ما بين السجون العراقية …..وسجون الاحتلال الإسرائيلي…؟؟
……..إسرائيل كانت “واحة الديمقراطية الوحيدة” في منطقة الشرق الأوسط،قبل أن تحتل أمريكا العراق ويصبح “واحة الديمقراطية الثانية”،هذه الديمقراطية الزائفة والتي تنتهك فيها حقوق الإنسان بشكل سافر ومخالف لكل الأعراف والقيم والمواثيق الدولية،ولعل الجميع في العالم سمع وشاهد ما ارتكب وما يرتكب من انتهاكات وعمليات تعذيب وتنكيل بالأسرى والمعتقلين في السجون العراقية،والتي كان أشهرها فضيحة سجن أبو غريب،حيث الاعتداءات الجنسية والاغتصاب،واستخدام الكلاب في عمليات التعذيب،وعمليات الضرب والشبح والشبح المقلوب،وانتزاع الأعضاء التناسلية وغيرها من أساليب وحشية،ليس لها شبيه سوى ما استخدم في أكثر عصور البشرية ظلامية،عهدي العبودية والإقطاع، وحديثاً في عهدي النازية والفاشية ومعتقل “غوانتنامو،وما جرى ويجري في السجون العراقية،هو إحدى تجليات الديمقراطية الأمريكية القادمة للعراق،والتي أذاقت أهلة كل أشكال وألوان الذل والهوان،وفي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة العراقية الخاضعة للمشيئة والإرادة الأمريكية،حرصها على احترام حقوق وكرامة الإنسان،وأنه لا انتهاكات ولا تعذيب ولا سجون أمريكية سرية على أرض العراق،كشفت بعثة صحفية زارت سجن الرصافة العراقي،وبالطبع الزيارة نسقت مع الحكومة العراقية،وما تعنيه من تجميل لحقيقة ما يجري في السجون العراقية من ممارسات وانتهاكات لحقوق الأسرى،فقد أشارت تلك البعثة الى حدوث انتهاكات على درجة عالية من الخطورة،حيث أن كل خمسة أسرى يتقاسمون سرير واحد،والمساحة المخصصة لكل أسير لا تتجاوز شبر واحد،ويضطر الكثير من الأسرى أن يبقوا واقفين على أقدامهم،حتى يستطيع الآخرين النوم،ناهيك عن الحالة المزرية للحمامات والتي لا تفي بالغرض واحتياجات الأسرى،وإذا كانت هذه الأوضاع التي تم كشفها لوسائل الإعلام،فكيف ما يتم إخفاءه عن وسائل الإعلام من ممارسات وعقوبات ووسائل وأساليب تعذيب،أدي استخدامها إلى استشهاد العشرات من الأسرى العراقيين تحت وطأتها وشدتها،ناهيك عن العاهات المستديمة والآثار النفسية والجسدية التي تركتها وسائل وأساليب التعذيب على أجساد هؤلاء الأسرى.
هذا غيض من فيض مما جلبته”الديمقراطية” الأمريكية للعراقيين،والجميع ونحن على أبواب عيد الأضحى المبارك،نستذكر ما قامت به أمريكا والحكومة العراقية المعينة والمنصبة أمريكياً من استخفاف بمشاعر كل العرب والمسلمين،وانتهاك سافر لكل القيم والمبادئ الإنسانية من إعدام للرئيس العراقي الشهيد صدام حسين يوم العيد،والتنكيل بجثته بعد عملية الإعدام.
