احمد النعيمي
كنا نرقب أن يحل الليل بفارغ الصبر حتى نتحلق حول جدتي مطالبين إياها .. أن تقص علينا من القصص التي كنا لا نمل سماعها ، وكانت تهفوا نفوسنا دوماً إلى أحاديث جدتي العذب ..
ومن هذه القصص التي لا تزال محفورة ً في ذاكرتي .. تلك القصة التي طلب فيها الأستاذ من تلاميذه أن يأخذ كل واحدٍ منهم دجاجة ً ويذبحها دون أن يراه احد .. ففعل كل واحد ما أمره به أستاذه إلا واحد عاد ولم ينفذ الأمر ، ولما سأله الأستاذ ، قال : ذهبت ابحث عن مكان لا يراني فيه احد ، ولكنني تذكرت أن الله يراني ولذلك عدت أدراجي ..
ومن هذه القصص التي نقلت لنا جداتنا الكثير .. فما كن ينقلنه لنا أقاصيص ممتعة ومسلية .. ولكنها في الوقت نفسه كانت تحمل في طياتها صبغة ديننا وقيمنا وعاداتنا .. لا كما يحاول أن ينقله لنا هؤلاء الكتاب والمخرجون أصحاب قصص الفجور والغرام والعشق الحرام ..
وليت أن كل واحد منا فطن لقصة جدتي – رحمها الله – قبل أن يكتب حرفا أو يأتي فعلا ما ، فتذكر أن الله معه وأنه يراه ، وتذكر أنه سيأتي يوم يحاسبه فيه على كل كبيرة وصغيرة .. ليتنا فطنا لهذا ؟؟
حتى أنني اذكر أنني قرأت رواية لأحد هؤلاء المستغربين .. فقد كانت روايته طويلة تنضح فاحشة ً وأوساخاً – وتمنيت فعلا أنه لو استفاد من كل هذا الوقت ، الذي أضاعه بالإثم ومعصية الله ورسوله .. تمنيت أنه بدل كل هذا الكلام الفارغ قد سخر قلمه كما فعل علمائنا وكتابنا الذين قدموا لنا كل نفيس ، الساعين إلى خدمة الإسلام والدفاع عن حياضه والأخذ بالمجتمع المسلم لما فيه خير له في دينه ودنياه – ، وأما هذا الأديب – أليس عاراً وعيباً علينا أن نلصق هؤلاء إلى الأدب – فقد أراد أن يصل بنا إلى نتيجةٍ لم أعرف ماذا كنا سنستفيد منها ؟؟ والى أي محل سترتقي بنا ؟؟ فقال أنه اكتشف أنه لم يجد في أي بنت من البنات اللاتي يقفن على الطرقات – بعد أن أوقعهن في شركه – لم يجد أي واحدةٍ منهن عذراء !! ..
سبحان الله .. هذا الفاجر ، وليس الكاتب ماذا يريد أن يقول لنا .. وماذا يريد لنا أن نفعل بقاذوراته ؟؟
ومثل هذه الأحاديث واشد منها .. وردت في قصصِ ورواياتِ من عُرف أنهم عمالقة من عمالقة الأدب في هذا العصر الإسلامي الحزين ؟؟ فإننا وجدناهم يتربعون على صدورنا ويجثمون عليها بالرغم منا .. وشجعتهم في ذلك حكوماتنا العفنة وشجعهم في ذلك أننا تعودنا دفن رؤوسنا بين الرؤوس ولذنا بالصمت ، ومن ثم نراهم يُكرّمون ويحصلون على الجوائز العالمية وغير العالمية .. عرفانا من أسيادهم الحكام والمستشرقين بما قاموا به من دور في عملية هدم تقاليد وعادات المجتمع المسلم ..
ويذكرني هذا بشخصين دخلا نفس المدينة .. وبعدها أعطى كل شخص انطباعه عنها من خلال الأماكن التي ذهب إليها ..
فالذي كان همه ارتياد الأماكن المحترمة في المدينة …. أعطانا صورة ذهنية طيبة عنها ..
