الرئيس محمود عباس هو الرئيس الشرعي للشعب الفلسطيني وليس رئيس المجلس التشريعي
عبـد الكــريم عليـــان
عضو صالون القلم الفلسطيني
في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني القادم تنتهي المدة القانونية لولاية الرئيس محمود عباس كرئيس منتخب من جموع الشعب الفلسطيني للسلطة الوطنية الفلسطينية، ومنذ وقت طويل باتت قضية الفراغ الدستوري بعد انتهاء المدة مثار جدل عنيف خصوصا بين حركة فتح أو السلطة الفلسطينية، وحركة حماس التي أعلنت عن عدم قبولها باستمرار محمود عباس في ولايته لحين إجراء انتخابات جديدة وفي هذه الحالة يصبح رئيس المجلس التشريعي هو: رئيس السلطة الفلسطينية، وكما هو معروف أن رئيس المجلس التشريعي الحالي نائب من حركة حماس، ومعتقل لدى السلطات الإسرائيلية وينوب عنه نائب من حركة حماس أيضا في غزة، هو: السيد أحمد بحر. هذا ما تريده حركة حماس، وما أعلنته في أكثر من مناسبة بما فيها عقد جلسة للمجلس التشريعي قبل أكثر من شهر، ليتخذ فيها المجلس التشريعي قرارا بالتصويت يدعو فيه لعدم تمديد مدة ولاية الرئيس. نواب المجلس التشريعي منذ فوزهم بالانتخابات التي أجريت في عام 2006 لم يهتموا بمهمتهم ووظيفتهم التي من أجلها انتخبهم الشعب، وكأن أمور الناس في غزة على وجه الخصوص على ما يرام وفي أحس حال.! والنواب ليس لديهم أية قضية يناقشونها، سوى قضية الرئيس.. يا للعجب!
منذ اللحظة الأولى للانقلاب الدموي الذي قامت به حركة حماس في غزة، وخلال ثلاثة أيام سيطرت حماس بقوتها العسكرية على مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية العسكرية أولا ثم تتالت بعدها سيطرتها على كافة المؤسسات المدنية وما لحقها من مؤسسات، أعلنت حماس في حينها أن الهدف الأساسي من المعركة هو التخلص من العناصر الفاسدة في حركة فتح والمسيطرة على المؤسسات الحكومية..! واستمرت في تضليل المواطن الفلسطيني تحت ذلك الهدف.. في البداية صدق الناس إعلام حماس الذي انبرى في الغناء بالنصر والحسم العسكري.؟ حتى الآن وبعد مرور أكثر من سنة ونيف على الانقلاب الدموي ، لا نفهم متى ينتهي (الحسم العسكري) وتعود الأمور إلى نصابها؟ ولا نفهم أي نصر تحقق؟ نصر على من؟ وشعبنا يدفع ثمن ذلك يوميا، ثمنا لا يحصى ولا يقدر سواء في الأرواح أو الممتلكات؟؟ فبركة الروايات والأكاذيب في إعلام حماس يكتسب عند بعض الناس هالة من القداسة والإيمان.. خاصة عند البسطاء من شعبنا، فالديمقراطية التي أوصلت حماس إلى سدة الحكم ليس معناها: أن تحل خلافاتنا بالقوة العسكرية، بل على العكس تماما؛ إن الديمقراطية وجدت كبديل لذلك.. صحيح أن الانتخابات جرت لدينا بنزاهة وشفافية عالية شهد لها المجتمع الدولي كافة، لكن ذلك لم يكن طبيعيا في مجتمع مثل مجتمعنا (فالكل يعرف ما حصل مؤخرا في الباكستان، وكينيا.. حتى قبل الانتخابات) ويبدو أن ذلك لم يعجب الكثير من الدول الإقليمية حولنا خوفا من انتقال التجربة إلى دول الأنظمة الدكتاتورية المحيطة التي راحت تبحث عن طريق للانتقام ولتخريب الديمقراطية الفتية لدى الفلسطينيين.. إن حماس لم تقم بالانقلاب بدون دعم وتخطيط خارجي ..
