حاوره: بسام الطعان
شاعر سورية، من مدينة دمشق، ولجنا إلى بيته الشعري بعد أن أخذنا الإذن منه، ولم نكن ندري أن بيته مبني على الحزن والتشاؤم والسخرية أكثر مما هو مبني على الفرح والتفاؤل والمرح، ووجدنا انه يتألم كثيرا وهذا من حقه، يتألم من الواقع العربي، والتعصب، وجمود الشاب الفكري والثقافي.
ـ الكثيرون يعرفون من هو عمرو كيلاني، ولكن هناك من لم يسمع به بعد، لهؤلاء كيف تعرّفهم إليه؟
* شكرا للذين يعرفونني ويقرؤونني ويستمعون إلي، ولا أظنهم كثيرين كما قلت، واعتذر ممن لم استطع الوصول إليهم بعد.
إن مسالة علاقة الترابط الشعري بين الشاعر والقارئ تقع على كاهل الشاعر وحدة، ولا ذنب للقارئ بهذا. القصيدة شاعر عار ٍ، حقيقي تماما، أو يجب أن يكون، وان معيار معرفة الشاعر من قبل الناس وقياس مدى شعبيته يعتمد على ما يكتب، لأن القصيدة هي الرابط الوحيد بينهما. كلما كانت تشابه كليهما، كانت الثقة اكبر وأطول، وهذا برأيي هدف الشاعر، أن يقتنص من الناس أفكارهم ويكتبها بأيديهم وقولبهم، ويبثها إليهم، حتى يقول كل واحد منهم: هذا أنا، هذا كلامي.
ـ لو سألك احد ما عن دوافعك نحو نظم الشعر ما ستقول له؟
* الفكرة التي تجرح العقل، والموسيقا التي تخدش القلب.
أنت تستطيع أن تقول ما تريد حين تكتب نثرا، النثر مضمار واسع جدا، وهو أكثر لطفا وترحيبا بزواره من الشعر، لذلك ترى قصيدة النثر أو كما يسمونها، تلاقي رواجا واسعا في أوساطنا الأدبية، أما الشعر فهو تماما، أن تجعل ذئبا يعزف على كمان.
ـ كيف يتشكل النص لديك، ومن أين يأتي، من المعاناة أم من الفرح، أم هذا وذاك ؟
* الشعر مجهول المكان، لا اعرف من أين يأتي، لكنه يأتي، يأتي بنفسه بعظمته إليك، يختارك أنت دون غيرك ويمنحك ثقته، ويُريك ما لم يره الآخرون قبلك لتكون رسوله، وأظن أن المعاناة كلمة واسعة جدا، تشمل الكثير من العواطف ومن بينها الفرح، أنا اكتب ما أراه أمامي، ما أعيشه وما يعيشه الآخرون حولي، الواقع السياسي العربي المتردي، الواقع الاقتصادي، النزاعات العربية العربية، التعصب الديني، جمود الشباب الفكري والثقافي، انعدام الحس بالمسؤولية، والحب الذي يقبع في الزوايا خجولا، أما عن ديناميكية الكتابة فكما يقول محمود درويش:
” قل ما تشاء. ضع النقاط على الحروفِ
ضع الحروف مع الحروف لتولد الكلماتُ
غامضة وواضحة، ويبتدئ الكلامُ
ضع الكلام على المجاز. ضع المجاز على الخيال
ضع الخيال على تلفته البعيدِ
ضع البعيد على البعيد.. سيولد الإيقاعُ
عند تشابك الصور الغريبة من لقاء
الواقعي مع الخيالي المشاكس”
ـ أيهما تعتبره أكثر غنى وأكثر جمالا، الشعر الكلاسيكي أم الشعر الحديث؟
* أنا استمع إلى أغاني أم كلثوم، مما كتبه احمد رامي، وبعض الأغاني العراقية، من أشعار مظفر النواب، اقرأ الجواهري والمتنبي ،محمود درويش وأمل دنقل ، ممدوح عدوان وانسي الحاج، معنى هذا أن الشكل ليس مشكلة بالنسبة لي ما دام يقدم فنا علي الجودة، ولا أحب كثيرا، بل اكره معارك النقاد حول قضايا الشكل، ببساطة” الكلام الجميل جميل”.
ـ هل الشعر له وظيفة أو دور في الحياة؟
* له وظيفة ، براتب ضئيل.
ـ كيف يمكن تعزيز التواصل بين الخطاب الشعري وبين المتلقي؟
* يجب أن توجه هذا السؤال يا سيد بسام إلى وزارات الثقافة واتحاد الكتاب العرب، ورؤساء تحرير المجلات والصحف العربية، وأنا أحب أن اشكر الآن الدكتور سماح إدريس، رئيس تحرير مجلة الآداب، فهو يحمل مشروعا إنسانيا ثقافيا سياسيا، يخدم الإنسان العربي، ويتيح للشباب فرصة لطرح أفكارهم والظهور، فبالرغم من جميع المشاكل التي تعاني منها المجلة، إلا أنها لم تزل تصدر بنفس النفس الذي أنشأها عليه الراحل سهيل إدريس. على منابرنا الثقافية أن تكون محترمة وموضوعية وذات إيديولوجية ومشروع واضح كما الآداب، وان نبتعد عن تأميم هذه المنابر لصالح مافيا الرأي.
