م. زياد صيدم
سمع بأن جاره أبو عمر قد أقسم يمينه أمام الجميع .. بأنه يُشعل الفانوس بالمازوت المهرب والمتوافر في الأسواق بثمن البنزين .. لم يصدق ذلك .. بعد صلاة العشاء انطلق إلى بيت جاره ..يتحسس عتمة الطريق بمصباح صغير في ولاعته .. قرع الباب بيده .. استقبله مرحبا .. كان شعاع ضوء ينبعث من فانوس أضاء فناء البيت القديم .. تعجب !.. أجابه أبو عمر: نخلط المازوت بملح الطعام ونتركه فترة بعد رجه وها هي النتيجة أمام عينيك .. تمتم ثم أردف : لقد ربحت الرهان أبا عمر .. شربوا الشاي جميعهم .. وفى طريقه إلى باب المنزل مغادرا.. أعاد على مسامع جاره بان العشاء غدا عندي إن شاء الله.. وقبل أن ينصرف.. ذكره بإحضار لتر من المازوت المُملح.. فزلزلت ضحكاتهما الهستيرية عتمة الحارة .!!
****
طرقت عتمة الليل معظم الأبواب كعادتها في هذه الأيام .. أشعل الأب فانوس يعمل بالمازوت المُملح.. جاءت راكضة ابنة الخامسة نحوه فرحة متهلل وجهها.. معتقدة بأنه فانوس رمضان الذي طالما طلبته باكية على مدار عامين.. ولم يلبى لها نداءها لعدم توافره في الأسواق..تساءلت ببراءتها لقد كبر الفانوس يا أبى.. اقتربت منه.. تشنجت حركتها أمامه.. فرائحته منفره و نتنة من مازوت يحترق.. تنبعث منه حرارة ساخنة لم تعهدها .. كانت واجمة، متسمرة ، حزينة، بينما كانت تنظر إلى أبيها وقد خاب ظنها بفانوس رمضان.. بألوانه وأضوائه وموسيقاه الغنائية الفرحة .. كان لا يزال يتأملها ويسمعها بانتباه شديد.. قبل أن يسارع إليها ليضمها إلى صدره ويجفف دمعها.. استدرك الوضع على مشهد لم تنتهي فصوله بعد.. ورنت في أذنه كلماتها الأخيرة بان الفانوس قد كبر.. وأصبح مريضا كجدتها الختياره .. فانطلقت ضحكاته هستيرية . !!
إلى اللقاء.