خضر عواركة
الناظر من الخارج لمملكة آل سعود يراها واحدة موحدة بينما يعرف كل من هو على صلة بمتابعة أنباء أبناء عبد العزيز بأنهم ممالك وإمارات متنازعة متطاحنة تتآمر الواحدة على الأخرى وتعمل كل منها في دائرة مغلقة من الأعوان والرجال والأنصار ضمن خطة تهدف من كل طرف لكسب أكبر مساحة ممكنة من النفوذ السياسي والعسكري والأمني والمالي في المملكة.
حالة الصراع بين الأمراء مستمرة اليوم وللأسف لا يتبارى المختلفون من أبناء عبد العزيز بن عبد الرحمن الإنكليزي (الملقب بإبن سعود لكسب ود السلفيين حيث كان بن سعود الأصلي حليفا مباشرا لمحمد بن عبد الوهاب رائد التنوير الثقافي العلماني بحسب مفكري البترودولار نصير الأسعد وعقاب القبوط ”صقر سابقا” و” حازم صاغية غصوب” وباسم السبع) لا يتبارى العبد الرحمانيون آل الإنكليزي بين بعضهم البعض بالرجولة في خدمة الواقعين تحت مصيبة مواطنتهم ولا في تحقيق تنمية حقيقية لأبناء الحجاز ونجد وعسير ونجران ممن لا يزالون تحت خط الفقر بمقياس الصومال وسور الرياض العازل لمناطق الفقراء قرب قصر الملك شاهد على ما أقول.
أبناء عبد العزيز يختلفون ويتنافسون ولا يختارون ميدانا للتنافس إلا في ساحة التقرب بالعبادة لإسرائيل وفي مجال خدمتها، يستشرسون على بعض فيذهب واحدهم بعيدا في خدمة من يزعمون أنهم نسل يعقوب (إسرائيل الله) ظنا منهم بأن كسب عطف ورأفة ودعم العم سام يمر فقط بخدمة دولة الكيان الصهيوني الغاصب.
من هذا المنطلق وكما يعرف الخاصة فعلاقة بني عبد عزيز بإسرائيل ليس وليدة اليوم بل هي من عمر الكيان الذي أنشأه بن عبد الرحمن الإنلكيزي الملق ببن سعود ولكن علنيتها اليوم هي نتاج تصابي ملك أراد قطع الطريق على مفاوضات سورية إسرائيلية جدية قد تقضي أوروبيا وأميركيا على حصار سوريا ، هذا هو السبب المباشر للتطبيع العلني والعلاقات الأخوية بحكم القرابة الأيدولوجية (سماه نصير الأسعد فيلسوف الوهابية الجديد بهجوم السلام السعودية) بين السعودية وإسرائيل ولهذا الهدف (قطع الطريق على مفاوضات سلام جدية بين سوريا وإسرائيل) إستأجر الملك عبدالله بن عبدعزيز مبنى الأمم المتحدة للإحتفاء بأول لقاء علني سعودي إسرائيلي مباشر بحضور شهود دوليين وعرب.
إنها مباراة سعودية – سعودية في من يقدم أكثر لإسرائيل طلبا للثبات في الحكم بالدعم الأميركي ومباراة سعودية – سعودية لقطع الطريق على سياسة سورية تسعى جاهدة لتثبيت مكاسبها من صمودها في وجه العته الأميركي.
السياسة السعودية قائمة الآن على محورين يتحركان بشكل متنافس ومتوازي، واحد بندري سلطاني يعاونه فيه إخوانه وحلفائه وآخر ملكي عبداللهي يمتد إلى صحف إسرئيل سعيا لفرصة لتقبيل ايادي الشعب الصهيوني فردا فردا إثباتا للولاء وإستدراجا للدعم.
الأول البندري يسعى لضرب سوريا وإيران ولبنان وفلسطين بالإرهاب والتفجير والحرب الإسرائيلية المباشرة على كل من شعوب تلك البلاد الآنفة الذكر والثاني الملكي العبدللهي المقبل لأيادي الصهاينة فردا فردا، يحارب في سبيل إبقاء الحصار السياسي دوليا على سوريا ويسعى للتخريب اينما يستطيع في بلاد تعادي إسرائيل وإن فاوضتها (لأسباب قد نرفضها ولكن نحترم غاياتها النهائية وأسبابها الموضوعية) وذلك بالرشاوى الملكية والتخريب الداخلي والإختراقات الأمنية وبتعميم مقولة أن :
” سوريا تريد من مفاوضة إسرائيل كسب الوقت لا غير (ولم لا ) وتحطيم الحصار الدولي من حولها(ولماذا يقهر هذا الأمر ملكا عربيا؟) والضحك على ذقن العالم بالمفاوضات مع إسرائيل بينما هي في الواقع تنتظر ضعفا إسرائيليا يمكنها من إنتزاع الجولان بلا أي مقابل( يوم المنى لكل عربي فلماذا يغضب هذا الأمر السعوديين؟) “.
