حتى وقت قصر حرصت إسرائيل على توثيق علاقاتها العسكرية مع إسرائيل في الوقت الذي لم تبدي حماساً كبيراً لتطوير علاقتها مع الناتو. في السنوات الأخيرة حدث انقلاب في التوجهات الإسرائيلية حيث باتت تل أبيب تبدي حماساً لتطوير علاقاتها بشكل كبير مع ” الناتو “، على اعتبار أنها ترى في ذلك أحد المتطلبات اللازمة لمواجهة إيران والحركات الجهادية في العالم. يوسي ميلمان معلق الشؤون الإستخبارية في صحيفة ” هارتس ” يسلط في في هذا التقرير مجمل التطورات في ملف التعاون بين إسرائيل وحلف الناتو، وهي ترجمة التقرير:
تدرس إسرائيل حالياً طلباً من حلف الناتو لإرسال أحد سفنها الحربية للمشاركة في دوريات في البحر الأبيض المتوسط من أجل المساهمة في منع عمليات تهريب السلاح وتحركات الإرهابيين. هذه العملية يطلق عليها Active Endeavor Operation، وفي إطارها تقوم السفن بدوريات في عمق البحر وبعيداً عن السواحل. ومن حق السفن التي تقوم بعمليات الدورية توقيف السفن التي يشك في أمرها وتفتيشها بالقوة، للتأكد مما إذا كانت هذه السفن تحمل أسلحة وتجهيزات عسكرية لمنظمات إرهابية أو لدول فرضت عليها عقوبات، مثل إيران. لكن إسرائيل ردت على الطلب بالقول أن تسخير سفينة للمشاركة في دوريات الناتو يتوقف على ما تسمح به الميزانية العسكرية. لكن ومع لك فأن قيام الناتو بتقديم الطلب لإسرائيل يمثل تعبير عن التعاون المتعاظم بين إسرائيل والحلف. فقط في الأسبوع الماضي اشترك رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال جابي إشكنازي في اجتماع ضم رؤساء هيئات أركان جيوش الدول الأعضاء في حلف الناتو في بروكسل. ومن الدلائل التي تؤكد أن العلاقات بين الجانبين تعززت بشكل كبير هو حقيقة تعيين ضابط اتصال من سلاح البحرية الإسرائيلية في قاعدة الناتو البحرية في ميناء نابولي الإيطالي.
ولأن إسرائيل تقع على البحر الأبيض المتوسط، فأن سلاح البحرية الإسرائيلي يمثل رأس الحربة الذي يستند إليه في تعزيز العلاقات بين الجانبين. منذ 12 عاماً اتخذ حلف الناتو قراراً بإجراء حوار مع دول البحر الأبيض المتوسط، حيث إنضم الى هذا الحوار كل من مصر والمغرب وتونس والجزائر وموريتانيا والأردن، لكن الحوار مع إسرائيل كان بطيئاً، كما يشهد على ذلك ميخائيل زينتوبسكي سفير التشيك في إسرائيل، والذي تقوم منذ أربع سنوات دولته بالإشراف على إدارة الحوار بين الناتو ودول المنطقة. وكما يقول زينتوبسكي فأن بطء الحوار مع إسرائيل يرجع لأن المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل كان يعتقد أنه من الأهمية استثمار الجهد في العلاقات مع الولايات المتحدة، وأنه لا حاجة لحلف الناتو، كما أشار الى أن إسرائيل خشيت أن يؤدي تعاظم العلاقات بينها وبين الناتو الى المس بهامش المناورة المتاح لها، فضلاً عن تخوفها من تسرب المعلومات الإستخبارية التي من الممكن أن تزود ” الناتو ” بها.
لكن زينتوبسكي يستدرك أن إسرائيل غيرت بعد ذلك توجهاتها، حيث أبدت اهتمامها بنواحي عملية في العلاقة مع الناتو، وضمن ذلك المشاركة في مناورات عسكرية مشتركة مع قوات الناتو، والتعاون في مجال البحث العلمي والأكاديمي.
