كثيرا ما يستخدم الكتاب المحترمين عبارة “حماس حازت على تأييد غالبية الفلسطينيين في انتخابات المجلس التشريعي” وبناء على هذه العبارة يتمادى البعض في استخدام عبارات اكثر تضليلا ومغالطة للحقيقة والواقع فيقولوا على سبيل المثال ان حماس تمثل غالية الشعب الفلسطيني.
وهاتان العباراتان وما ينبني عليها من عبارات اخرى فيها تزوير للواقع بشكل فج ، وذلك لان حماس لم تحصل على اصوات غالبية الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، بل هي حصلت على اقل من نصف عدد الذين شاركوا بالتصويت في تلك الانتخابات ، وبالتالي يكون صحيحا لو يقال “انها حازت على اغلبية الفلسطينيين الذين ادلوا باصواتهم في انتخابات المجلس التشريعي في يناير 2006”.
ولكن حتى هذه العبارة على صحتها فانها تخفي ما هو اهم منها، حيث ان الاغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع الذين يحق لهم التصويت ممن اعمارهم 18 سنة فما فوق لم يصوتوا لحماس .. وبذلك تصبح العبارة الاكثر دقة هي ان “الاغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني لا تؤيد حماس”.
وحتى لا يقال اننا نلقي بالكلام على عواهنه ونتلاعب بالالفاظ فلنتأمل بالاقام التي اسفرت عنها انتخابات يناير 2006
فالاحصائيات من مختلف المصادر تفيد بأن عدد الفلسطينيين البالغين فوق 18 سنة بلغ في تلك الفترة حوالي مليون وتتسعمائة الف شخص (9ر1 مليون شخص)، شارك منهم بالتصويت في حوالي مليون ناخب فقط ، حصلت حماس منهم على حوالي 440 الف صوت منهم، أي على نسبة 44 في المائة، وهذه النسبة تعادل 22 في المائة من العدد الاجمالي (9ر1 مليون شخص) الذين يحق لهم التصويت ..
ولو حاولنا الوصول الى اكثر دقة لتبين لنا ان عدد مؤيدي حماس الفعليين اقل من هذه النسبة، حيث تشير الكثير من التقارير الى ان نسبة تتراوح ما بين 5 الى 10 بالمائة من الذين صوتوا لحماس جاء موقفهم هذا اما نكاية بفتح. او الترحيب بالقادم الجديد فربما يستطيع تقديم افضل ما قدمته فتح ، خصوصا ف يظل حملة البروبوغندا الدعائية التي شنتها حماس واسباب اخرى سناتتي على ذكرها لاحقا.
اذن ففي أحسن الاحوال فان نحو خمس الفلسطينيين أي حوالي 20 بالمائة هم من انتخبوا حماس، بينما رفض التصويت لها حوالي 80 بالمائة من الفلسطينيين .
وفي هذه الحالة، يصبح من المنطقي تعديل المقولة الي يتداولها البعض دون تبصر ودون ادراك لمخاطرها، لتصحيح ان 80 بالمائة من الفلسطينيين رفضوا حماس.، وبذلك تسقط ادعاءات تمثيل الاغلبية ، هذا اذا افترضنا ان الفلسطينيين هم فقط من يعيشوا بالضفة والقطاع.
وتبين الارقام بدقة ووضوح ان جماس لم تحصل على تاييد ساحق من الشعب الفلسطيني، واعتقد ان نسبة الرافضين لحماس قد ارتفعت بشدة في السنتين الماضيتين، وانها سوف تحقق المزيد من الارتفاع في مقبل الايام، وسيكون انجازا هائلا لو حصلت حماس على نسبة عشرة بالمائة في أي انتخابات قادمة، وخصوصا اذا جرت وفق مبدأ القائمة النسبية .
ففي الانتخابات السابقة حصلت حماس على 74 مقعدا من بين 132 مقعدا، وخاض الانتخابات التشريعية التي جرت في 25/1/2006 أحد عشر قائمة حزبية تنافسوا على 66 مقعداً هي نصف عدد مقاعد المجلس التشريعي حسب قانون الانتخابات الجديد.
