لعلّ عبارة أرذل العمر، تعني من الناحية الشرعية صنفا من خلق الله الذين لايعلمون في علم الله شيئا ،نتيجة تقدّم أعمارهم ،التي قد تصل إلى درجة يحتار فيها الإنسان، ويطرح الكثير من علامات الإستفهام والتعجب حول ذاك الشخص أو تلك ،وهو الذي كان يتمتع بصحته وبعقله ،فيصل إلى مستوى عدم التمييز حتى بين أقاربه ،بل لا يعرف أيام الأسبوع ولا الليل ولا النهار.
لن أطيل الكلام حول التعريف بأرذل العمر الذي لايعرفه إلا من جرّبه أو رأى ملامحه بادية على أحد أقاربه من خلال معاشرة ،لا من خلال سماع ،ولا أريد في هذا المقال أن أتقمص شخصية إمام، للحديث شرعيا حول مسألة معينة ،لها أهلها وأخصائيوها ، ولاأريد أن أستعمل ألفاظا بسيكولوجية يستعملها الأطباء المعاصرون للتعريف بمرض الألزهيمر، إنما حديثي عن أرذل العمر السياسي للساسة الجزائريين من قادة للأحزاب أو من بعض الشخصيات الوطنية والمعارضة بصفة عامة للنظام القائم ،وهي التي تتهم النظام بهذا اللقب أي أرذل العمر، لكنها ليست قادرة على فعل أي شيئ يكون سببا في تغيير هذا النظام المعتل .فهل يعجز الشباب اليافع أن يزيح شيخا أو عجوزا من كرسيهما وهما اللذان تقدما في السن ؟
لقد قام أحمد أويحيى رئيس الحكومة السابق والوزير الأول الحالي بالمصطلح الجديد بعد التعديل الجزئي للدستور ، الذي لم يفاجئ حتى الأطفال الرضّع ولا البهائم الرتّع ،،لتمديد العهدة للرئيس المُشتاق إلى الحكم ،وهو نفسه أي أحمد أويحيى كان رئيسا لحكومة اليمين زروال، وقد قام بنفس الدور،أي تعديل الدستور، وأقنع بني ويوي بظروف المرحلة والمصلحة العامة ولاغرابة في ذلك ،مادام أنه يفتخر بأنه صاحب المهمّات القذرة.
لكن الغريب هو صمت الطبقة السياسية عمّا يجري من أحداث،وكأنها أصبحت متقدمة في السن ينطبق عليها أرذل العمر، كأن مايحدث في الجزائر لايعنيها أصلا أو ليست على علم به ،نتيجة تقدّ م سنها وعدم تجديد هياكلها ،وأصبحت لاتفرق هذه المعارضة بين مايخدمها وبين مايخدم الشعب، وهي التي أزبدت وأرغدت وتباكت عن الديمقراطية عندما فاز حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلب المقاعد سنة 1991.
لست أدري أين ذهب هذا الحس الديمقراطي والجمهوري، والجمهورية تتحول إلى ملكية برفع أيدي من هم في البرلمان الغير شرعي؟، ولست أدري أين هي الدول التي لطالما قامت بالتحريض لوأد الحزب الإسلامي بالحكم على نواياه المسبقة قبل أن يبيت ليلة في البرلمان ؟، ولست أدري أين موقع الجمهوريين والجمهورية يتحكم فيها شخص واجهة تديره مجموعة من خلف الستار؟، فلا استقلالية للقضاء، ولا حرية للمؤسسات!، بل بلغني من أحد الأقارب أن تعيين الأئمة أصبح يسير بمفهوم المؤسسات في الغرب التي تبحث عن حرّاس الأمن فتبعث إلى إحدى الوكالات المتخصصة في الأيدي العاملة لتبحث لها عن زيد أو عمر وفق الشروط المسبقة وحتى الأجرة المحددة كذلك .