أما يتعرض له الأسرى الفلسطينيين من انتهاكات ووسائل قمع وتعذيب في أقبية التحقيق والسجون الإسرائيلية،فهو إلى حد كبير شبيه بما يجري من انتهاكات في السجون العراقية،فقبل مدة لا تزيد عن أسبوعين كشفت صحيفة”يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية عن وثيقة سرية أصدرها جهاز المخابرات الإسرائيلية العامة”الشاباك” عن أساليب وممارسات تعذيب غير تقليدية تستخدم بشكل ممنهج ومنظم ضد الأسرى الفلسطينيين،والتي طالما كانت إسرائيل تنكر استخدامها،وهي التي أيضاً كانت حتى الآن سبباً في استشهاد أكثر من 193 أسير فلسطيني في السجون والمعتقلات ومراكز التحقيق الإسرائيلية،ورغم أن ما يسمى بلجنة”لنداو”حاولت في تقريرها عام 1987 أن تنتقد ما يمارس من تعذيب بحق الأسرى الفلسطينيين بشكل خجول،إلا أنها شرعت التعذيب عندما أعطت الحق للمحققين الاسرائيليين باستخدام ما سمي بقدر معقول من التعذيب الجسدي والنفسي ضد الأسرى الفلسطينيين المحقق معهم والذين يرفضون التجاوب مع أسئلة المحققين أو الاعتراف بما يوجه لهم من تهم،والمسألة ليست قصراً على ما يجري ويستخدم من ممارسات وأساليب تعذيب في مراكز التحقيق الإسرائيلية،بل تمتد هذه الممارسات للسجون الإسرائيلية،حيث أن الكثير من الأسرى يفترشون الأرض بسبب الازدحام وعدم توفر أسرة وأماكن للمعتقلين،ناهيك عن اهانة وامتهان كرامة الأسرى من خلال اجبارهم على خلع ملابسهم وتفتيشهم وهم عراة، ناهيك عن مسلسل التنقلات والعزل الدائمة للأسرى من سجن لآخر،وما يرافق ذلك من عمليات تنكيل واذلال،وفي كل يوم تتفتق فيه عقلية ادارات سجون عن أساليب وممارسات تنكيلية واذلالية جديدة بحق الأسرى الفلسطينيين،حيث المئات من الأسرى محرومين هم وذويهم من الزيارة لمدد طويلة تصل عدة سنوات،تحت حجج وذرائع ما يسمى بالأمن،وفي الفترة الأخيرة زادت ادارات السجون من ضغطها عى الأسرى لحملهم على ارتداء الزي البرتقالي الخاص بالأسرى المدنيين،في خطوة تهدف الى تحقير وتسفيه نضالاتهم وتصويرهم عل
ى أنهم ليسوا مناضلي حرية،بل مجموعة من اللصوص والحشاشين والمجرمين والقتلة،وتعرض العديد من المناضلين للعقاب والقمع والعزل في الزنازين لرفضهم ارتداء هذا الزي،وادارة السجون في اجتماعها الأخير مع ممثلي المعتقل في أكثر من سجن أعلنت أنها لن تتراجع عن هذه الخطوة،وبما يؤشر على أن الحركة الأسيرة مقبلة على مرحلة ودورة قمع جديدة ،وكذلك وفي نفس السياق والاطارأبلغت ادارات السجون الأسرى أنه لن يسمح للأسير بزيارة أكثر من محامي،ويحظر على المحامي ادخال أي ورقة”كانتينا” للأسير،ويحظر على الأسير حمل أي قلم أو ورقة أثناء مقابلة المحامي،والمقابلة تتم عبر فاصل زجاجي والحديث عبر الهاتف وليس من خلال المقابلة المباشرة.
ان ما يحدث ويجري في السجون العراقية وفي سجون الاحتلال الاسرائيلي بحق الأسرى العراقيين والفلسطينيين،من ممارسات قمعية وتعذيب واذلال وامتهان للكرامة وسلب لكل الحقوق ومخالفة لكل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية ،والتي نصت على احترام حقوق وكرامة الأسير وضمنت له المعاملة الانسانية اللائقة،تستعي من ما يسمى بمنظمات حقوق الانسان ودعاة الديمقراطية،والتي ترفع صوتها عاليا وتطالب بأشدق العقوبات لمن يخرقون حقوق الانسان،عندما يتعلق الأمر بالاسرائيليين دون سواهم،أما اذا كان الأمر له علاقة بالعرب وبالذات الفلسطينيين،تعهر المباديء والقيم وتصمت منظمات حقوق الانسان ودعاة الديمقراطية صمت القبور،وها هو مثال حي وصارخ على ذلك،حيث يحاصر شعب بأكمله في القطاع ويحرم من كل مستلزمات الحياة الانسانية،ومنظمات حقوق الانسان وما يسمى بالعالم الحر تصم آذانها وتخرس ألسنتها،وكأن ما يجري ليس له علاقة بإبادة جماعية وجرائم حرب ضد الانسانية.
ومن هنا ما يحدث في سجون العراق والاحتلال الاسرائيلي، يكشف زيف وكذب دعاة وحماة ما يسمى بالديمقراطية وحقوق الانسان،وهذه القيم يجري استخدامها وترويجها فقط بما يخدم أهداف ومصالح حكومات الاحتلال والقوى الاستعمارية.
راسم عبيدات
القدس – فلسطين
2/12/2008