وحسب القانون الجديد (انذاك) الذي حدد عدد أعضاء المجلس بـ 132 عضواً 66 منهم ينتخبون بنظام الدوائر و66 منهم بنظام القوائم. و بحسب النتائج النهائية حصلت حماس على 74 مقعداً أي 56% من مجموع المقاعد، فيما حصلت فتح على 45 مقعداً اي 34% ، وحصل مستقلون متحالفون مع حماس على 4 مقاعد، وحصلت للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على 3 مقاعد. ومقعدين لقائمة البديل (ائتلاف الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وفدا ومستقلين) تضم عضو مكتب سياسي في الجبهة الديمقراطية وأمين عام حزب الشعب. ومقعدين لقائمة فلسطين المستقبل. ومقعدين لقائمة الطريق الثالث.
ويلاحظ انه في القوائم النسبية
والتي خصص لها القانون 66 مقعداً، حصلت قائمة حماس (التغيير والإصلاح) على 440409 صوتاً ، تلتها قائمة فتح بفارق أقل من 30 ألف صوت وحصلت على 410554 صوتاً ، تلتها قائمة أبو علي مصطفى (الجبهة الشعبية) وحصلت على 42101 صوت. ثم قائمة البديل وحصلت على 28972 صوتاً. وقائمة فلسطين المستقلة 26909 أصوات، وقائمة الطريق الثالث 22862 صوتاً، أما القوائم الخمس الباقية فلم تتجاوز نسبة الحسم وهي 2%. (دراسة – مجلس التخطيط الفلسطيني).
والتي خصص لها القانون 66 مقعداً، حصلت قائمة حماس (التغيير والإصلاح) على 440409 صوتاً ، تلتها قائمة فتح بفارق أقل من 30 ألف صوت وحصلت على 410554 صوتاً ، تلتها قائمة أبو علي مصطفى (الجبهة الشعبية) وحصلت على 42101 صوت. ثم قائمة البديل وحصلت على 28972 صوتاً. وقائمة فلسطين المستقلة 26909 أصوات، وقائمة الطريق الثالث 22862 صوتاً، أما القوائم الخمس الباقية فلم تتجاوز نسبة الحسم وهي 2%. (دراسة – مجلس التخطيط الفلسطيني).
ومن ذلك يتبين ان المكاسب الكبرى التي حققتها حماس جاءت في الدوائر، حيث فازت فيها ب 45 مقعدا فيما فازت فتح ب 17 مقعدا والمستقلون ب 4 مقاعد فقط . فيما لم تفز فصائل اليسار بأي مقعد بالدوائر.
ولمزيد من التوضيح فان النتائج التي حصلت عليها حماس في تلك الانتخابات تبين ما يلي :
تشكل أصوات حماس (440.409) حوالي 44% من الأصوات الصحيحة والتي بلغت (990.873 صوتا).
تشكل أصوات حماس حوالي 42% من كافة المشاركين في الانتخابات (1.042.424 ناخبا).
تشكل أصوات حماس حوالي 33% من عدد المسجلين للمشاركة في الانتخابات (1.340.673 مسجلا).
تشكل أصوات حماس نحو 22% من السكان الفلسطينيين البالغين 18 سنة فأكثر (1.983.626 فلسطيني).
والجدير بالذكر ان نتائج استطلاعات جرت يوم الانتخابات اظهرت أن هذه الأصوات لم تأت فقط من مؤيدي حركة حماس بل من المستقلين وبعض مؤيدي حركة فتح وفصائل أخرى. (دراسة لمجلس التخطيط الفلسطيني).
وبذلك يكون هناك خطأ فادح ومجافي للحقيقة القول ان غالبية الفلسطينيين يؤيدون حماس.. حتى دون الاستناد على ارقام مؤكدة من عدة جهات موثوقة، وذلك لان التركيبة الفكرية والثقافية لعموم الشعب الفلسطيني ذات طبيعة انفتاحية ليبرالية مرنة .. بعيدة عن التعصب، وذلك نتيجة طبيعية لحالة التعايش المشترك بين الديانات الثلاث في مدن فلسطين قبل عام 1948، والتعايش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في الضفة الغربية، دون أي شكل من اشكال التمييز، وذلك على الاقل في المدن الكبرى مثل القدس وبيت لحم ورام الله ونابلس والقرى المحيطة فيها ..