ـ ما هي مقومات القصيدة الناجحة ، هل القائمة على فن لغوي، ومرتبطة بمحيط الإنسان وبيئته ، أم ماذا؟
* القصيدة الناجحة هي التي يتذكرها الناس ويرددونها دائما، هي التي تبقى وتـُبقي
صانعها، يجب ان تكون مرتبطة بالواقع، وإلا تكون مسرفة في الخيال، فما جدوى الشعر أن كان بعيدا عن حياتنا، نحن يا أستاذ بسام شعوب لا يجب أن تفكر بالكماليات، حتى الشعرية منها، أنا استغرب كيف يجد الشاعر العربي متسعا من الراحة النفسية ليخوض في تساؤلات عديمة الفائدة وعنده فلسطين والعراق، عنده انعدام الحرية، عنده الفقر والمرض، عنده التعصب الديني والعرقي والقومي والطائفي. أما أسلوب الطرح واللغة فهذا عائد للشاعر وثقافته، وهنا يكمن الاختلاف بين شاعر وآخر.
صانعها، يجب ان تكون مرتبطة بالواقع، وإلا تكون مسرفة في الخيال، فما جدوى الشعر أن كان بعيدا عن حياتنا، نحن يا أستاذ بسام شعوب لا يجب أن تفكر بالكماليات، حتى الشعرية منها، أنا استغرب كيف يجد الشاعر العربي متسعا من الراحة النفسية ليخوض في تساؤلات عديمة الفائدة وعنده فلسطين والعراق، عنده انعدام الحرية، عنده الفقر والمرض، عنده التعصب الديني والعرقي والقومي والطائفي. أما أسلوب الطرح واللغة فهذا عائد للشاعر وثقافته، وهنا يكمن الاختلاف بين شاعر وآخر.
ـ هل ترى بأن الشعر العربي يتطور وتضاف إليه إضافات جديدة سواء على صعيد الشكل وعلى صعيد المضمون؟
* بالنسبة للشكل فنحن لم نزل واقفين عند برهان جدوى”قصيدة” وحظيا على قبول المتلقي ( البسيط، العفوي) وبالنسبة للمضمون فأظن أني تطرقت لهذا آنفا.
ـ برأيك هل من شاعر في سوريا يتابعه الجمهور باستمرار؟
* بالتأكيد.
ـ القصيدة السورية هل لها خصوصيتها، وأين موقعها على المشهد الشعري العربي؟
* الوضع الشعري العربي متردي بشكل عام، ولا اعتقد أن هناك قصيدة سورية وقصيدة لبنانية أو مصرية أو.. أو.. الخ
الشاعر السوري والمصري واللبناني والتونسي والموريتاني، يمثل الشاعر العربي ،والقصيدة السورية او اللبنانية تمثل القصيدة العربية.
* الوضع الشعري العربي متردي بشكل عام , و لا اعتقد أن هناك قصيدة سورية و قصيدة لبنانية أو مصرية أو .. أو … الخ.
ـ ذات مرة كنت في احد المراكز الثقافية في مدينة سورية، وبعد انتهاء الأمسية الشعرية نهض ناقد وقال بعصبية: ماذا أصاب الشعر السوري، لماذا لا يتطور، لماذا يتراجع إلى الوراء باستمرار، هل توافق هذا الناقد على ما قاله؟
* يجب أن اعرف من هو الناقد أولا !!
ـ ما موقفك من الشعر الذي خرج على القافية وعلى التناظر الوزني؟
* الشعر بلا إيقاع ليس شعرا، لا أحب تسميته شعرا، قد يكون جميلا كما قلت، لكنه ليس شعرا، الشعر تزاوج الكلمات باللحن.
ـ شعراء الحداثة لا يقدمون أي شيء مفيد للشعر وللمتلقي، هذا قول البعض وخاصة النقاد، ما قولك أنت؟
* الحداثة، لا يمكن أن تكون في مجال من مجالات المجتمع دون آخر، حين ظهرت الحداثة في أوربا أو أمريكا ظهرت على كافة المجالات الحياتية، سياسيا واقتصاديا، في السينما والمسرح، في الشعر والنثر، أنا لا استطيع أن افهم كيف يمكن أن تدخل الحداثة إلى بلادنا، من باب الشعر أو الأدب، وتترك مجالات الحياة الأخرى على أوضاعها القديمة، لن يكون هناك تناسق ولا فائدة.
ـ بما انك نسكن في دمشق، حدثنا عن فعاليات دمشق عاصمة الثقافة العربية، ماذا قدمت من فائدة، ولمن؟
* بصراحة، لا اعرف؟
ـ متى تصبح الكتابة هاجسا لديك؟
* دائما أفكر بقصيدة جديدة، والكتابة هي دليلي على وجودي ودافعي إلى أن أبقى حيا.
ـ بكلمات قليلة ماذا تقول للقارئ العربي؟
* لا تلم كفي اذا السيف نبا صحّ مني العزم والدهر أبى .