كيف نهدم مصر
بفكر حسين راشد
لا شك أن كل من سيقرأ العنوان سيقول أن أحداً غيري هو كاتب المقال .. و بالطبع فهذا العنوان الاستفزازي لكل محبي المعمورة ,هذه الأرض التي جعلها الله كنانته في الأرض , و جعلها الحصن الحصين لأنبيائه و مرسليه , و قدر لها أن تكون منبر الحضارة على مر العصور , و جعل أبنائها سهام الكنانة خير جند الأرض لما بينهم من ترابط إلى يوم الدين , كل هذا ينفي تماماً هذا العنوان , ولكن
.
يترأى للبعض أنه بمجرد أن كتاباته بعض السطور أو تجاوره من شخصيات معروفة عنها أنها وطنية أنه أصبح بذلك مثال للوطنية الذي يجب أن يحتذي به الجميع بل و يفرض عليهم سياساته التي يؤمن بها هو .. ويجب على الجميع أن يكونوا تحت السمع والطاعة . ولنبدأ في النقاط الأساسية ل – كيف نهدم مصر -!!!
فمن أهم العوامل التي تهدم بها الأمم هي ما يحدث الآن على الساحة السياسية والفكرية والشعبية أيضاَ , والكل مسئول بلا استثناء . ألا وهي:-
نزع الانتماء الداخلي لأفراد الشعب و إخراج مكبوتاته و عدوانيته لسياسات خاطئة في وجه البلاد بدلاً من أن يخرجوها في وجه الظلم والطغيان فتحدث الطامة الكبرى ( بلعنه البلاد) و تمني أفراد الشعب أن ينتسبوا لأي بلد غير بلادهم لما لاقوه من تهميش و إذلال في وطنهم الأم .
ثانياً : تهميش دور المثقف الوطني و إظهار المشتتين فكرياً ليكونوا الأداة الفعلية ومعاول الهدم الحقيقية .. وهؤلاء لا يقدمون نصائح بل ينمون الغوغائية حتى لا تسمع أصوات الوطنيين الحق . و تكون الغلبة لحفنة من الجهلاء و الأدعياء و المرتزقة الذين يسوقون البلاد إلى حتفها . تفعيلاً للمثل الصهيوني الذي يقول ( إذا سحب أعمى أعمى مثله فمصيرهم في أول حفرة في طريقهم).
ثالثاً :- إغلاق كل الطرق أمام الشعب وفتح فتحة صغيرة كالنفق الذي لا يدري من على بدايته ما هو آخره حتى يكون المفر الحتمي بين أحضانهم أو بين أيديهم . فيفعلون ما يحلو لهم .
ونقاط كثيرة لا تستوعب مقالة واحدة سرد ها ولكن سنقف على بعض ما قدمت وما يحدث على أرض الواقع .
حين تكون هناك ندوة تحمل أسم ( مستقبل مصر) لا أشعر سوى بروحي تسحبني إلى حيث المكان .. وخاصة إذا كان هذا المكان حزب سياسي ودعوة رسمية لمناقشة وثيقة (مستقبل مصر) المعروفة للجميع , ولن نخوض كثيراً فيها الآن بل سأركز على الحوار الذي دار وطريقة إدارة الفكر في هذه الندوة .خاصة وأني كنت ذاهب فقط لاستمع إلى هذا الفكر الوطني الذي يبحث عن مستقبل أعرق وأعظم دولة في تاريخ البشرية .
