لديه خبرة واسعة بالشئون الدولية خصوصا ملف الطاقة.. يمتلك القدرة على حشد وجمع الناس.. هذه بعض سمات الرجل الذي بات في حكم المؤكد أن يتم ترشيحه لتولي منصب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما، جنرال المارينز المتقاعد جيمس جونز.
وجونز هو أحد الوجوه الرئيسية التي ساهمت في تنفيذ السياسات الأمريكية خلال إدارتَيْ الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش الابن في مجال مكافحة “الإرهاب”، بالرغم من أنه عارض السياسات التي تبناها بوش الابن في العراق، وطالب بالانسحاب الأمريكي من هذا البلد.
ويضع جونز قضية أمن الطاقة في الولايات المتحدة على رأس أجندته كمستشار للرئيس الأمريكي لشئون الأمن القومي، وهو ما قال مراقبون إنه سيعني موقفا أمريكيا حساسا من أي تحريك للإنتاج والأسعار في سوق الطاقة العالمي قد يؤدي لصدام مع دول الخليج المنتجة للنفط.
وكان موقع “بوليتيكو” الإلكتروني الأمريكي قد نقل عن مسئولين في الحزب الديمقراطي أن أوباما سوف يطرح قريبا ترشيح جونز لهذا المنصب عندما يعلن الرئيس المنتخب فريقه للأمن القومي.
مهام معقدة
وفي حال توليه منصب مستشار أوباما للأمن القومي يواجه الجنرال جونز مجموعة من المهام المعقدة والتحديات ذات الطابع الخاص في عالم ما بعد المحافظين الجدد في البيت الأبيض.
وبحسب ما ذكرته الـ”واشنطن بوست” الأمريكية فإن الإدارة القادمة سوف تواجه أجندة “شديدة الازدحام” في جدول أعمالها، من بينها ما يرتبط بمهام مستشار الأمن القومي الأمريكي كالتالي:
1- إدارة ملف الحرب في العراق بعد الاتفاقية الأمنية التي تقنن أوضاع الوجود العسكري الأمريكي في العراق حتى العام 2011.
2- الحرب في أفغانستان، وملف مكافحة الإرهاب المرجح أن يحتل أولوية لدى إدارة أوباما.
3- العمل على الحد من طموحات إيران النووية.
4- رصد ما وعدت به كوريا الشمالية في شأن تفكيك ترسانتها النووية.
5- المساعدة على تحقيق الاستقرار في باكستان.
وذلك بجانب ملفات تتعلق بسبل تأمين الأمن القومي الأمريكي، وملفات أمن الطاقة، والمصالح الأمنية والاقتصادية الأمريكية الأخرى في العالم؛ حيث إن لمستشار الأمن القومي في الولايات المتحدة دورا حاسما في مثل هذه القضايا، بجانب دوره في متابعة وكالات المعلومات المختلفة وما ترسله إلى الرئيس الأمريكي لتوفير النصيحة له في مختلف القضايا.
وقد تعرضت هذه الوظيفة إلى التحجيم في إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن الثانية لصالح وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، التي كانت تشغل هذا المنصب في ولايته الأولى.
وفي خطاب ألقاه مؤخرا أمام الجمعية الوطنية للصناعات الدفاعية العسكرية، قال جونز إن الإدارة القادمة ينبغي أن تقوم بتوسيع دور مجلس الأمن القومي الأمريكي لتشمل اهتماما أكثر بالمسائل المتعلقة بالطاقة.
أدوار سياسية
وطيلة حياته العسكرية، وبعد تقاعده لعب جنرال المارينز الأمريكي بعض الأدوار السياسية؛ حيث ساهم في الحرب الأمريكية على ما يعرف بـ”الإرهاب”، وكان له دور بارز إبان توليه قيادة المارينز في نقل قوات حلف الناتو إلى أفغانستان.
وفي العام 2007 كلفه الكونجرس الأمريكي برئاسة لجنة تتكون من عدد من الخبراء السياسيين والعسكريين لإعداد تقرير لتقييم الوضع الأمني والميداني في العراق، وقدم تقريره الذي أوضح جوانب النقص قدرات قوات الشرطة العراقية ووزارة الداخلية هناك.
وبالرغم من معارضته لسياسات الإدارة الأمريكية
الراحلة فيما يخص الحرب على العراق، فإنه رأى من خلفية عسكرية أن تورط القوات الأمريكية هناك لا يسمح بوضع أي جداول زمنية أو مواعيد نهائية لسحب القوات الأمريكية من هناك، ورأى أن تبني إجراء من هذا النوع قد يضر بالمصالح الأمريكية.
الراحلة فيما يخص الحرب على العراق، فإنه رأى من خلفية عسكرية أن تورط القوات الأمريكية هناك لا يسمح بوضع أي جداول زمنية أو مواعيد نهائية لسحب القوات الأمريكية من هناك، ورأى أن تبني إجراء من هذا النوع قد يضر بالمصالح الأمريكية.
ولكن جونز لا يدعم وجودا عسكريا دائما للولايات المتحدة في العراق، واقترح إعادة توزيع القوات الأمريكية هناك بالشكل الذي يسهل سحبها كليا إذا تقرر ذلك.
وبعد استقالة روبرت زوليك طلبت منه وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس مرتين أن يشغل منصب نائب وزير الخارجية، إلا أن جونز رفض، وفي 28 نوفمبر 2007، عين مبعوثا خاصا للأمن في الشرق الأوسط؛ حيث يتولى بعض الأدوار الأمنية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويعمل حاليا رئيسا لمجلس إدارة المجلس الأطلنطي الأمريكي.
