذي اتهم به سودانيين” ، ربما تعتريه “هوشة” و يتحول إلى إرهابي في أي لحظة ..!
و عند سؤال الخبراء عن ملفات الوزراء و المسئولين العراقيين أجابوا بأن هؤلاء الأفراد أيضا ربما يكنون ذات الدوافع الإنتقامية ضد الإدارة الأمريكية باعتبارها دولة محتلة ..!
و ربما يقوم وزير يوما بتصفية بوش أو أوباما أو براون أو ساركوزي في لقاء ديبلوماسي فخيم ..!
و بالتأكيد يمكن لوزير من حماس قتل رئيس الوزراء الإسرائيلي لو ظفر به في منتجع هاديء ، و سيعتقد أنه ذاهب للجنة ..!
التقرير يقول أنه لا نأمن حتى “عملاء الولايات المتحدة” المخلصين ..!
سياسيا هذه “الجزمة” نالها بوش على وجهه ، و لكنها نزلت على ظهر أوباما و صارت عبئا ثقيلا عليه ، لو اتضح أن شعاراته مجرد وعود إنتخابية جوفاء ، أو فشل في تحجيم “صقور” الإدارة الأمريكية المتغلغلين في مفاصل الدولة ..!