د/ نصار عبدالله
الفراعين ( على وزن الملاعين ) .. قناة فضائية جديدة سوف ينطلق بثها قريبا لكى تنافس أو بالأحرى لكى تزاحم مئات القنوات التى تكتظ بها الساحة الفضائية العربية والتى لم ينجح منها إلى الآن فى إثبات وجوده إلا عدد محدود جدا لايتجاوز أصابع اليدين !! ..فى مقدمة تلك القنوات الناجحة قناة الجزيرة القطرية وقناة الأوربت السعودية ، وقناة المنار اللبنانية، وقناة دريم المصرية، وقناة دبى الإماراتية التى ينطلق منها الآن صوت حمدى قنديل بعد أن أجبر على ترك دريم!! ، حيث استطاعت كل قناة من القنوات سالفة الذكر وغيرها من القنوات الناجحة أن أن يكون لكل منها طابعها المتميز ونجومها المتميزون ثقافيا ومهنيا وهو ما يجعل من مهمة أية قناة جديدة تطمح إلى المنافسة الجدية أمرا بالغ الصعوبة ،… فما الذى يمكن أن تضيفه إذن فى هذا المضمار قناة مثل الفراعين ؟؟ يقول الدكتور توفيق عكاشة رئيس القناة ( طبقا لما هو منشور على شبكة الإنترنت ) إنها سوف تلعب دورا فى الحفاظ على الهوية الثقافية العربية!!، وسوف تعمل على تنميةروح الانتماء من خلال تقديم البرامج الهادفة التى تعزز هذا الاتجاه!!..غير أن بشائر القناة تكذب ما يقوله الدكتور عكاشة ، فلا أظن أنه مما يعزز الحفاظ على الهوية العربية أن يكون اسم الشركة التى تنتمى إليها القناة هو: ” شركة فرجينيا للإنتاج الفنى والإعلامى ” والتى يمثلها الدكتور عكاشة نفسه!! ، ولا أظن كذلك أنه مما يعزز الإنتماء إلى الهوية العربية أن تحمل القناة إسم ” الفراعين ” الذى هو ـ فى السياق السياسى الراهن على الأقل ـ يتصادم مع الهوية العربية شكلا ومضمونا ،”، ….أطرف من هذا كله هو ذلك الإعلان غير المسبوق فى صياغته الذى نشرته الفراعين فى :”المصري اليوم” والذى أعلنت فيه عن حاجتها إلى مذيعين ومذيعات ، وتحت بند المذيعة قام الإعلان بتحديد السن والطول والوزن ولون البشرة… وهو الأمر الذى رأى فيه بعض المهتمين بالشأن الإعلامى نوعا من الاهتمام بالشكل على حساب المضمون ونوعا من الإلتفات إلى الحضور الجسدى أكثر من الحضور الثقافى والعقلى ، وهو كذلك ما دفع ببرنامج العاشرة مساء ( وهو بالمناسبة أحد البرامج الناجحة التى ساهم نجاحه كبرنامج فى زيادة نجاح دريم بأكملها كقناة رغم أنه لا يعتمد فى نجاحه بأية درجة من الدرجات على جمال المذيعة التى تقدمه، ولكنه يعتمد فقط على ذكائها وثقافتها وإيمانها بقضايا وطنها، كما يعتمد قبل ذلك على كفاءة فريق متميز من المعدين والمراسلين لا يعيبه شىء على الإطلاق إلا فظاعة وركاكة اللغة العربية على ألسنة بعض المراسلات اللاتى ربما كان شغلهن لوظائفهن قد تم عن طريق الواسطة!! ) …هو ما دفع ببرنامج العاشرة مساء إلى إجراء مناظرة بين الأستاذ يسرى فودة أحد المعارضين للصيغة التى ورد بها الإعلان وبين الدكتور توفيق عكاشة رئيس القناة الذى أعلن فى صراحة وشجاعة ( تحسب له على أية حال )، بأنه هو الذى صاغ الإعلان بنفسه وأنه متمسك بما جاء فيه!! ، فإذا ما غضضنا النظر عن الروح الإشمئزازية والمتعالية التى كان يتكلم بها الأستاذ يسرى فودة وحاولنا أن نجمل أهم الحجج الموضوعية التى انبنت عليها معارضته لأمكن لنا أن نجملها فى أن الإعلان يتضمن فى حقيقته توصيفا للشخص المطلوب لا للعمل المطلوب، فمن الناحية المهنية الخالصة ليس هناك ما يمكن أن نسميه وظيفة مذيع أو مذيعة على إطلاق اللفظ ، هناك فقط مذيع محدد المهمة ، مثلا : قارىء نشرة أو مقدم برامج أطفال أو مقدم برامج حوارية … الخ ومثل هذه البرامج لا يشترط ـ وينبغى ألا يشترط فيها ـ جنس المتقدم لشغل الوظيفة ناهيك عن طوله ووزنه ولونه !! ، ثم إن مثل هذا الإعلان ينطوى بشكل أوبآخر على تسليع للجسد ( أى تحويله لسلعة ذات ثمن ) والثمن هنا هو المرتب ، أما الدكتور توفيق عكاشة فيرى أن هذا الإعلان ما هو إلا تقنين معلن لقواعد معمول بها بالفعل ومطبقة عمليا منذ إنشاء التلفزيون المصرى ، وقد حاول الدكتور عكاشة أن يقدم لنا ما تصور أنه تبريرات تفرضها أصول ممارسة المهنة بشكل علمى دقيق ، حيث يتطلب مثلا ضبط عدسات الكاميرا أفضل ضبط ممكن ضرورة وجود تناسب معين بين حجم المذيع وحجم الضيف!! …وهى تبريرات أظن أن المتكلم يخدع نفسه إذا كان يصدقها تماما!!، يبقى أن نقول إنه كان من المتوقع أن يقدم الإعلامى اللامع عماد الدين أديب ( المعروف بحجمه الضخم ) ، كان من المتوقع أن يقدم مداخلة فى المناظرة كما نوهت بذلك مقدمة البرنامج أكثر من مرة ، وقد ترقب المشاهدون جميعا ما سيقوله الأستاذ أديب لكنه لسبب ما أحجم عن المداخلة.