ويعتبر جونز أحد الرموز فوق الحزبية في الولايات المتحدة؛ حيث كان مقربا من الجمهوريين، وشغل مناصب أمنية في الشرق الأوسط في عهد بوش الابن، بينما شغل منصب مستشار غير رسمي لأوباما خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، على الرغم من أنه لم يدعم علانية أي مرشح من مرشحي الرئاسة، وقد كان مرشحا في الإعلام أن يختاره أوباما لمنصب نائب الرئيس، ولكن أوباما فضل عليه السيناتور جوزيف بايدن لهذا المنصب.
تاريخ من العسكرية
ودعم من شخصية ومكانة الجنرال الأمريكي جيمس جونز أربعين عاما من الخدمة العسكرية التي مزج بينها وبين دراسة أكاديمية سياسية متخصصة، بجانب توليه العديد من المهام خارج الولايات المتحدة.
وولد الجنرال جيمس جونز لوجان في 19 ديسمبر من العام 1943، في ميسوري بولاية كنساس، ويعد القائد الثاني والثلاثين لمشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، وتولى منصبه هذا بين عامي 1999 و2003.
وطبعت طبيعة سلاح المارينز على جونز وتفكيره باعتبار أن مشاة البحرية هي الذراع الأمريكية الطويلة في العالم، وإحدى أكثر الأدوات فاعلية في مجال تنفيذ سياسات واشنطن.
ومن أهم المناصب الأخرى التي شغلها جونز في حياته العسكرية الحافلة منصب القائد الأعلى لقوات حلف الناتو في أوروبا في الفترة من العام 2003 وحتى العام 2006، وقد تقاعد جونز من مشاة البحرية في 2007، بعد 40 عاما من الخدمة العسكرية.
وعلى الرغم من أنه ولد في كنساس فإنه قضى سنوات تكوينه الأولى في فرنسا؛ حيث كان والده يبيع الآلات الزراعية، ثم عاد إلى الولايات المتحدة لدخول جامعة جورج تاون؛ وحصل منها على البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1966.
وفضل بعد ذلك الانخراط في السلك العسكري، وبعد انتهائه من سنوات الدراسة في مدرسة المارينز في قاعدة كوانتيكو بولاية فيرجينيا في أكتوبر 1967، صدر أمر بإرساله إلى فيتنام؛ حيث تولى منصب قائد فصيلة.
وبعدها، تطور جونز في المناصب والرتب؛ وفي نوفمبر 1974، انتقل للخدمة في القاعدة الثالثة لمشاة البحرية في أوكيناوا باليابان حيث شغل منصب قائد كتيبة.
وكانت مهمته التالية التي ظل فيها حتى 1984 ضابط اتصال بين المارينز ومجلس الشيوخ، وخلال تلك الفترة كان رئيسه المباشر هو جون ماكين الذي كان يشغل منصب قائد سلاح البحرية الأمريكية، ثم اختير للدراسة في الكلية الحربية في واشنطن، قبل أن يصبح السكرتير العسكري لقائد مشاة البحرية الأمريكية في عامي 1989 و1990، ثم قائدا للمجموعة الرابعة والعشرين لضباط مشاة البحرية.
وخلال فترة خدمته في هذا المنصب، شارك في عمليات عسكرية ذات طابع لوجستي في شمال العراق وتركيا، ثم انتقل إلى العمل في أوروبا عام 1992؛ حيث شغل مناصب في قواعد أمريكية وأوروبية في ألمانيا؛ حيث قام بأدوار خلال حرب البلقان في البوسنة والهرسك وجمهورية مقدونيا.
ثم عاد إلى الولايات المتحدة؛ حيث تمت ترقيته إلى رتبة “جنرال” حتى وصل عام 1996 لمنصب نائب رئيس الأركان للخطط والسياسات والعمليات في مقر قيادة مشاة البحرية، ثم شغل منصب
مساعد وزير الدفاع الأمريكي.
مساعد وزير الدفاع الأمريكي.
وخلال الفترة من العام 1999 و2003 تولى قيادة المارينز، ثم كان أول قائد للمارينز يتولى منصب قائد القوات الأمريكية الأوروبية المشتركة (EUCOM) قبل أن يشغل منصب القائد الأعلى لقوات حلف الناتو في أوروبا في يناير 2003، وحتى 7 ديسمبر 2006؛ حيث خلفه الجنرال الأمريكي جون كرادوك.
وقد كان مرشحا لخلافة الجنرال جون أبي زيد في قيادة المنطقة المركزية في قيادة الأركان الأمريكية المشتركة في ديسمبر 2006، ولكن ذلك لم يحدث، وتقاعد جونز من الخدمة في المارينز في فبراير 2007.
وخلال سنوات خدمته، نال الجنرال جيمس جونز العديد من الأوسمة من الولايات المتحدة وخارجها؛ وبعد تقاعده من العمل العسكري، أصبح رئيسا لمعهد القرن الحادي والعشري للطاقة التابع لغرفة التجارة الأمريكية، ثم انضم إلى مجلس إدارة شركة بوينج الأمريكية لصناعات الفضاء والطيران في 21 يونيو 2007، وفي مايو 2008 انتخب للعمل في مجلس إدارة شركة شيفرون الأمريكية للبترول.