عاد قائد القوات البحرية في الجيش الإيراني العميد حبيب الله سياري الى التهديد مجددا بإغلاق مضيق هرمز.
وقال في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية السبت “إن سلاح البحر الإيراني قادر على إغلاق مضيق هرمز، وكل من لا يصدق، فليجرب حتى يرى الحقيقة بأم عينيه”.
وهذا التهديد ليس الأول على أي حال. فالقادة العسكريون الإيرانيون يرددونه، بمناسبة ومن دون مناسبة، حتى لكأنهم يقولون أنهم يتخذون من مصالح جميع دول المنطقة رهينة بين أيديهم. والأسوأ من ذلك، فأنهم يطلقون هذا التهديد وكأن لهم الحق بتنفيذه متى ما يشاءون، وهم يستخدمونه كأداة لابتزاز الجميع، ومن دون تمييز.
الابتزاز، من حيث المبدأ، غير جائز في العلاقات الدولية. ولئن كان الكثير من دول العالم، الكبرى أو الصغرى، تمارس أنواعا مختلفة من الضغوط وأعمال الابتزاز، فإنها لا تفعل ذلك بصفة علنية، وبالتأكيد، ليس على هذا النحو الوقح، المتواتر والبليد الأحاسيس.
أهم من ذلك، فان مضيق هرمز ليس مضيقا داخليا إيرانيا، لكي توحي إيران أنها قادرة على إغلاقه متى ما عنّ لها. ومياه الخليج ليست مياها إقليمية إيرانية لكي تتصرف بها كما تشاء.
مضيق هرمز ممر دولي. وتمر عبره تجارة 7 دول أخرى في المنطقة، غير إيران. وعدا عن النفط والغاز، فان ناقلات وسفن العشرات من دول العالم تمخر عباب مياه الخليج حاملة، من دوله واليها، ما تناهز قيمته تريليونات الدولارات سنويا. وهو ما يعني أن أي توقف فعلي لحركة التجارة في هذا الممر سيوقع بالكثير من دول العالم، فضلا عن دول المنطقة نفسها، خسائر باهظة الكلفة.
يمكن للمرء أن يشعر بمقدار من الطمأنينة الى أن نزاعا فعليا لن ينشب. ويمكن النظر الى هذه التهديدات على أنها “تهويشات” مألوفة من جانب بلد يدرك انه ضعيف، وأن ابتزاز الآخرين هو سلاحه الوحيد.
إلا أن ذلك لا يسمح ببقاء هذا الممر الدولي رهينة لاستعراضات القوة الإيرانية. والنزاع قد ينشب لهذا السبب او ذاك، بل وربما على نحو غير مقصود أو مخطط له بالضرورة.
ومعظم دول المنطقة لا نزاع مباشرا لها مع إيران. وهو ما يعني أن تهديدها بإغلاق ممرها التجاري الوحيد، أو إغلاقه بالفعل، يلحق بها ضررا معنويا لا مبرر له، وربما خسائر تجارية يجب ألا تكون عرضة لها بأي حال من الأحوال.
لا يصح لدول المنطقة أن تعيش تحت وقع هذا التهديد، كما لا يصح لها أن تقبل به، ولا أن تسمعه مرة أخرى أبدا.
وإذا حدث ونشب نزاع بالفعل، فان الأوان سيكون قد فات بالفعل على تدارك الكارثة. ولات ساعة مندم.
الشيء الوحيد العقلاني والإيجابي والصحيح، هو أن تضع دول المنطقة ملف هذه التهديدات أمام مجلس الأمن الدولي ليتخذ قرارا واضحا فيها.
القرار، لكي يكون له أثر فوري، يجب أن يعتبر أي مسعى لإغلاق مضيق هرمز جريمة من جرائم الحرب. وأن يعتبر التهديد المجرد عملا من أعمال الإرهاب. وأن يطالب بملاحقة الذين يطلقونه بتهمة التحريض على ارتكاب جريمة دولية.
لا شيء يبرر انتظار وقوع المأساة، لكي نقول بعدها يا ليتنا فعلنا ما كان يجب أن نفعله.
ولا شيء، على الإطلاق، يبرر التعايش مع تهديدات سافلة كهذه مرة أخرى أبدا.
لقد آن الأوان بالفعل، لوضع حد لهذا كله.
نحن نعرف، والإيرانيون أنفسهم يعرفون، أن الأمر كله لا يعدو كونه تهديدات عاجزين يحاولون تغطية أزماتهم الاقتصادية باستعراضات فارغة للقوة العسكرية.
إلا أن شيئا لا يبرر الصمت على هذه التهديدات مهما كانت فارغة.
وبالأحرى، فان إيجاد سبيل لمنع المسؤولين الإيرانيين من مواصلة الكلام الفارغ، ربما يساعدهم على الالتفات لحل مشاكلهم الخاصة، ويقدم خدمة لا غنى عنها لشعوب إيران.