وفي جو المحاضرة صعقت أذني إشكالية طرحها المناقش تقول أن هناك ثلاث سيناريوهات تنتظر مصر في الفترة القادمة .. الأولى الاستسلام للحكم الصهيوني وتسليم مصر (لإسرائيل) والثانية – الفوضى أما الثالثة فهي إقامة دولة مدنية .. ولا أعلم هل مصر دولة مهلبية .. وهل العيب في مصر أم في حكام مصر .. لا أدري !!! , بعد أن فرغ المحاضر من محاضرته .. و تداخل البعض بأسئلتهم التي لم تكن أسئلة بل كل يغني على ليلاه .. وجدت أن هناك مساحات فارغة يجب أن تملاً و يجب ألا أكون شيطان أخرس في مثل هذه الحوارات التاريخية -في نظري-
كانت مداخلتي تهتم في المقام الأول والأخير بأن يجب أن يكون هناك وعياً شعبياً .. وأن تعود النخبة لمهامها في إظهار خفايا السياسة للشعب البسيط و إشراكه في الهم الأكبر .. لا أن يستغل البعض حماس الجماهير دون وعي . فيقودهم من يدمرهم بهم .. و أن وثيقة كهذه وهي لا تحمل من الرؤى غير المتعارف عليه و الحيادية في أمور لا حياد بها .. و أنني لاحظت أن لغة الخطاب السياسي واحد في كل المحافل وإن دل هذا فيدل على شيء واحد وهو إما أن السياسيين المتواجدين لا يفقهون شيئاً عن السياسة أو أن الشعب كله سياسي وهذا مستحيل . فالحديث هنا يختلف عن الحديث في السوق أو في الشارع أو في المصنع .. لأن لكل من هذه الشرائح لغته الخاصة التي يتعامل بها .. ويفهمها
وبأسلوب جس نبض المتواجدين ألقى المناقش سؤال وقع على الأسماع كالصاعقة .. فقال اختاروا من بينكم رئيساً لمصر .. فقام أخي صديقي و زميلي الدكتور سامي فرنسيس بترشيحي بحماس .. فيما كنت انتظر الغرض من السؤال أو الاستبيان !! .. ثم قذف السؤال ؟ فجره تفجيراً .. قال من منكم لو أصبح رئيساً سيلغي معاهدة كامب ديفيد ؟ لم يكمل سؤاله حتى وجدت قلبي ومشاعري و فكري يجتمعوا ليلفظوا بضمير المتكلم – أنا- فوجدته يقول وهذا يدل على أنك لست ديمقراطياً .. قلت له ومن قال لك هذا؟ فالديمقراطي الأول بمصر أبرم المعاهدة مع الصهاينة دون استفتاء شعبي ومع هذا فلو استفتيت شعب مصر الآن لوجدت نسبة تخولني مرات ومرات لأنفض هذه المعاهدة عن كاهل مصر .و تبعاتها التي كسرت ظهر مصر وأبعدتها عن دورها الطبيعي الذي فقدته بتلك المعاهدة الغير شرعية .
بالطبع فهنا كان يريد أن يظهرني بمظهر الديكتاتور الوصي على العقول ونسي المناقش والمحاضر أن هناك مبادئ أساسية وواجبات للحاكم له أن يقرر فيها طالما هذا في خدمة بلاده .. على أن يستفتي الشعب أو يسوق بضاعته أما في هذه الحالة خصيصاً فلسان حال الشعب يقول ما أقوله .. ولا تعني هنا السياسة شيئاً سوى الانبطاح .
مع علمي الكامل أن هذه النقطة خاصة لها تبعات قد تكون تدميرية .. و أن هناك عالم متربص بمثل تلك المسألة وأن الصهيونية العالمية تنتظر أن تلتهم
مصر بحرب تشنها عليها تحت أي ذريعة من الذرائع كما فعلت بالعراق الشقيق .. ولكني أعلم أيضاً أن مصر وشعبها ومحبيها قادرون على معاركة العالم أجمع .. وأن حرب كهذه يمكن أن تجعل مصر هي الدولة العظمى الجديدة بما تملكه من مقومات جغرافيه و تاريخية و بشرية مؤمنة بدورها الرئيسي في استقرار هذا العالم الذي أفسد استقراره صهاينة لا دين لهم ولا وطن .
و أن كنا قد عنونا المقال – كيف نهدم مصر- .. فإننا نستطيع في نهاية المقال أن نقول أنه يجب ألا ننسى تلك الأسباب وما سيأتي ذكره في مقالات أخرى كي نتجنب هذا الفخ الذي ينصب في الخفاء كي يقع الشعب المصري فيه ليدمر هو بنفسه أغلى ما يحبه ويعتقد تحت بند التمرد الأعمى ..
و إن كنا نختلف من أجل سياسات فليتأكد العالم أننا لن نبيع مصر .. ولن نتخلى عن شبر في أراضيها بصكوك صهيونية أو ننجرف تحت شعارات غوغائية .. لان شخصية مصر هي شخصية البناء الحضاري والإنساني .. ويبقى الوعي هدف أولي يجب الوصول إليه .. ثم تأتي درجات الوعي والتفاعل على سلم الانتماء و الوطنية ..
و للحديث دائما بقية
حسين راشد
نائب رئيس حزب مصر الفتاة
وأمين لجنة الإعلام
رئيس تحرير جريدة مصر الحرة الإلكترونية
رئيس الاتحاد العربي للإعلام الالكتروني