رد ضروري على مقال غير ضروري لأخي برهان العبوشي
الأخ العزيز برهان العبوشي المحترم
تحية طيبة لك ولكل من تحب وكل عام وأنت بخير
لم أكن راغباً في سجال حول عنوان مؤلم كالذي تتطرق إليه ولكن كلامك تناول عنوان مقالي مباشرة فوجدت من الإنصاف أن أعقب عليك لتنبيهك أولاً إلى أن ضعف المظلوم وقلة حيلته لا تبرر الظلم أو تمنحه شرعية… ذلك أن حديثك بمجمله يحمل الضحية مسؤولية نحرها على يد الجلاد مغلفاً تبريرك الغريب بأن هذا غرس أيدينا فهل حقاً كان وعد بلفور ودعم ألمانيا لليهود وهجرتهم إلى بلادنا ونكبتنا وضياع وطننا هو غرس أيدينا؟ لو قلت أن هناك ضمن الأسباب تخاذل زعمائنا وتآمرهم على مصالح شعبهم لصدقنا أنك تحرض لمصلحة شد الهمة ورفع قيمة العمل الجماهيري في مواجهة هذا التخاذل من العلماء أما أن تتكلم وكأن كل الشعب والناس مسئولون عن هوان حالنا فهذا ظلم للجميع وأكثر من ذلك للشهداء والمشردين والمعتقلين وكل من دفع ثمناُ باهظاً لموقفه الوطني الصحيح سواء كان ذلك قبل عام 48 أو بعده، وافتقاد التوازن فيما نكتب لا يخدم الهدف الذي نسعى له جميعاً.
إن لومنا للحال التي نحن عليها باعتباره نتاج انقسامنا هو أمر صادق والأكثر صدقية لوم قادة طرفي الخلاف كما نفعل فيما نكتب وعدم تسامحهم مع بعضهم، فلا الحركة الإسلامية التي قاومت ثم ذهبت للسلطة طوعاً واختياراً وهي تعلم أنها سلطة اوسلو وتعلم أنها ستضع نفسها وشعبها في مأزق كبير وحصار أكبر ولا الديمقراطيين أصحاب المشروع الوطني والسابقون بجهادهم فهموا أن الانصياع لإرادة الشعب واجب مقدس لابد أن نؤديه طوعاً، وهكذا خسرت القضية وخسر شعبنا، وإلى هنا الموضوع يمكن فهمه، أما أن تقول عن القرار الأوروبي غرس أيدينا فهذا وأيم الحق ظلم وأيما ظلم لأمتنا ولشعبنا الذي قدم الكثير والغالي والنفيس من أجل قضيته ، وهل جنوح الضعيف للسلم والانحياز للقانون يجعلنا نذبحه مرة أخرى بعد أن يعمل فيه الأعداء سكاكينهم؟
أخي سماك / جميعنا يشعر بالغضب والحزن على ما آلت إليه أوضاعنا ولكن ليس من مهمتنا أن نثبط عزائم الناس بالتشفي بهم حين يظلمهم العدو والصديق، لأن موقف أوروبا العجوز هو بكل مقاييس الحق التي تنادي بها وغيرك من الكتاب والمفكرين وأصحاب القيم الإنسانية موقف نفاق وانحياز بررته بالحرص على السلام والتوازن ولعب دور سليم على هذا الصعيد وهذا هو النفاق بعينه، بل الخروج عن كل القيم الإنسانية ونحن نحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان. نحن نلوم أوروبا نعم وضروري لأنها تكذب في تسويغ انحيازها والأمر كما قلته أنت هنا وأنا في مقالي : الانحياز للمصالح هو تفسير السياسة والمواقف ونحن لا نعرف كيف نحافظ على هذه المصالح ليس كشعوب بل كحكام تابعين ومهزومين وخونة أيضاً. إن مقالك الذي جاء للرد على مقالي أو هكذا بدا لي لا يخدم أي هدف سوى منح صك براءة لهؤلاء وتحميل المظلوم تبعات الظلم وأسبابه أيضاً وفي هذا لست متفقاً معك، ولا تقل لي أني لم أدقق في كل كلمة وجملة مما كتبت، بل قرأت ودققت وبحثت علني أجد أي كلمة تصف القرار بالمجحف أو السيء فلم أجد للأسف وهذا غريب من رجل يكتب صباح مساء عن الانتداب والسلطة وغير ذلك من المقالات التي تشي بالحرص الوطني وتحديد معسكر العدو حتى لو اكتشفت أنه من بيننا ومن أهلنا فما بالك هنا تغير الدفة؟
في كل حال آمل أن أكون قد فهمت موقفك بشكل خاطيء وأنك ما قصدت سوى تحريض الناس على غرس الخير ليأكل أبناؤهم وأحفادهم، ولتعود فلسطين لأهلها، لكن القرار الأوروبي مجحف وظالم ويكافيء المجرم وينم عن نفاق وهذا ما يجب قوله قبل أن نبحث لماذا كان القرار وكل الحديث العام عن الغرس وخلافه.
تقبل صادق المودة وكل الاحترام
أخوك : زياد ابوشاويش