فقد كانت فلسطين قبلالغزو الصهيوني تنعم بالتعايش السلمي والوئام والاحترام، يظللها تسامح ديني يضرب جذورة في اعماق الوجدان الشعبي منذ مئات السنين، وتقوم التعاملات بين ابناء الشعب الواحد علىعلاقات الاخوة والجيرة والتضامن والتكاتف .. ففي بلدنا “اللد” على سبيل المثال، يشترك المسجد والكنيسةفي جدار واحد وما زالا حتى هذه اللحظة قائمان وسط المدينة القديمة.
وفي الضفة الغربية وخصوصا في مدينتي القدس ورام الله كان التسامح الديني معلما بارزا من معالم الحياة اليومية، وكانت احزاب الحركة الوطنية من ناصريين وبعثيين وشيوعيين وقوميين عرب، تضم مسلمين ومسيحيين دون أي تمييز من القمة الى القاعدة.
وفي مدينة رام الله على سبيل المثال حيث نشأت وعشت فيها بعضا من سني عمري وهي بالاصل مدينة مسيحية، احتضنت المهاجرين من فلسطين مسلمين ومسيحيين، وخصوصا من مدن اللد والرملة ويافا وقراهم ، وفتح أهلها المسيحيون بيوتهم وكنائسهم، وقدموا كل ما يستطيعوا لاخوانهمالمهاجرين دون تمييز. وقبل ان تلف بلادنا الموجة الظلامية .. كنا ندرس في مدارس مختلطة، لا فرقبين مسيحي ومسلم .. فقد درست الصف الاول ابتدائي في مدرسة غالبية طلابها مسلمون،وكانت مديرتها سيدة مسيحية فاضلة هي الست ايلين ، ومربية صفي في الاول ابتدائيالست ناهدة، وهي مسيحية ايضا وكان منزلها قريبا من منزلنا ، وما زالت صورتها في مخيلتي حتى الان، وفي الصفوف الابتدائية التالية ايضا كان غالبية الطلاب مسلمين، وكان مديرها مسيحي من بلدنا اللد اسمه ابو بهيجنسيت اسمه الكامل، وكان في المدرسة عددا لا باس به من الاساتذة المسيحيين اذكر منهم الاستاذ ابو عيسى ، وهو صديق والدي، والاستاذ موسىابو رومية ، والاستاذ سميرحشمة، والاستاذ سميح ، والاستاذ جورج، نسيت باقي اسمائهما، وكان ابناء مدير المدرسة يدرسون معنا، احدهم واسمه نبيل كان في صفي بالاضافة الى عدد لا باس به من الطلاب المسيحيين في نفس الصف اذكر منهم بسام فشحو وادمون الرفيدي وسهيل هلسة وشادي جدعون وكنا لا نميز بل لا
نعرف ما الفرقبين المسيحية والاسلام، كل ما يلفت نظرنا انه في حصة الدين يسمح للتلاميذ المسيحيين بمغادرة الصف، وكنا نحسدهم على ذلك، فسكان البلد خليط متداخل متشابك من المسلمين والمسيحيين .. فكان نصف اولاد حارتنا مسيحيين، يبتهجون في اعيادنا ونفرح باعيادهم ، وكانوا مثلنا يشترون الملابس الجديدة في عيد الفطر وعيد الاضحى، وبعضهم كان يصوم رمضان، ويلعبو معنا في وسائل التسلية المتواضعة التي كانت انذاك، وفي اعيادهم ايضا لايتميزوا عنا ، وكنا ننتظر بفارغ الصبر عيد سبت النور، واحد الشعانين، وخميس البيض، حيث نذهب الى المقبرة المسيحية، ولطالما حملنا ونحن صغارا مسلمين ومسيحيين الشموع وسرنا في المسيرة في سبت النور او احد الشعانين، ونتسابق ، واحيانا تدب خلافات بين اولاد الحارة على من يقرع جرس الكنيسة يوم الاحد، وفي نفس الوقت كنا نذهب جماعة مسلمين ومسيحيين لنصلي بمسجد عبد الناصر، وكان الناس يشتغلون ويتشاركون ويجاوروا بعضهم بعضا دون أي حساسيات، فعلى سبيل المثال كانت دكانة اندراوس سابا لمواد البناء (شريك والدي) يتوسط دكانة احمد العتال وبعده شقيقه محمود العتال لاصلاح اطارات السيارات، ومنجرة عاطف خضير.
