في اللحظة التي كنت أستمع فيها الي خبر وصول الرئيس المنصرف جورج بوش وصلني خبر اغتيال مزاحم الخياط أشهر جراحي العراق داخل الحرم الجامعي حيث يعمل عميداً لكلية الطب. بوش جاء يودع الوداع الأخير أحبابه وأصدقاءه واولئك الذين أوصلهم الي القمم السلطوية وربما يأمل في نفسه أن يحموا ظهره مغادراً، علي طريقة اذكروا محاسن موتاكم.
يذّكر بوش الزعماء العراقيين بإنجازات حقبته في العراق. وقائمته بلا شك تطول غير انها لاتتسع حتماً الي تدوين حادثة اغتيال جراح شهير لتضاف الي اغتيالات وتهجير وتدمير عاناها العراقيون علي أمل ان يكون هناك عراق آخر ذات يوم.
ربّما انتهت فترة بوش ولم تتطهر قلوب العراقيين من “الأحقاد” التي يكنونها له “زوراً وبهتاناً وتجنياً”. فالرجل اعتذر عن كل شيء. وبرغم ذلك هناك في العراق من يحقد عليه. ما أسود قلوبنا يا عالم.. الرجل اعتذر عن شنه الحرب استناداً الي معلومات مخابراتية خاطئة. واعتذر عن قوله يوم الأول من أيار عام 2003 ان المهمة انتهت لأنّه ما كان يدري أن المهمة للتو ابتدأت وربما لا تنتهي في العراق الاّ بانسحاب آخر جنوده والرجل قال انه لم يتوقع ان تستمر الحرب هذه السنوات الطويلة. وظهر الرجل لا يدري بما حصل في سجن أبوغريب والكونغرس لم يحمله أية مسؤولية وانما حملها لوزير دفاعه ساعة شن الحرب رونالد رامسفيلد. الرجل قضي أسابيعه الأخيرة يودع “اخطاء” “ما كان له دخل فيها لأنّه ببساطة لم يكن يدري … ولم يكن يتوقع… ولم يكن يقصد.. “ما أسود قلوبكم” أيّها العراقيون لا تغفرون لبوش المغادر بالرغم من انه ظهر ليس مذنباً في نظر القانون الامريكي، والرجاء أن تكفوا عن الحديث عن القانون الدولي وتكفوا “عن تسفيه” المسألة في حشر القانون العراقي بأمر الحرب وما كان قبلها وما جري أثناءها.
لماذا لا تفهمون ايّها العراقيون ان بوش لم يأت بالحرب اليكم، انما سرتم أنتم إليها، وخوفاً من ان تصلوا الي كاليفورنيا ونيويورك فقد تصدي لكم قرب البصرة والحبانية وكربلاء وبغداد. وبرغم “عدوانكم” فهو يريد أنْ يخلصكم من الحرب بالاتفاقية الأمنية السلمية وانتم تتمسكون بها. وهو يريد اقناعكم بأنّ ذبح مليون عراقي هو ثمن للديمقراطية وانتم تريدون أخذ البضاعة من دون ثمن وهذا لا يجوز. لا يجوز يا إخوان فالرجل ربما لا يدري انهم حتي كانوا يودعونه ولا يدري انه جاء الي بغداد لوداعهم.. ولا يعلم لماذا رشقه الصحفي في مؤتمر الوداع بفردتي حذائه.
اتركوه وشأنه
استحلفكم باللّه اتركوه ينصرف .. فلم يكن سوي رئيس لا يدري ولا يقصد ولا يتوقع.
لندن