محمد الوليدي
لا جدال في أن النظام السعودي هو الأسوأ في مأساة الحصار على غزة ،إن لم يكن هو الممول لكل المحاصِرين الذين تنافخوا شرفا وبطولة على مدينة منكوبة تدعى غزة ؛ فهو أسوأ من النظام المصري المتصهين ،وأسوأ من محمود عباس الأشد تصهينا.
وتبلغ ذروة إنكشاف سوأة النظام السعودي في تؤامره في هذا الحصار عندما مانع في إعطاء حجاج غزة التأشيرات اللازمة لدخولهم الأراضي المقدسة ، وبهذا يكون ولأول مرة وبطريقة علنية يوظّف شعيرة الحج لمصلحة صهيونية.
فليس بخاف على أحد أن هدف النظام السعودي والمتآمرين معه من حصار الشعب الفلسطيني في غزة ؛ هو من أجل إذلالهم وكسر إرادتهم التي تمثلت في إنتخاب حركة حماس ولرفضهم أيضا مقاومتها ، بداعي أن الحركة هي السبب فيما يجري لهم من نكبات في ظل هذا الحصار.
لكن من العار ، بل الكفر أن يوظّف النظام السعودي هذه الشعيرة الإسلامية من أجل مصلحة صهيونية بالدرجة الأولى ، وفي حق من؟ في حق شعب محاصر ومنكوب ، أضناه الفقر والقهر وحصار جائر من عدو صهيوني متغطرس لا يرحم ، ومن عربي نذل خسيس بلا كرامة ولا ضمير ولا دين.
ليست هذه المرة الأولى التي يصد فيها النظام السعودي الحجاج عن بيت الله الحرام ؛ حيث سبق وأن منع حجاج الصين من الحج من عام 1949 وحتى عام 1956 ، وأعاد حجاج ليبيا عام ١٩٩٢ بمطلب أمريكي ، كما منع حجاج العراق في عام 2004 من الحج.
لكن الخطورة فيما وصل إليه النظام السعودي الآن من إنكشاف واضح الآن.
عندما أحتل النظام السعودي ؛ الحجاز ، كان أول تعهد قدمه هو عدم التعرض لحرية الحجيج الذين يودون تأدية فريضة الحج من مختلف دول العالم الإسلامي ، وأدعى إنه أحتل الحجاز بسسب التضييق المزعوم على الحجيج في وقت مضى أبان حكم الأشراف للحجاز.
وما أن توطد حكمهم على الحجاز حتى بدأت الكوارث والمآسي تحدث خلال تأدية هذه الشعيرة على يد هذا النظام والتي استمرت حتى يومنا هذا ، كما وعرف فيما بعد بأن بريطانيا هي التي أرادت لهذا النظام ومكنته من إحتلال وحكم الحجاز ؛ لمصالح تخصها ، وهي المصالح التي ما قصّر في تأديتها النظام السعودي لبريطانيا ولوريثتها أمريكيا فيما بعد.
وهكذا أصبحت هذه الأسرة تحكم أقدس مدينتين على وجه الأرض ، كانوا بلا قيمة على الإطلاق ،لا مهنة لهم سوى قطع الطريق والنهب ، حتى جاءتهم الدنيا من أوسع أبوابها بعد أن ارتضوا العمالة لأعداء الأمة بلا حدود.
لم يعرف عنهم سوى القليل قبل أن تكون لهم دولة ، بل كانت أفعالهم مثار إستغراب وإستهجان لكل من عرفهم وخالطهم ، فقد كانوا من ضمن التركيبة البشرية الغريبة التي تأتي من نجد الى الحجاز في أوقات مواسم الحج ، لا للحج بل من أجل السطو و نهب الحجيج وقطع الطريق عليهم ، حتى كانوا يقتلون الحاج من أجل لباسه ، وكانوا يسمون الحاج بجفنة الله ! فيقولون إذا حضر جفنة الله أكل منه الصادر و الوارد ، وإذا قيل لإحدهم : قطع الله رزقك من الحرام ؛ يقولون له : لا ، بل قطع الله رزقك من الحلال ، ما عندنا سوى جبال سود ولا زرع ولا ضرع ولا أخذ ولا عطاء !!
في عام ١٩٢٣ م أي قبل إحتلالهم للحجاز بثلاث سنوات ، أرتكب الجيش السعودي و بأوامر من الملك عبد العزيز ، جريمة من أبشع الجرائم عندما أحاطوا بالحجيج اليمني والذي يقدر عدده بثلاثة الآف حاج أثناء مروره بالأراضي السعودية نحو مكة المكرمة وأبادوهم جميعا واخذوا طعامهم وامتعتهم حتى ملابسهم نزعت عن اجسادهم وسلبت ، وذلك بدعوى أنهم جاؤوا لحرب!.
مكة المكرمة تحتاج فتحا جديدا ، فقد أثبت آل سعود عدم أهليتهم في حكمها ، فحتى ما تعهدوا به عند إحتلالها ؛ أخلّوا به ناهيك عن نكثهم بالعهود والمواثيق الربانية ،فبيت الله الحرام تحوّل إلى قصر من قصورهم ، لا تتم زيارته إلا بفضل آل سعود ومكرمة منهم ، فإلى متى تظل الأمة على صمتها ؟.
في رقابكم جميعا كل مظلمة تُرتكب من قبل هذا النظام في حجاج بيت الله الحرام ، وفوق ذلك في رقابكم كل دمعة ذرفها حجاج غزة.