اللواء الركن الدكتور نوري غافل الدليمي
مِسكين ُايها العراق، وصبراً ايها الشعب المُحتسب… فهذه هي الألغام وتلك هي مطبات الإحتلال… السلسلة طويلة… وكل حلقة منها تقود الى حلقات اخرى صغيرة وكثيرة إلا انها خطيرة…تذكروا الماضي القريب…مجلس الحكم ،فالإنتخابات الاولى،فالدستور،فالإنتخابات الثانية، فتشكيل حكومة المالكي، واخيراً وليس آخراً الاتفاقية الامنية او ما سميت باتفاقية سحب القوات الامريكية.. نعم اخوتي السلسلة طويلة فهذا اليوم فقط ولِدَتْ لنا معضلة كبيرة اسمها (وثيقة الاصلاح السياسي)، وبعدها اوتزامنا معها… تعديل الدستور والإستفتاء عليه… وانتخابات مجالس المحافظات…وانتخابات الأقضية… والإستفتاء على الإتفاقية العراقية الأمريكية…ثم الأنتخابات العامة المقبلة..
أليس من حقنا انْ نقول مسكينُ ايها العراق وصبرا ايها الشعب؟ بالله عليكم هل قرأتم او سمعتم ببلد او شعب يمرُ بمثل ما يمر به العراق وشعبه؟ نعم إنها ديمقراطية ولكن ما هكذا قالت الديمقراطية!!! لم تكن الديمقراطية في يوم من الايام على هذه العجلة والشاكلة.
والله تعبنا أيها الأخوة وتعب شعبنا من متابعة ما يحدث في العراق ففي كل يوم قضية جديدة ومشاكل عويصة!!! وما اكثر المطبات !!! فهناك ارهاب ومفخخات وتفجيرات… وهنا تجاذبات سياسية… كل شيئ موجود في العراق وكل شيئ مثار الإهتمام والمتابعة إلا المواطن المسكين وحاله البائس!!!
نعم تم توقيع واقرار الاتفاقية ونأمل من الله ان يلتزم الإحتلال ببنودها وخاصة ما يتعلق بجدولة الإانسحاب… ونسأل الله ان تكون اللاءات الخاصة بعدم قبول اي تواجد للقواعد والقوات الامريكية على اراضي ومياه واجواء العراق باي حجم وشكل تكون فعلا جدية وحقيقية وصادقة.
تم انجاز الاتفاقية ولكن الم يَحن الوقت كي يُفكر السياسيون بحال المواطن الخدمي والصحي والتعليمي والأمني والاقتصادي والنفسي …كما يفكروا بحالهم واحزابهم وكتلهم وامتيازاتهم؟ هل سيفكروا بحال الأرامل و ذوي الشهداء والمفقودين؟ هل سيفكروا بحال المساجين؟ الجواب متروك للمنصفين.
الأخوة السياسيون لا يَملون ولا يتعبون… وصدقوني لا ينامون.. لأن كل واحد يفكر في حزبه وكتلته وطائفته وعرقه(مع اقراري وايماني واعترافي بوجود شخصيات وطنية)…ليس هذا فقط وانما جل اهتمامهم بنوعية وحجم المكايد التي يحيكها للطرف الآخر…بمعنى أدق الاغلبية مشغولة بالمؤامرة ونظرية المؤامرة… كل طرف يحاول قراءة ما في عقل وذهن الطرف المقابل او ما نسميه في العسكرية(الأعمال الممكنة او المسالك المفتوحة) ويُجهز ويُحضر لها(الأعمال الممكنة او المسالك المضادة).
هل سمعتم في الديمقراطيات الأخرى في البلدان الأخرى أن مواقف الأحزاب والكتل السياسية تتغير في الساعة الواحدة بل وفي الدقيقة الواحدة؟ هل سمعتم ان الأحزاب تتفق على شيئ ليلا وتختلف عليه نهارا وعلى مبدأ(كلام الليل يمحوه النهار)؟ نعم هذا يحصل في العراق.
نعم ايها الأخوة لقد وَضَعنا الإحتلال في دوامة… بل وضع بعض القادة السياسيون في دوامة اكبر … واصبح حال بعضنا كحال الفئران التي تضعها في كيس و(تفرها) لفترة ثم تفتح الكيس لإخراج الفئران فستراها جامدة(دايخة) لا تتحرك.
والله من حقنا ان نتسائل وماذا بعد؟ وان نطرح الأسئلة التالية على بعض السياسيين: ألا تتوكلوا على الله وتؤمنوا بأنكم مسؤولون عن شعب (وخطية)هذا الشعب في رقابكم؟ ألا تتمكنوا من ان تسموا فوق الأنانية والمذهبية والعرقية والمناطقية ولو لفترة ستة اشهر؟ ألا تتمكنوا ان تكونوا صادقين مع انفسكم ومع زملائكم ومع شعبكم؟ ألا تتمكنوا من ان تنسوا منافعكم الشخصية وشهواتكم المالية الدولارية المليونيرية ولو لفترة قصيرة؟ ألا تتمكنوا من ان تعيدوا انفسكم الى الحالة التي كان آباؤكم وانتم تعيشونها قبل سنوات؟ ألا تتمكنوا ان تعيدوا ذكرياتكم في قراكم ومدنكم وحاراتكم قبل كذا سنة؟وألا وألا وألا…واخيرا هل تستطيعون ان تضبطوا انفسكم ولو لليلة واحدة وان لا تُصرحوا للقنوات التلفزيونية بأراء وافكار تنتقد وتشكك في الطرف الآخر(وتنقلبوا على ما اتفقتم عليه)؟
بالله عليكم انصفونا وانصفوا انفسكم وانصفوا شعبكم …والله ضعنا وضاع العراق… افتونا في رؤيانا…وارحمونا …ألا من مجيب إن لم يكن من مجيبين؟…ألا من شجعان؟ …ألا من وطنيين؟…ألا من أُصلاء؟… ألا من عُقلاء؟….ألا من حُكماء؟… يقولوا (لبيك ياعراق وعند عيونك ايها الشعب النبيل)!!!