استمراراً لحالة الجدل التى أثارها شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي بعد مصافحته الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في مؤتمر حوار الاديان، قال فضيلته اليوم الجمعة إنه على استعداد لزيارة دولة الاحتلال الإسرائيلي واستقبال رئيسها بالأزهر الشريف، رافضاً في ذات الوقت زيارة إيران لـ”وجود محاذير سياسية معها”.
وقال طنطاوي في تصريح لصحيفة “العرب” القطرية:” مكتبي مفتوح لاستقبال شخصية يهودية أو غيرها ولو طلب الرئيس الإسرائيلي أو رئيس الوزراء زيارة الأزهر، فما المانع طالما أن ذلك يعود على خدمة السلام في المنطقة والقضية الفلسطينية فالسلام يفتح حوارا مع جميع الأديان والعقائد الفكرية وهذا ما أكدناه بمؤتمر حوار الأديان بالأمم المتحدة.”
لقاء مصادفة
وأضاف:” اللقاء مع الرئيس الإسرائيلي تم بالمصادفة حيث فوجئت بقدومه نحوي وطلب المصافحة واللقاء لم يتجاوز الدقائق ودار في إطار الترحيب والسلام فقط دون التطرق لأمور أخرى..المؤتمر شهد العديد من رؤساء الدول والقيادات الدينية وتبادل الجميع عبارات الترحيب والمصافحة. فماذا كان مطلوبا مني..أن أرفض مصافحة رئيس دولة نقيم معها علاقات سلام.”
وأضاف شيخ الأزهر: “أن هذا الرئيس -يقصد بيريز- ليس له شأن بما قيل عن علاقة تطبيع مؤسسة الأزهر مع إسرائيل فمن أين جاؤوا بهذا الكلام والانتقادات الساذجة”، مؤكداً استعداده للذهاب إلى القدس إذا سمحت الظروف الأمنية والسياسية بذلك وأن يكون في ذلك فائدة كبيرة على حل القضية الفلسطينية والأمر نفسه بالنسبة لزيارة دولة العراق من أجل التقريب بين السنة والشيعة.
لكنه استبعد زيارة طهران، مشيراً إلى أن لهذه الزيارة عدة “محاذير سياسية في الوقت الراهن.. وحتى الآن لم تعد العلاقات بين مصر وإيران على درجة كبيرة، خاصة بعد الفيلم الإيراني (إعدام فرعون) حيث طالب الأزهر بضرورة اعتذار رسمي من دولة إيران وإلغاء عرض الفيلم وهو ما لم يحدث.
مجموعة مجانين
يأتي ذلك بعدما اتهم شيخ الأزهر من يقومون بترويج ونشر صور مصافحته للرئيس الإسرائيلى بأنهم “مجموعة من المجانين”، كما نقلت صحف مصرية عن طنطاوي، قوله:” إن من يمتنع عن مقابلة عدوه فهو جبان”، وجدد رفضه دعوة البابا شنودة الثالث لمقاطعة إسرائيل ومنع المسيحيين من الحج إلى القدس إلا بعد تحريرها.
وأبدى نواب ونشطاء مصريون استياء بالغا من شيخ الأزهر بعد مصافحته بيريز خلال مؤتمر الأمم المتحدة لحوار الأديان، في أزمة كشفت بعدا جديدا في موقف المؤسسة الدينية بمصر من التطبيع مع الإسرائيليين، كما طالبوا بعض النشطاء بعزل طنطاوي من منصبه بعد هذه الواقعة, لكن الرجل الذي يتمتع بعلاقة وثيقة مع النظام الحاكم لم يظهر تراجعا عن موقفه بمصافحة بيريز، ووصف الرافضين للتطبيع مع إسرائيل بأنهم “جهلاء وجبناء”، ويملك رئيس الدولة وحده حق عزل شيخ الأزهر وتعيينه، بعد أن كان هذا المنصب يشغل بالانتخاب من بين هيئة علماء أكبر مؤسسة دينية في العالم العربي والإسلامي.
انتقادات حادة
ومن جانبه وجّه الكاتب الصحفي فهمي هويدي، نقدا شديدا لشيخ الأزهر وتبريره للمقابلة، قائلاً:” إنّ علماء المملكة العربية السعودية التي دعت للقاء كانوا أكثر فطنة وحذراً من شيخ الأزهر، عندما رفضوا حضور مؤتمر نيويورك، أو على الأقل فإنّ أحداً منهم لم يظهر في الصورة لا مع بيريز أو غيره، اكتفاء بظهور العاهل السعودي، ولكن الإمام الأكبر شيخ الأزهر وقع في الفخ”، على حد تعبيره .