كان يمكن لحركة حماس التي حصلت على أغلبية كبيرة في المجلس التشريعي تحقيق ما تصبو إليه عبر الحوار وتشريع القوانين التي تحارب الفساد والتي تضع حدا لكل حالات الانفلات.. وتجنب شعبنا تلك الخسائر الباهظة في الأرواح والممتلكات التي دفعها شعبنا ومازال..؟ وكان يمكن بهذه الطريقة أن يسجل لشعبنا نجاحا آخر على طريق الديمقراطية، وتأسيس قواعد ومبادئ أخلاقية للأجيال القادمة، وليس تحطيمها في المهد لترضي بذلك الأنظمة التي دعمتها من جهة، ومن أخرى ترضي شهوات الكثير من عناصرها وكوادرها الذين تعجبوا لقبولها بالديمقراطية الغربية التي كانوا يحرّمونها من قبل.!؟ نعرف كيف إعلام حماس برر ذلك بغياب عدد من نوابها لأنهم معتقلون لدى إسرائيل.. لكننا لا نفهم كيف انعقد المجلس التشريعي أكثر من مرة وبنصاب قانوني كان آخرها منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية قبل الانقلاب الذي قامت به.. ولا نفهم كيف عقدوا جلسة للمجلس التشريعي عشية انعقاد مؤتمر أنا بولس وبحضور النواب المعتقلين بالوكالة لزملائهم التي هي ممنوعة في الدستور الفلسطيني.. هذا يعني أن حركة حماس تعرف متى يمكنها أن تعقد جلسات للمجلس التشريعي حين تريد تمرير القوانين التي تريدها..؟ وكيف تجد المبررات لعكس ذلك..؟ يا سلام! أي سخرية هذه، وأي استخفاف هذا بعقول الناس وبعواطفهم؟! يا سلام! هنا.. استطاعت حماس عقد جلسة للمجلس التشريعي لتضع العراقيل أمام أبو مازن وسياسته.. ولم تستطع عقد جلسة تشريعية لسن قوانيننا تضبط حركة الاقتصاد والتجار الجشعين الذين استغلوا حالة الحصار المفروضة بسببها، وبالمناسبة الحصار يدفع ثمنه المواطن المسكين، أما هي فتستطيع تهريب ما تشاء والحصول على ما تشاء عبر ط
رق عديدة يعرفها الجميع..؟
رق عديدة يعرفها الجميع..؟
إن المادة الدستورية التي تعالج فيها قضية الرئيس في حالة شغوره، ويحل فيها رئيس المجلس التشريعي بدلا منه لمدة ستين يوما تحضيرا للانتخابات، هي ليست حالة محمود عباس.. بل حالة يكون فيها الرئيس غير قادر على القيام بواجبه بسبب المرض، أو الموت كما حصل عند وفاة أبو عمار ـ رحمه الله ـ وتولى رئيس التشريعي في حينه روحي فتوح ستين يوما تم بعدها انتخاب الرئيس محمود عباس من قبل جموع الشعب الفلسطيني بانتخابات حرة ونزيهة.. وهو الأجدر من الناحية الدستورية والعرفية بالاستمرار في منصبه، وفقط ! هو من يقوم قبل ستين يوما بتحديد موعد لإجراء انتخابات رئاسية جديدة، وليس المجلس التشريعي أو رئيسه، وإلا ما فائدة انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب؟ الناس انتخبت نواب المجلس التشريعي كنواب لهم وظيفة محددة.. ولم تنتخبهم ليصبحوا رؤساء؟ ولو افترضنا أن حماس تريد ترئيس الشيخ عزيز الدويك أو نائبه أحمد بحر، ماذا سيحصل بعد ستين يوما حينما تنتهي المدة؟ هل ستقبل حماس بانتخابات رئاسية جديدة؟ وما جدوى ترؤس رئيسا من حماس مدة ستين يوما لا يملك فيها سوى منصبا فخريا مؤقتا.. أية سخرية هذه؟! ما الذي سيجنيه شعبنا في خلال الستين يوما، سوى مزيدا من التفكك والانقسام لتفرح ثلة من المخابيل احتفلت وزغردت في المواقع العسكرية بغزة عشية فشل حوار القاهرة..
من صلاحيات الرئيس محمود عباس فقط ! تحديد موعد انتخابات رئاسية جديدة يرشح فيها نفسه مرة أخرى قبلت حماس أم لا تقبل، فالشعب سيقول كلمته وسينتخب الأجدر رئيسا له وحينها فلتسقط كل الأقنعة الزائفة وكل الأوهام ولا مبرر لأحد أن يفرض رؤيته وسياسته التي يريدها ولتكن هذه الانتخابات هي الرؤية الصحيحة التي يريدها شعبنا في إعادة الوحدة لصفوف شعبنا الممزقة وكفى..!