والآخر ذهب إلى المواخير والحانات فيها .. فماذا برأيكم سينقل لنا هذا ؟؟
ولكن بالنتيجة فان كل واحد .. وصف لنا الأماكن التي ارتادها .. واختارها مسلكا وطريقا .. وكل وصف المستوى الذي وضع نفسه به ..
ومن ثم نجد أن هؤلاء .. هم أنفسهم من يكتب لنا تاريخنا .. فهؤلاء ماذا سينقلون لنا ، إذا كانت تلك مستوياتهم ؟؟ فما وجدناهم إلا وكل همهم الطعن في رجالاتنا وتاريخنا وتشويهه والطعن في علمائنا وانتقاص قدرهم وذمهم ، والفخر بأنهم يريدون أن يبعدوا الدين عن حياتنا ، ومن ثم بعد كل هذا يدعون أنفسهم إلى الإسلام ، أمر محير فعلا !! .. برأيكم ماذا سيقدم لنا هؤلاء الملوثين أخلاقيا وجنسيا .. غير هذا ؟؟
وبعدها تكتمل الحلقة – فبعد هؤلاء الكتاب المستغربين العلمانيين الذين يظهرون على القنوات الفضائية وغيرها من المواقع الالكترونية وفي الصحف الساعين لنشر سموم أساتذتهم .. الهادفة إلى دثر حضارة الإسلام واستبدالها بأفكارهم العفنة – لتكتمل الحلقة بعدها ، بهؤلاء المروجون .. وهم المخرجون الذين يتلقفون مثل هذه القاذورات ليكملوا الدور المنوط بهم .
وبقي سؤال يلوح في الأفق .. أين هنّ الآن جدات الأمس وأين اختفين ؟؟
أنا أقول لكم .. لقد اختفت جدة الأمس وحلت محلها المرأة العصرية ، التي لا هم لها إلا أن تتزين لكل أحد سوى زوجها
.. والتي لا هم لها كذلك سوى الجري خلف الشعارات الكاذبة وأقوال هؤلاء العلمانيين الداعين إلى انحلالية المرأة ، ومن ثم المجتمع ككل ..
.. والتي لا هم لها كذلك سوى الجري خلف الشعارات الكاذبة وأقوال هؤلاء العلمانيين الداعين إلى انحلالية المرأة ، ومن ثم المجتمع ككل ..
فقد قال شوقي :
الأم مدرسة إن أعددتها أعددت جيلا طيب الأعراق
فهذه المرأة العصرية ما هي إلا تربية هؤلاء الفاجرين أصحاب الأقلام المأجورة والروايات الهابطة والأفلام الماجنة والمسلسلات المنحلة .. وإن لم نتدارك هذه المرأة التي هي مربية الأجيال ، والرجل الذي ارتضى لها هذا .. فإننا سنجد أنفسنا بعد برهة من الزمن أمام مجتمع جديد آخر أكثر سوءً وأشد وأنكى مما نحن عليه الان .. هذا المجتمع سيكون تربية المسلسلات العلمانية التركية ..
فهل سنبقى مكتوفي الأيدي .. أم أننا سنسعى إلا أن نقي أنفسنا وأهلينا ناراً ، بداية .. ومن ثم مجتمعنا بعدها ونكون كأصحاب السفينة الذين وصفهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الشريف .. فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً و إن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً ..
وهل فعلا سنسلك الطريق الذين يكون فيه نجاتنا ونتقي هذه الفتنة .. التي لم ولن تكتفي بالذين ظلموا .. وإنما شملتنا لأننا تخلينا عن الدور الذي أنيط بنا وتركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وذلك مصداق قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ، وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) 24 – 25 الأنفال .
وإن لم نفعل هذا .. فلا يسال أحد بعدها .. لماذا ندعوا فلا يستجاب لنا ؟؟
أليس ما كانت تنقله لنا جداتنا من قصص تربي في النفس الأخلاق .. خيراً مما ينقله لنا هؤلاء المستغربون شذاذ الأفاق .. من شواذ الأخلاق ؟؟
أم أنكم لستم معي في هذا ؟؟
احمد النعيمي