نعرف ما الفرقبين المسيحية والاسلام، كل ما يلفت نظرنا انه في حصة الدين يسمح للتلاميذ المسيحيين بمغادرة الصف، وكنا نحسدهم على ذلك، فسكان البلد خليط متداخل متشابك من المسلمين والمسيحيين .. فكان نصف اولاد حارتنا مسيحيين، يبتهجون في اعيادنا ونفرح باعيادهم ، وكانوا مثلنا يشترون الملابس الجديدة في عيد الفطر وعيد الاضحى، وبعضهم كان يصوم رمضان، ويلعبو معنا في وسائل التسلية المتواضعة التي كانت انذاك، وفي اعيادهم ايضا لايتميزوا عنا ، وكنا ننتظر بفارغ الصبر عيد سبت النور، واحد الشعانين، وخميس البيض، حيث نذهب الى المقبرة المسيحية، ولطالما حملنا ونحن صغارا مسلمين ومسيحيين الشموع وسرنا في المسيرة في سبت النور او احد الشعانين، ونتسابق ، واحيانا تدب خلافات بين اولاد الحارة على من يقرع جرس الكنيسة يوم الاحد، وفي نفس الوقت كنا نذهب جماعة مسلمين ومسيحيين لنصلي بمسجد عبد الناصر، وكان الناس يشتغلون ويتشاركون ويجاوروا بعضهم بعضا دون أي حساسيات، فعلى سبيل المثال كانت دكانة اندراوس سابا لمواد البناء (شريك والدي) يتوسط دكانة احمد العتال وبعده شقيقه محمود العتال لاصلاح اطارات السيارات، ومنجرة عاطف خضير.
ومن الملاحظات المهمة انه عندما يختلف الاولاد اثناء اللعب على امر خطب بمفهومهم كانوا يطلبوا من بعضهم حلف يمين على القران، ولطالما حمل ادمون او سهيل القران (0جزء عم) وحلفا اليمين.
وكان نساء المدينة يتزاورن بالمناسبات المسيحية والاسلامية على السواء، والتقاليد هي ذاتها ، عند الولادة، او في حفل اسبوع المولود وفي كل الافراح، فتذهب النساء الى الكنيسة عندما يكون هناك اكليلا للعروس، وتغني السيدات المسيحيات نفس الاناشيد الاسلامية التي تغنيها السيدات المسلمات.
ومن اشد ما لفت نظري انه عندما كان يتوفي شخص من اهل البلد كانت الدكاكين تقفل ابوابها اثناء مرور النعش في الشارع بغض النظر عن ديانته، وكان الرجال يتدافعون لحمل النعش لمسافة قصيرة، والبعض يسير مسافة وراء النعش ، والبعض الاخر يواصل السير حتى المقبرة ويحضر الدفن، فيما يكتفي البعض الاخر باقفال دكانه الى ان يتجاوزها الموكب بعدة امتار، ويقف خاشعا مستغفرا داعيا بالرحمة للفقيد.
وكنا نتعلم في البيت وفي المدرسة والشارع كيف نحترم مشاعر الاخرين ، ونجل معتقدهم ، فلا نتفوه مطلقا باي عبارة فيها ازدراء للدين المسيحي، وهم كذلك، فكنا نحلف ايمانا بسيدنا عيسى وهم يحلفون بسيدنا محمد، ويحترمون قرآننا ونحترم انجيلهم .
كانت القيم العليا كلها مرتبطة بالوطن، فهذا والده شيوعي واخر والده بعثي، وثالث والده يعشق عبد الناصر، وكنا نتناقل اخبار الثورة ، واخبار قادتها ونجلهم كلهم ابو عمار وجورج حبش ونايف حواتمة ، ولم نكن نميز من فيهم المسيحي ومن هو المسلم، فكلهم بالنسب للشعب ابطالا ميامين.
ولعل من العلامات الفارقة عميقة الدلالة على مدى التسامح والتعايش في ثقافة الشعب الفلسطيني ان اثنين من أعظم قادة هذا الشعب في التاريخ المعاصر هم من الديانة المسيحية الدكتور جورج حبش رحمه الله، والمناضل نايف حواتمة اطال الله عمره.