من هذا المنطلق فما قام به الملك عبد الله بن عبد العزيز لا علاقة له لا بالحوار ولا بالدين بل هو (أي مؤتمر الحوار بين بيريز وكأس الملك عبدالله) حركة سياسية الهدف منها تقديم إغراء لإسرائيل كي توقف المفاوضات مع سوريا حول الجولان مقابل علاقات سياسية علنية كاملة بين السعودية وخادم الحرمين .
هذه ولدنة سياسية يعتقد القائمون بها بأنها ستقدم أو تؤخر في قرارت دولية حول التعاطي الواجب مع سوريا في المرحلة المقبلة التي تمل
ك فيها سوريا أوراقا عدة تستخدمها لمصلحة حماية شعبها ولمصلحة تحقيق أكبر قدر ممكن لبلد مثل سوريا أن يقدمه من حماية ودعم لحقوق الشعب الفلسطيني ولحق اللبنانيين بالإحتفاظ بقوة ردعهم مقابل إسرائيل.
ك فيها سوريا أوراقا عدة تستخدمها لمصلحة حماية شعبها ولمصلحة تحقيق أكبر قدر ممكن لبلد مثل سوريا أن يقدمه من حماية ودعم لحقوق الشعب الفلسطيني ولحق اللبنانيين بالإحتفاظ بقوة ردعهم مقابل إسرائيل.
أما عن خادم الحرمين الشريفين فإن السؤال يتبادرإلى ذهن المتابع فورا ، أينه من الحرم الثالث ؟ وأين خادم الحرمين من عباد الله الجائعين في القدس وغزة والضفة وعكا؟ وكيف يخدم حرم الله ونساء المسلمين ورجالهم يئنون من خيانته لهم في قدس المسلمين والمسيحيين.
خادم الحرمين يمول دعاية تهدف إلى الحصول على لقب صديق إسرائيل في نفس الوقت الذي تقتل فيه إسرائيل عشرات الفلسطينيين شهريا وتجوع وتحاصر مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة وتهدم بيوت المسلمين وقبورهم في القدس وتسجن أثني عشر الف أسير فلسطيني في معسكراتها النازية ، كل ذاك لم يجد طريقه إلى ورقة هجاها حرفا حرفا ملك السعودية في قاعة إحتفاله بلقائه العلني الأول مع صديقه الحميم شمعون بيريز (ولكم في خيانة مايكل جاكسون لإبن ملك البحرين قدة).
هذه هي مصائب الفلسطينيين وهذه هي مصائب ثالث الحرمين يا ملك السعودية الذي نعرف بأن خدمة الحرمين ليست هدفه بل خدمة الحرامين في واشنطن وتل أبيب ، الأولى أي خدمة الحرمين لا تتم بدون خدمة وتحرير أو على الأقل عدم تغييب مصائب الحرم الثالث وإحتياجاته.
أميركا طلبت مئة وعشرين مليار دولار من السعودية وحصلت عليها ولا شك في ذلك فكم دفعت السعودية لتثبيت أهل الحرم الثالث في ديارهم وكم حيا في القدس بنت لأهل القدس وكم تظاهرة دولية دعم ومول وحقق في سبيل رفع مظالم أهل القدس إلى الآذان العالمية ملك الحوار بين الكأس السعودي وكؤوس مملؤة بدماء أطفال العراق.
نحن نتسائل دون أن ننتظرالجواب لأننا نعرفه فقد إستلمناه سلفا منذ ستين عاما وإلى اليوم وبشكل يكاد يكون يوميا.
ولكي نفهم بعض ما يجري في السعودية علينا أن نفهم قصة الصراع بين السديريين من أبناء عبد عزيز وزعيمهم اليوم سلطان وأولاده وبين إخوانهم من أبيهم من ولد نساء غير السديرية ويمثلهم عبدالله بن عبد عزيز .
