بقلم د. رفعت سيد أحمد
تمخض الجبل فولد فأراً، هذا هو حال الموقف الرسمي المصري مع قضية الطبيبين المجلودين بتهم ظالمة في المملكة السعودية، وكان (الفأر) الذي ولده الجبل هو رسالة يتيمة أرسلها وزير الخارجية المصري إلي نظيره السعودي رسالة رقيقة مهذبة، ضعيفة مثل صوته، ولاعنة وفقاً لصحيفة الأهرام الرسمية المصرية (الصحافة وحملتها الحادة التي لها عواقب سيئة علي القضية) الأهرام (28/11/2008)، وبدلاً من أن يلم الوزير ناعم الصوت، المجرم، إذ به يدين الضحية ومن آزرها من الصحفيين والرأي العام، وكأن الأمر لا يعنيه، أو كأنه وزيراً لخارجية السعودية وليس مصر..
* بالله عليكم هل يليق بمصر أن يكون وزيرها مثل (أبو الغيط) يسكت علي جلد شعبه في مملكة يطبق فيها القانون (الظالم والجائر) علي الفقير والغريب (العربي فقط) ويترك الغني وخاصة إذا كان من الأسرة الحاكمة، وكأننا في عصور الجاهلية مصداقاً لحديث النبي الكريم صلي الله عليه وسلم الذي يلعن فيه قوماً ـ من الجاهلية ـ كانوا إذا سرق فيهم الغني تركوه وإذا سرق فيهم الفقير أقاموا عليه الحد؟!
* بالله عليكم هل هذا وزير يحترم شعبه أو إعلام بلده، وإذا كان هو بهذا الضعف والليونة أمام آل سعود وقضائهم (الذي ليس هو بقضاء) بل مجرد أهواء ومصالح لأمراء ذوي نفوذ .. إذا كان أبو الغيط في هذه القضية الواضحة في ظلمها وجورها بهذا الضعف والمذلة كما تشير رسالته لسعود الفيصل وغضبته من إعلام بلده، فهل ننتظر منه أن يكون (غضنفر) في آلاف القضايا التي يعاني منها المصري داخل (مملكة العبيد) من نظام الكفيل غير الإسلامي وغير الإنساني؟ هل ننتظر من الوزير ناعم الصوت، أن يعلو صوته، بالمطالبة بتحسين أوضاع المصريين الغلابة في بلاد النفط، وأن يتم مساواتهم بالأمريكيين أو الأوروبيين أو حتى الفلبينيين، الذين لا يجرؤ أي مسئول في تلك المملكة علي أن يرفع صوته، ولو بكلمة في وجوههم، مجرد كلمة، وليس تطبيق نظام العبودية الإجرامي هذا والمسمي بنظام الكفيل!
* هل يدرك وزير الخارجية المصري المحترم أن لدى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في هذه اللحظة التي نكتب فيها هذا المقال (60 حالة مصرية) لموظفين وعمال وأطباء ومهن أخرى إما أكلت حقوقهم في تلك المملكة التي يدعي حكامها أنهم حماة للحرمين الشريفين أو معتقلين في سجونهم شديدة القذارة والقسوة، أو قيد (الجلد) كعقوبة لا صلة لها بالإسلام المحمدي السمح، هل يعلم الوزير المحترم بهذه الحالات، وإذا كان يعلم فماذا فعل لهم هو أو سفيره أو قنصله العام، هل كانوا مشغولين كما يتردد في الإعلام العربي بإرضاء الأمراء ورجال الأعمال هناك لأسباب يعلمها القاصي والداني، وأين هي قيمة أو كرامة المصري الذي من أجله وفقاً للدستور تم توزير هذا الوزير المحترم وطاقمه من سفراءه وقناصله؟!
* إن ما جرى، ولا يزال يجري للمصريين في السعودية، لم يكن ليتم لو أن في مصر حكاماً يحترمون الشعب أصلاً، ويعرفون قدر بلادهم وتاريخها ومنزلتها، لكنها (أي مصر) للأسف لا تمتلك أمثال هؤلاء، وحالها اليوم يشبه حال وزير خارجيتها، رجل لا يملك إلا الرسالة الناعمة والصوت الناعم واستجداء العفو واتهام الذات والإعلام بإشعال الأزمة إزاء جريمة جلد طبيبين بريئين، اتهمتهما سيدة وزوجها وشقيقها يؤكد العالمون بالأمر في السعودية أنهم جميعاً من المدمنين أصلاً، بتهمة ظالمة ولم تحدث، وأؤكد للقارئ الكريم أنها لم تحدث ولدينا الوثائق والشواهد علي ذلك، ومع هذا عوقبا بالجلد 1500 جلدة وعشرين عاماً سجناً رغم أن أقسى عقوبة في الإسلام هي 80 جلدة وقام فريق من بني جلدتنا وديننا بتأييدهم في ذلك رغم علمهم أن هذا القدر من الجلد ليس من الإسلام ولا حتى من الجاهلية!!
* إنها يا سيادة الوزير ويا قادة الرأي العام، ويا صحافة آل سعود في بلادنا، ويا كل من أيد هذه العقوبة، لو تمت في عهد ما قبل الإسلام، لخجل أبو لهب أكبر كفار قريش ذاته من أن يحكم بها، لقد آن للشرفاء أن يغضبوا أكثر وأكثر لأن في ذلك إهانة للإسلام ذاته، ولا يلقوا بالاً للوزير ناعم الصوت، ولا للمتسعودين الأجراء في بلادنا من جماعات إسلامية وصحفيين وسياسيين، فلقد كشفتهم الأزمة وأضحوا بحاجة إلي غطاء أو حزام عفة يداري سوءاتهم. ولا حول ولا قوة إلا بالله.