هذه ثقافة الشعب الفلسطيني الراسخة في الوجدان انها ثقافة تقوم على عشق الوطن، واحترام وتبجيل كل من هو وطني في بلاد العرب، بعض النظر عن دينه او لونه او من أي بلد ، المهم انه يتصدى للعدوان ، ويكافح من اجل تحرير بلادنا.
ومن المعروف ان ثقافة الشعوب لا تغير في جيل واحد بل تحتاج الى ثلاثة اجيال ليتمكن الانسان من الانتقال (ليس الكلي) من ثقافة الى اخرى. ولذلك فان ثقافة شعبنا القائمة على التسامح الديني، ما زالت راسخة بالوجدان، وواهم من يدعي غير ذلك.
وقد يتسائل البعض كيف تمكنت حماس اذن من الحصول على هذه النسبة المرتفعة (20 بالمائة من الاصوات ) اليس ذلك بسبب الثقافة الدينية لدى الشعب الفلسطيني؟ قد يظن البعض ذلك، ولكن الحقيقة ان هناك مجموعة اسباب جعلت حماس تحقق ذاك النجاح على الرغم من محدوديته .. فمن وجهة نظري لا تستحق حماس اكثر من 5 بالمائة من الاصوات، ومن هذه الاسباب ما يلي :
1 – انها ركبت موجة العمل الوطني ورفعت شعارات مضلله، استعارتها من تراث الحركة الوطنية الفلسطينية ومن فتح تحديدا ، فدغدغت مشاعر العامة وبسطاء الناس، وزايدت على كافة القوى الوطنية والديمقراطية مستخدمة في ذلك خطابا ايديولجيا عاطفيا سخرت فيه الدين كعامل رئيسي لاستقطاب الموالين، وتوسيع قاعدتها الجماهيرية.
2 – قامت باوسع عملية شراء ذمم في تاريخ شعبنا، بعد ان انهالت عليها اموال المتبرعين من الاخوان المسلمين في كل المنطقة العربية، واخذت توزع عطاياها على مؤيديها واعضائها والمتعاطفين معها، وانشأت لذلك عشرات الجمعيات الخيرية وظفت فيها جيشا من محازبيها، فاستمالت طائفة كبيرة من بسطاء الناس الذين لا يريدون ان ينقطع عنهم خير حماس على محدوديته، خصوصا في ظل حالة التدهور الشديد لمستوى المعيشة في ظل الانتفاضة الثانية.
3 – ايضا لعبت حماس على عاطفة الجماهير البسيطه وشنت حملة اعلامية ودعائية عالية المستوى والتخطيط ، وظفت فيها اشلاء نحو خمسين شابا وصبية عبر ما اسمته العمليات الاسشهادية ، التي كان يظن العامة من البسطاء ان هذه العمليات ستنهك العدو وتجبره على الرحيل، فيما كانت هذه العمليات الدموية موجهة اصلا للشهيد ياسرعرفات مباشرة ولبرنامجه السياسي وطموحه الوطني باقامة اركان الدولة الوطنية المستقلة.
رابعا – استفادت حماس بقوة من عناصر الضعف التي انتابت حركة فتح ومن سوء مسلكيات بعض موزها او المحسوبين عليها، ووظفتها في حملتها الدعائية، وبينت نفسها على انها المخلص القادم ومعها السر الالهي، لتغيير الاحوال الى احسن حال.
خامسا – استفادت حماس من حالة المتاهة التي كان يغط فيها اليسار الفلسطيني بين انتمائه الفكري والسياسي لجبهة القوى الوطنية الديمقراطية ومن ضمنها وفي مقدمتها حركة فتح، وبين موقفها من اتفاق اوسلو ومن عدم تمكنها خلال السنوات الماضية من انتزاع حصة ملائمة لمشاركتها بالسلطة، وقد اخذ منها الانشغال بامور السلطة والتكتيكات والتحالفات الواجب اتخاذها للوصول الى موقع له شانه في سدة السلطة كل جهودها، فنسيت الجماهير وابتعدت عن مجالها الحيوي وتركته لحماس تترع فيه كما تشاء.