وينوه زينتوبسكي الى أن المخاوف كانت متبادلة حيث خشى الناتو من التقرب الى إسرائيل، لأن اسرائيل تتواجد في قمة صراع مع شعوب ودول أخرى، وهذا يتناقض مع فلسفة الناتو.
على كل هناك الكثير من المؤشرات التي تؤكد أن المخاوف المتبادلة انتهت، حيث تبين للطرفين أن هناك مصلحة مشتركة في تعزيز العلاقات بينهما، وتحديداً إسرائيل التي باتت تدرك أنه من الأهمية بمكان أن تشارك سفنها في المناورات التي يقوم بها إسطول حلف الناتو، كما قامت سفن الناتو بزيارات لموانئ اسرئيل وشاركت في تمارين بحرية قبالة السواحل الإسرائيلية وتحديداً في أبريل 2008 واوكتوبر 2007، وأيضا حطت طائرات الإنذار المبكر من طراز ” أيواكس ” التابعة لحلف الناتو في القاعدة الجوية في مدينة اللد قبل عام.
وهنا يتوجب التأكيد على أن الذي يدفع الطرفين لتعزيز العلاقات بينهما هو الخوف من تعاظم إيران العسكري والحاجة الى مواجهة المنظمات الإرهابية العالمية.
مصدر إسرائيلي كبير على علاقة بملف العلاقات مع الناتو يؤكد أنه يتعاظم الشعور في الناتو بأن المش
روع النووي وبرنامج الصواريخ الإيراني يمثل تهديداً لأمن أوروبا، وليس فقط لدول الخليج وإسرائيل، وعلى هذه الخلفية يتعاظم التعاون الإستخباري حول إيران.
روع النووي وبرنامج الصواريخ الإيراني يمثل تهديداً لأمن أوروبا، وليس فقط لدول الخليج وإسرائيل، وعلى هذه الخلفية يتعاظم التعاون الإستخباري حول إيران.
رئيس الأركان اشكنازي الذي شارك قبل أسبوع في اجتماع رؤساء هيئات أركان جيوش دول الناتو قال أن ” إسرائيل ترى في الناتو حليف استراتيجي في الحرب ضد الإرهاب “، وشدد على تبادل المعلومات بين الجانبين الى جانب التعاون في مجال عمليات الإنقاذ، وحماية الحدود، الى جانب التعاون في المجال الطبي واللوجستي. وأشار اشكنازي الى رغبة إسرائيل في تعميق التعاون الأمني مع حلف الناتو ومع كل دولة من دوله على انفراد. ومن أجل ذلك سيحل في مطلع العام القادم امين عام حلف الناتو الهولندي ياف دا هوف ضيفاً على إسرائيل، وهي الزيارة الثانية التي سيقوم بها لإسرائيل.
إلى أي حد يمكن أن يتعاظم التعاون بين إسرائيل ودول الناتو؟ زينتوبسكى يؤكد أن إسرائيل في هذه الحالة مثل السويد التي على الرغم من أنها تؤكد على حيادها، إلا أنها تحافظ على علاقات عملية مع الناتو، وهي لا تتردد في الإشتراك في المناورات العسكرية للحلف وتسمح لقوات الناتو بالتدرب على أراضيها.
لكن لا ينطبق عليها البند 5 من ميثاق الحلف للعام 1949 الذي ينص على إلتزام ثنائي بين الحلف وبين الدول المشاركة فيه، بحيث أن أي غزو أجنبي لأي دولة من دول الحلف يعد على أنه غزو لكل دول الحلف.
لكن ما فرص تطبيق النموذج السويدي على إسرائيل؟ زينتوبسكي يؤكد أن العلاقات بين الجانبين اليوم أوثق مما كانت عليه قبل سنوات، ويتوقع أن تزاد هذه العلاقات توثقاً وقوة، لأن للطرفين مصلحة في ذلك، وينوه الى أن ناتو تؤكد الآن أن الباب مفتوح أمام تعزيز التعاون مع إسرائيل.
رابط التقرير: