لا شك أن المواقف كثيرة،بعضها مخز يحسبه أصحابه شرف، وبعضها بطولي يمجه المناوئون له،ونتيجة لتهذا التباين،وما تولده المتخاذلات الأنانيات،من سلبيات نظهر معطيات جديدة على الأرض ويحتدم الصراع بين التهافت على المصالح الخاصة والخوف على المصالح العامة ومنها، صراع قد يقع في ذاتية الفرد وبين مختلف شرائح المجتمع،فتنقلب الأمور السليمة وتضعف الذاكرة ، ويعم الملل والسأم جيوب المجتمع ،ويغيب الحق ونضيع الحقوق.
إن التحرر من الذاتية، والتجرد من الحساسيات،وقول الحق وعدم تغيير القناعات التي بات عندنا تتغير في كل يوم مرات ومرات ،يمكن فضح الأضاليل وكشف الرداءات.
قبل إن نصوب نظرتنا إلى النموذج الغريب الذي حجب شمس الجزائر في السنين الأخيرة،نورد الحكمة القائلة” العمل من غير نية صادقة عناء للفاعل ومن معه، والنية بغير إخلاص رياء من العامل لمن معه”،و هو حال المهرولين و المطبلين و المهرجين..لجان مساندة برنامج الرئيس،فيض عاتم،عباب أمواجه حجبت الحقيقة عن الرئيس وعن الشعب على حد سواء،فتدرج النغمات من الديمقراطية، إلى العفو والعفو الشامل إلى المصالحة الوطنية إلى المطالبة بالعهدة الثالثة الى الحديث عن المرشح الواحد وفبركة الدستور لحسم الأمر و الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية حتى قبل وقوعها،دليل قاطع على عدم سلامة القصد،بل وبرهان على الرياء العلني الصريح.
إن المطبلين والمهرولين المساندين، يصبحون ويمسون بالحديث عن برنامج الرئيس،وسيروا كل شيء باسمه،دون الالتفات إلى وضع المصالح العامة وطرق تسييرها،وما تشهده دواليب التسيير من فساد مالي،وندهور امني،وهبوط أخلاقي، خدماتي.
ربما ترجع أسباب ذلك إلى الخوف من عودة ماوقع في سبتمبر عام 2000م.أثناء دورة البرلمان، لما كثر النبش ولم تعد معارضة بوتفليقة من التشكيلات المعرضة فحسب بل صارت تأتي أيضا من داخل الائتلاف الحاكم؛ الأمر الذي جعل الرئيس يوجّه خطابا حادا يدعو فيه أعضاء الائتلاف إلى وضع القدمين الاثنين معا في الحكم أو في المعارضة ، معلمنا في ذات الوقت “ألا فضل لأحد عليه مهما كان، في إشارة إلى بعض أحزاب الائتلاف التي تمن عليه بتأييدها له في الانتخابات الرئاسية ذلك الخطاب الذي انتعاش مجموعات المصالح و أفراد حزب فرنسا، وتجندوا الى التكسير بدء بأحزابهم وصولا الى ضرب القيم التاريخية منها والأخلاقية.
واستهزاء بقيم الثورة ومبادئ أول نوفمبر، واستهتار برأي الشعب واحتقارا لرغباته في العودة إلى عهد العمل والرخاء والأمن،راحوا يوهمون الجماهير بأنهم جيش المهدي المنتظر ،وجندوا التلفزة الحكومية والأقلام المأجورة لتزيين الصورة،ثم ختموا عشرية من التضليل بفبركة دستور زعموا انه جاء ليحافظ على قيم نوفمبر !!! ، فلو لم تنقلب المفاهيم بالفعل، ما تمكن هؤلاء من اعتلاء مناصب حساسة يمارسون من على منبرها الرداءة ويقدمونها على أنها وطنية ،وعبقرية فكرية واخلاص منقطع النظير.
إن العمل من غير نية صادقة عناء للفاعل ومن معه ،فقد سببوا تعبا كبيرا للرئيس، وحجبوا عنه الحقائق وما ارتقب من أخطاء إلى اكتشف بنفسه مكمنها وعرف أن الطريق الذي سلكه ليس هو وجه الصواب، و هو الأمر الذي ادخل الأمة في متاهات أغرقها في معاناة غير متوقعة في بلد المليون ونصف المليون شهيد.
إن الدعوة إلى نرشح بوتفليقة إلى عهدة ثالثة ودعم الإصلاحات،هي في حقيقة أمرها هول جديد لبحر أغرقت الحقائق في زبد أموائه وضاعت الحقوق في عاكر مياهه.ولبسط الغاية من القول نطرح التساؤلات التالية على سبيل المثال لا الحصر والتي تحمل إجابتها بين حروفها:
-هل أخبرتم الرئيس والشعب بحجم الفساد في المجال المالي والمصرفي؟ وهل اطلعتم الرئيس وشعبه بالاختلاسات والاختلال على مستوى المؤسسات؟” المهازل الواقعة في عملية الخصخصة- في تموين المؤسسات التربوية بالمعدات-في سير عملية منح المشاريع المحلية منها والوطنية ، ورداءة الانجازات( الطرق أنجزت قبل عام1989م ما تزال صالحة وأخرى أنجزت بعد سنة 2002م هي في حالة سيئة)- هل أخبرتم الرئيس على تحول سوق الشغل الى حظيرة للمتاجرة بالرقاب وساحة تهجير الكفاءات والقدرات الوطنية ؟ – الم يكتشف الرئيس من يحتكرون التجارة الخارجية للبلاد، واصفا إياهم بالقطط السمينة، ومحذرا الخائفين منهم بالقول “إنهم قد يبدون نمورا مخيفة، لكن الذي يقترب منهم يدرك أنهم مجرد قطط منتفخة لا غير” ولم تحركوا ساكنا؟ بل ازداد الحال سوءا المضاربة بالأسعار، فساد السلع التهرب الضريبي …الخ. هل. .وهل..؟..وأخيرا وليس أخرا،ألم تنزلوا قدر الجزائر الى حد الاعتذار لفرنسا؟.
محمد بوكحيل