دولة لكل مواطنيها “2”
شدني عنوان مقالة لأخي شاكر الجوهري بعنوان ” دولة لكل مواطنيها” ، لقد حاول أخي شاكر وضع بعض الخطوط الحمراء على ما جاء في الندوة التي عقدت في الاردن والتي نظمها منتدى بيت المقدس بمناسبة قرار التقسيم بتاريخ 29/ 11 وكما جاء في المقال عن محاور الندوة، والتي كانت تصب في اتجاهين :-
الاتجاه الأول :-
والذي صب في اتجاه الدولة ثنائية القومية والتي دافع فيها الأخ عدنان الحسيني عن قيام مثل هذه الدولة ولم يضع محددات الفصل أو الاندماج بين الدولة الفلسطينية والدولة العبرية وكما أفاد تقرير الأخ شاكر لقد عجز الأخ عدنان الحسيني نائب رئيس منتدى بيت المقدس عن وضع أسس الدفاع الموضوعية عن هذه الرؤية.
الاتجاه الثاني:-
وتزعّم فكرته المستشار القانوني لتيار أوسلو ومفاوضيه الدكتور انيس قاسم وهو احد أعضاء الجزب الشيوعي الفلسطيني الذي أسس في فلسطين على ما أعتقد في العشرينات من القرن الماضي .
الفكرة طرحها الدكتور أنيس قاسم وهي (دولة لكل مواطنيها) والقابلة في التفسير وكما ورد في تقرير الأخ شاكر السيادة الصهيونية على أرض فلسطين وحق المواطنة في ظل الدولة للفلسطينيين .
أعتبر كل ما جاء وما حمله الاتجاهين هو في منتهى الخطورة على حركة النضال الوطني الفلسطيني وعلى حركة التحرر العربي بشكل عام ولا فصل بين الاتجاهين ووثيقة جنيف التي طرحها ساري نسيبة وياسر عبد ربه وغيره من المتفذلكين والمفروضين على الساحة الوطنية .
من المثير كما أشار التقرير أن يصف السيد الدكتور أنيس قاسم أن اتفاق أوسلو وما طالب به ياسر عرفات مؤخراً اقامة دولة فلسطينية كأحد نتائج العودة إلى الوطن في ظل اتفاق أوسلو أكذوبة كبرى نافيا ً أن يكون اتفاق أوسلو كان يحمل أي معاني لوصف الاحتلال أو انسحاب الاحتلال من الاراضي في الضفة وغزة ، ولم يشر إلى دولة فلسطينية ووصف السيد الدكتور أنيس قاسم مطالبة زعيم تيار أوسلو أبو مازن بدولة فلسطينية أكذوبة الاكذوبات ؟؟؟!!!.
من موقع النقيض لأطروحات السيد الدكتور أنيس قاسم أعتبر أن قيام دولة من خلال مصنفات خارطة الطريق وفي ظل الاستيطان والمنظومة الكنتونية والارتباطات الأمنية أكذوبة الأكذوبات كما أعتبر أطروحات السيد أنيس هي أيضا ً اكذوبة الاكذوبات في ظل دعوات لها بعد دولي باقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين ، وإذا ما سلمنا بتلك الاطروحة وهي عملية دمج الكيانية الفلسطينية في الدولة العبرية هل فعلا ً الشعب الفلسطيني سيأخذ حقوقه وستعود له ارضه المحتلة والمسلوبة وهل سيعتبر الشعب الفلسطيني له جميع الحقوق في تلك الدولة الأكذوبة على التاريخ وعلى التراث وعلى الحقوق وعلى الوطنية وعلى القومية …..هذا هراء ما بعده هراء بل أعتبر أن تلك الأطروحة هي تعني تفريغ لمحتويات التجربة الفلسطينية وانهاء مباشر لكل ما تمخض من تطورات الصراع بعد الهجرة عام 1948 من حركات مقاومة وبلورة كيانية فلسطينية وهي نفي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي هي أساساً الآن موؤدة وبحكم المنتهية بأحكام أوسلو وقادتها .