وأضاف ساخراً:” لا أعرف ما الذي فعله شيخ الأزهر بعد ذلك، رغم علمي بأنّ اليد التي صافحها ملوثة بدماء الفلسطينيين وتفوح منها رائحة جثثهم وأشلائهم، لكن مبلغ علمي أنّ ثمة حديثًا نبوياً يرشد المسلمين إلى أنه في هذه الحالة فإنه يتعيّن على المسلم أن يغسل اليد الملوثة سبع مرات إحداهن بالتراب”، في إشارة إلى حديث يرشد إلى كيفية التصرّف إذا ولغ الكلب في الإناء.
وتابع: أنّ “مشكلة الرجل (شيخ الأزهر) أنه يتصرف باعتباره موظفاً حكومياً بدرجة إمام أكبر، ولا فرق بينه وبين أي ملازم أول أو حتى فريق اول. وحين قال المتحدثون باسمه إنّ الرئيس مبارك يصافح بيريز وأمثاله وأنّ شيخ الأزهر حذا حذوه؛ فإنهم لم يدركوا الفرق بين الاثنين”.
صدمة للكثيرين
كما تقدم النائب مصطفى بكري, رئيس مجلس إدارة وتحرير صحيفة الأسبوع القاهرية المستقلة بطلب إحاطة عاجل للبرلمان المصري قال في حيثياته: “لقد جاء اللقاء بمثابة صدمة للكثيرين حيث مثل أبلغ إساءة للأزهر ودوره وقدسيته في العالم الإسلامي وقد مثل هذا اللقاء تطبيعا واضحا مع العدو الصهيوني من قبل مؤسسة الأزهر وهو أمر يخل بدور الأزهر في قيادة العالم الإسلامي والدعوة نحو القيم الإسلامية الأصيلة”.
وأضاف بكري:” لقد تعمد شيخ الأزهر أن يلتقي العديد من حاخامات اليهود وفي مقدمتهم حاخام إسرائيل الأكبر “لاو” في وقت سابق، غير أن لقاءه برئيس الكيان الصهيوني هذه المرة يمثل إهانة للمسلمين جميعا وإخلالا متعمدا بدور ورسالة الأزهر الشريف.
وطالب بكري بتدخل الرئيس محمد حسني مبارك لتنحية د. سيد طنطاوي عن مهام منصبه وإجباره على ذلك، حيث أن القانون المصري يمنع عزله، كما طلب من د. فتحي سرور عرض الأمر فورا على مجلس الشعب لخطورته في حضور رئيس مجلس الوزراء د. أحمد نظيف.كانت الكتلة البرلمانية للاخوان المسلمين في مصر استنكرت مصافحة طنطاوي للرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز بكلتا يديه في المؤتمر الذي عقد مؤخرا في الامم المتحدة حول حوار الاديان.
استياء شعبي
بدوره، اعتبر الدكتور حمدي حسن الامين العام المساعد للكتلة البرلمانية في بيان عاجل الى رئيس مجلس الوزراء، تلك المصافحة اثارة لمشاعر المصريين واساءة الى الشعب المصري والى الازهر الشريف، مطالبًا شيخ الازهر بالاعتذار لكل المسلمين عن هذه المصافحة المرفوضة وغير المقبولة، ليس فقط بالكلمات المعسولة، ولكن بالمواقف الجادة لنصرة القضية ونصرة اهالي فلسطين المحاصرين.
كما قال الشيخ سيد عسكر الأمين العام المساعد السابق لمجمع البحوث إن موقف طنطاوي ليس جديدا أو مستغربا لأنه “يستند إلى مبرر باطل هو أن النظام المصري في سلام مع الإسرائيليين، وهو يعتبر نفسه موظفا حكوميا ولا يرى مشكلة في مصافحة اليهود واستقبالهم”.
وأشار إلى أن مواقف طنطاوي من العمليات الاستشهادية واستقباله حاخامات ومسؤولين إسرائيليين “أضرت كثيرا بصورة الأزهر لدى الناس، الذين لا يعرف أكثرهم أن مواقف طنطاوي لا تعكس رأي الأزهر الشريف”.
وأكد عسكر أن علماء الأزهر وأعضاء مجمع البحوث من كافة الدول الإسلامية لا يوافقون على كثير من تصريحات وأفعال طنطاوي. وقال إنه لو عرضت مسألة السلام مع الصهاينة واستقبال مسؤوليهم على مجمع البحوث “لرفضها وأدان فاعلها”.
محيط