ما إن عدّل بوتفليقة الدستور الجزائري حتى هرولت أحزاب الإعتلاف الرئاسي المشكل من جبهة التحرير الوطني المسلوبة السيادة والارادة، والتجمع الوطني الفاقد للهوية، وحركة مجتمع السلم «المتاسلمة» بامتياز، لتعقد اجتماع المبايعة لبوتفليقة، وتعده بتحقيق نصر كبير، في الرئاسيات القادمة، ثلاثة أحزاب شاركت بقوة في الانقلاب على إرادة الشعب الجزائري، تتطاول مرة أخرى وتعد بتحقيق النصر الكبير.. لكن النصر.. على من؟ على الشعب الجزائري؟ الذي همشتموه، وتلاعبتم بمصيره، وحددتم مسار أجياله في برلمان فاقد للشرعية ولا يمكنه أن يثير في الشعب الجزائري سوى الغثيان والرغبة في التقيؤ؟
شخصيا اشهد لكم بالنصر مسبقا، وأهنئكم عليه أيما تهنئة، لأنكم والكلّ يعلم، محترفون في صنع التزييف، والكذب على أذقان الشعب، وما دام أنكم أعلنتم انتصاركم على الشعب الجزائري في جولة الانتخابات الرئاسية، فستنجحون بالتأكيد في الفوز بالجولة، لكنني وكل شرفاء هذا الشعب، نؤكد لكم أن الجولة المحسومة، ستحسم مصيركم وإلى الأبد، فالفوز في لعبة التزييف، والتلاعب بإرادتنا، سيولّد بالضرورة، بذور مقاومة شعبية لا سابق لها، مقاومة لن أقول أنها ستأخذ طابع العنف، وما شابهه، لأن العنف الأعمى، هو ما فسح المجال للمتلاعبين بإرادة الشعب، للوصول إلى المراكز المتقدمة في السلطة والتسلّط، لكنها برأيي ستكون مقاومة من نوع خاص، مقاومة ستترك هؤلاء الحكام يحكمون الوهم والسراب، لا الشعب، لأنهم وببساطة صنفوه في خانة المنهزم..
أقول كل ذلك وأصرّ عليه، لأنني شأني وشأن كل من ضحى في سبيل استقلال الجزائر، نعي جيدا أن فرنسا الاستعمارية، وبكل قوتها العسكرية والمخابراتية، وبرغم استيطانها في الجزائر 132 سنة لم تقو على الصمود أمام الشعب الجزائري الثائر، لأكثر من سبع سنوات فقط
من هذه النهاية المنطقية والموضوعية للحقبة الاستعمارية التي تحالفت فيها قوى الشر الاستعماري لتركيع شعبنا، تكون بداية العد التنازلي لاندثار التحالف البيزنطي ضد الشعب الجزائري، فالحمد لله أن العديد من الأصوات الحرة في الداخل كما في الخارج بدأت تكشف سيناريو الانقلاب على شعبنا، وتعري المتورطين فيه أمام الرأي العام الوطني والدولي، وتفضح بالتفاصيل أهداف ومقاصد الانقلابيين، هؤلاء الذين سبق للشهيد العربي بن مهيدي أن تنبأ بمؤامراتهم في عز الثورة المباركة، وقال بخصوصهم: إنني أرى في هذه اللحظة ما سيقوم به الحركى وأبنائهم في الجزائر المستقلة…
لعلّ البعض سيآخذني على الاستناد في كل مرة على ثورتنا المجيدة، وهذا ما حصل بالفعل في العديد من التعليقات على كتاباني السابقة، ولهؤلاء أقول وأؤكد أنه لا خلاص للجزائر، الا في التخلص من خدّام فرنسا وأتباعها في الجزائر، والذين انتقلوا من مرحلة اختراق دواليب السلطة، الى مرحلة الانتقام من الشعب الجزائري، وهذا ما أشار اليه الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد في آخر تصريح له، عندما عبّر عن ندمه الشديد لفتحه الأبواب أمام ضباط فرنسا للالتحاق بصفوف الثورة….
جمال الدين حبيبي