دولة لكل مواطنيها تعني انهاء لحركات المقاومة وعلى رأسها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وانهاء مبادئها وأهدافها ومنطلقاتها وأهمها اقامة الدولة الديمقراطية العلمانية على الارض الفلسطينية وبوجه فلسطيني وعربي وتصفية الكيان الصهيوني وعجلته العسكرية والاقتصادية والفكرية على الارض الفلسطينية .
كلا التصورين يقعان في دائرة الشبهات التي تحيط بكل أنسجة التحرك للقضاء على المقاومة وهنا أستغرب ولعلني وجدت ضالتي في الهجوم الذي يشنه أبو سته على منظمة التحرير كمؤسسة ، ولي أن أسأل السيد أبو سته كيف يمكن تطبيق حق العودة وتخلي الكيانية العسكرية الصهيونية عن الارض الفلسطينية لصالح اللاجئين بدون مقاومة وهل من العار يا أبو سته أن نربط بين المقاومة وحق العودة وهي معادلة طبيعية لاسترداد الحقوق أمام أي عنجهية تقابلها أي شعوب في الارض .
مؤتمر بيروت الذي خرج بلا شيء ولا لشيء إلا لفكرة عدم الربط بين الكفاح المسلح والمقاومة وحق العودة ، هل نعتبر أن كل شهداء الثورة الفلسطينية ومفكريها وطلائعها ومجاهديها ومناضليها هم على خطأ وهل أصبح الوجود الصهيوني على أرض فلسطين لزاماً على الشعب الفلسطيني أن يتقيد بفكر الحزب الشيوعي الصهيوني ونظرته للكيانية الصهيونية وهل يعني أن الدولة لكل مواطنيها يعني ذلك أن ينخرط جميع الفلسطينيين في الليكود وحزب العمل على غرار الحزب الشيوعي الصهيوني وشاس وغيره وهل فعلا ً يمكن أن يحدث تطور في فكر الأحزاب الصهيونية ليضرب ضربته القاسمة لجميع المواطنين العرب المقيمين على أرض ف
لسطين منذ عام 1948 لاحتوائهم تحت مؤسسات الدولة العبرية كمواطنين من الدرجة الثانية وهل هذا سيمتد للتعميم على الشعب الفلسطيني في الضفة بعد الجليل بعد ممارسات فظيعة قامت بها حكومة فياض وتيار أوسلو في انهاء ومحاولة ايقاف أي نشاط للأحزاب والمنظمات الوطنية الفلسطينية والجمعيات الخيرية أنها معادلة متشابكة تصب جميعها في عكس تيار الوطنية وعودة فلسطين لأصحابها وتشريع للاحتلال يقوم به أشباه الفلاسفة السياسيين في الساحة الفلسطينية وهل نتجه فعلا ً إلى عملية تهويد واسعة للضفة الغربية أكثر ما هي عليه الآن ؟؟؟ ، وهل نتجه إلى اقامة دولة تحت أي مسميات في غزة وتبقى الضفة تحت مفهوم ” دولة لكل مواطنيها” انها مصيبة وطامة كبرى يحملها هؤلاء لتسجل في تاريخ الانتكاسات الفكرية والنضالية التي تعيشها الأمة .
ونضيف هنا المحور الثالث الذي لم يناقش في الندوة وتحمله الأجيال الفلسطينية جيلاً بعد جيل أن فلسطين من نهرها إلى بحرها ومن شمالها إلى جنوبها هي فلسطينية الوجه عربية العمق اسلامية الامتداد ولا مكان لهذا الفكر الدخيل بين صفوف الشعب ومثقفيه ومناضليه فالدولة الفلسطينية قادمة على كل أرض فلسطين شاء من شاء وأبا من أبا ولا مجال هنا للتحريف وتزوير التاريخ فمن حق شعبنا الفلسطيني في الداخل في الشمال الفلسطيني أن يدافع عن حقوقه في ظل الغطرسة الصهيونية وفي ظل عنجهية مؤسساتها ولكن ليس من حق أي أحد أن يذوب التاريخ وأن يبخس النضال الفلسطيني حقه وتضحياته وحقه في استخدام كل الأدوات من أجل العودة وتحرير الأرض الفلسطينية فلا مجال لفصل الأرض ولا مجال للاندماج مع الدولة الغاصبة ولا صوت يعلو في صوت المقاومة .
بقلم / سميح خلف