ولأن السديريون هم الأقوى والأكثر نفوذا في حياة والدهم فقد إستمر هذا الأمر بعد وفاته وحتى يومنا هذا ورغم ذلك لم يستستلم الأمراء الآخرون لهذا الواقع فعمل المعادون للسديريون على منازعتهم نفوذهم بتوحيد نفوذهم في الأماكن التي يجب عليهم ذلك لمقارعة السديريين الذين أمسكوا ولا زالوا بعصب الجيش والطيران والمخابرات والإقتصاد والسمسرات وتجارة البترول والأراضي، فكان أول عمل قام به الملك سعود بعد وفاة والده هو تعيين أخيه غير الشقيق والضعيف جدا عبدالله على رأس قوةرمزية مشكلة من رجال القبائل هي الحرس الوطني الذي كان في العام 1963 اشبه بميليشيا فوضوية قبائلية تراتبيا، ولأن الملك سعود يعرف بأن عبدالله ضعيف إختاره على رأس تلك القوة لثقته أنه سيبقى وفيا له لأن لا سند آخر له ولكنه في نفس الوقت ، كان يعرف محدودية قدرات عبدالله التنظيمية والقيادية، فهو رجل شبه أمي لم يدخل مدرسة قط ولم يكن له خبرة في العمل الإداري الحديث ورغم كل تلك النواقص وثق به وعينه على رأس تلك القوة التي رسم لها مستقبلا يجعلها سيفه العسكري بعد تقويتها و تنظيمها لتصبح أقوى من الجيش النظامي ، ولتحقيق ذلك كان يعرف بأن عبدالله لا ينتقل من مكان إلى مكان دون مستشاره وصديقه الداهية عبد العزيز التويجري، ذاك البدوي الحاد الذكاء والمثقف الذي جمع التعلم الحديث وفن الإدراة والقيادة الفطرية في شخصيته القوية جدا والطموحة جدا والمخيفة جدا لخصومها فكيف لو كان على رأسه غطاء ملكي من سعود وأميري من نسيب قبائل الشمر أخوال عبدالله بن عبد العزيز وهي قبائل تعد بالملايين ويمتد نفوذها من بر الشام إلى حدود اليمن ؟ .
ذاك المنصب الكبير والثقة المطلقة التي وضعها الملك سعود في عبدالله جعلته هدفا للسديريين ولرجالهم وجعلت من أعينهم لا تغيب عنه خصوصا حين بدأ التويجري يجول ويصول في طول المملكة وعرضها بإسم الملك وبإسم عبدالله يجند رجال القبائل الذين يدينون بولاء الدم لنسيبهم عبدالله (ولو كان جاهلا على الصعيد الشخصي بمقومات القائد العسكري ) ثم بعد الحصول على الرجال والبدء بتدريبهم على ايدي الخبراء الأجانب بدأ التويجري يسافر إلى الخارج ليحصل على السلاح الحديث من طائرات ودبابات وصورايخ ومدرعات وكل صنوف الاسلحة التي تستعملها الجيوش الحديثة بشكل اثار الغيرة والحسد في صفوف السديريين لأن صفقات السلاح تلك بدأت تدر أموال السمسرات على عبد الله وضمنا على التويجري ولأن المال في السعودية يشتري الرجال وليس العكس فقد بدأ رجال عبدالله يتكاثرون عبر شرائهم في مراكزهم فيبدلون ولائهم بإتجاه الولاء له أو عبر
تعيين رجال جدد من أتباعه في المراكز العسكرية والسياسية والحكومية .
تعيين رجال جدد من أتباعه في المراكز العسكرية والسياسية والحكومية .
ولأن المال يجر المال والعسكر يلزمه السلاح والقواعد والثكنات فقد فتح التويجري مدعوما من عبدالله سوقا مليئة بالفساد لمناقصات بناء القواعد العسكرية للحرس الوطني الذي تضاعف عدد أفراده وضباطه وسلاحه عشرات المرات وصار بالفعل جيشا آخر للمملكة ما جعل من عبدالله خلال أقل من عشر سنوات يتحول من أفقر أمراء آل سعود إلى واحد من كبار أغنيائهم وطبعا لم يصل إلى درجة ثراء أخيه غير الشقيق فهد الذي مذ كان وزيرا في الحكومة كان يفرض سطوته على سوق المناقصات الإنشائية الضخمة في المملكة من طرق ومدن وقصور درت عليه المليارات التي لا يعلم عددها إلا الله أما سلطان فقد تمسك لدرجة الإستقتال بمواطئ نفوذه في الصفقات الخارجية الضخمة أكانت عسكرية للجيش أم مدنية لشركة طيران السعودية ، وحتى في أيام حياة والده عبد العزيز وفي حياة الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد (واليوم ايضا) بقي سلطان سيد تجارة السلاح وشريكا في فساد صفقات البترول بلا منازع عبر رجاله أولا ثم عبر أولاده .