سادسا – لا شك ان الحملة الدعائية التي شنتها حماس وشعاراتها الدينية التي رفعتها دغدغت المخزون الثقافي الكامن في وجدان الجماهيرالشعبية البسيطة، التي لا تستطيع الا ان تنحني اجلالا واكراما لمن حمل سيف الله ونزل الى الساحة ليحقق العدل ويأتي بالنصر مدعوما بتأييد العلي القدير.
اذن فكل الاسباب التي ادت الى التعاطف الجماهيري مع حماس كانت مادية، تحاكي الواقع، وتداعب امال واحلام الجماهير، التي لم تستوعب المضمون السياسي للحملة الضخمة، وظنتها مجرد جهود من ناس مخلصين لله والوطن والشعب، ولم يتوقف احدا ليفكر ولو للحظة في مضمون المقاومة الي تدعيها حماس، ولم يتسائل احد ما اذا كان تفجير حافلة بركابها المدنيين او تفجير مدرسة او مطعم سيحرر فلسطين. ولم يتسائل احد عن برنامجها النهائي والى اين ستاخذ الشعب في نهاية المطاف لو تمكنت من النجاح.
في كل الاحوال كان ذاك زمن وانقضى الى غير رجعة، فبعد انقلاب حماس واخذها غزة وشعبها رهينة ، وتكشف طموحاتها السياسية، والتي لا تتجاوز باي حال من الاحوال ومهما حسنت النية برنامج السلطة الوطنية، تمهيدا لاقامة دولتها الخاصة ونظامها الخاص، والتعايش مع العدو الصهيوني كما برهنت عملية التهدئة، ومحاولتها التي باتت مكشوفة لقطاع كبير من ابناء الشعب لترسيخ امارتها الاسلامية في غزة، وحرصها على استمرار التهدئة لاطول فترة ممكنة.
والى جانب ذلك فان ما ارتكبته حماس من تنكيل واضطهاد بحق المناضلين من حركة فتح، ومصادرتها الكثير من حرية القوى والفصائل الوطنية الفلسطينية الاخرى، وضيق ذات اليد مما اوقف سيل الرشاوي للناس البسطاء، بالاضافة الى انكشاف المستور في علاقتها بالنظام السوري والايراني، كل هذه العوامل وغيرها الكثير جدا من التفاصيل، كشفت حقيقة حماس امام الجماهير، مما يمكن القول معه ان حماس تخشى خوض الانتخابات ، وسوف تعارضها وترفضها ، ولن تقبل ابدا للعملية الديمقراطية ان تاخذ مجراها، لانها اصلا لا تؤمن بالديمقراطية الا اذا كانت لمرة واحدة، توصلها للحكم، وبعدها تاتي بالخليفة العظيم.
فالى كل الوطنيين والديمقراطيين الفلسطينيين ومعهم كل اشراف العرب عليكم بالمزيد من الديمقراطية، وبتعميق مفاهيم وثقافة التسامح الديني، وتعزيز الولاء والانتماء الوطني، وحسم الخيارات الاستراتيجية من قبل قوى اليسار تحديدا، وتحديد جبهة الاصطفاف والتحالف والتكاتف والتي لا يمكن ان تكون الا مع القوى الوطنية والديمقراطية، وبذلك يمكن ان ينزوي مشروع الدولة الدينية لحركة حماس، وتنزوي معها احلام الاخوان المسلمين. وحلم تجميع عظام الخليفة وهي رميم.
فمهما عظمت التناقضات ، وتنوعت الصراعات ، وتعددت الاجتهادات داخل الصف الوطني الديمقراطي يظل الهدف الاسراتيجي
الرئيسي المتمثل بالتحرير والحرية واقامة الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية هو الناظم الاساسي ، وهذا الهدف الاستراتيجي يشكل نقيضا بالمطلق مع برنامج الدولة الدينية ونظام الخليفة المستبد .
الرئيسي المتمثل بالتحرير والحرية واقامة الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية هو الناظم الاساسي ، وهذا الهدف الاستراتيجي يشكل نقيضا بالمطلق مع برنامج الدولة الدينية ونظام الخليفة المستبد .
ابراهيم علاء الدين