أبعاد الحصار على غزة .. وسيناريو إسقاط حماس
منذ اللحظات الأولى لظهور نتائج الإنتخابات التي تسمى عملية الدمقرطة التي أتت على خلفية تطورات لإتفاق أوسلو اللعنة وما أتت به الرياح الغير مرغوبة لطاقم أوسلو وبعض الأنظمة الإقليمية والدولية ، تحركت كل تلك القوى لحصار تلك النتائج من خلال وضع المعوقات وتعزيز مراكز القوى لتيار أوسلو الذي تحرك على محورين ، محور إضعاف حركة فتح والسيطرة التامة على مقدرات منظمة التحرير والمحور الآخر سحب الصلاحيات من رئاسة الوزراء التي شكلتها حماس بحكم الأغلبية ومن ثم بروز مراكز القوى تلك من خلال الإستحكام بالأجهزة الأمنية التي أعدت إعدادا جيدا لتلبية وتغذية حالات الإستزلام وخدمة الأبوات ومن هنا تعثرت كل الخطوات لعملية إنضاج في النتائج لعملية الدمقرطة لصالح القضية الوطنية ولصالح الشعب الفلسطيني ، وعندما حازت حماس على الأغلبية في المجلس التشريعي دخل المحور الثالث وبأكثر خطورة في التأثير عندما قامت قوات الإحتلال بإعتقال العديد من النواب بصدد التأثير على منظومة الأغلبية في المجلس التشريعي ومنع صدور أي قرارات حاسمة يمكن أن تؤثر على مسيرة الأوسلويين في تقدمهم في الحوار تحت الطاولة وما هو فوق الطاولة مع الجانب الصهيوني وما زال عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي والعديد من النواب في معتقلات الإحتلال .
لقد تمحورت جميع المبادرات التي طرحتها بعض الأنظمة على جر حماس ومحاولة إصطيادها من خلال تلك المبادرات إلى خندق الإلتزامات التي قامت بها سلطة أوسلو تجاه العدو الصهيوني ، وربما من أخطر الممارسات التي مورست ضد حماس حالة الحصار حتى بوجود ممثلي أوسلو في غزة ومراكز قواهم وما تلى ذلك من عمليات إضرابات وتحريض للشارع الفلسطيني لإسقاط حماس ومؤسساتها التي باتت عرضة للمطاردة والإغلاق في الضفة الغربية مثل الجمعيات الخيرية التي طالت أكثر من 100 جمعية خيرية .
منذ عملية الدمقرطة إلى عدم قدرة البرنامج العربي في وضع برنامج للتصدي للتوسعات الصهيونية في القدس والعنجهية الإحتلالية التي تقوم بالإجتياحات دائما على أطراف غزة ومدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية ، لم تقدر الدول العربية إلا أن تطرح المبادرات التي هدفها الكامن والغير معلن هو جر حماس أيضا إلى موقع الإلتزام باتفاقات أوسلو وما تلاها ، وبالمبادرة العربية التي إختار منها الإرهابي بيريز التطبيع والتذكير بقدر النظام العربي من خلال مبادرة فيصل عام 1919 في خدمة الإحتلال والإستيطان ، لقد قبل بيريز المبادرة العربية على أساس إنهاء قضية اللاجئين أيضا وعزل القضية الفلسطينية عن إرادة شعبها بتحويل المسار مادامت قوى أوسلو ورجالها لم تستطيع الوفاء بالالتزامات اللازمة من خلال الحوار المباشر مع الدولة العبرية ، ولذلك تحولت الأنظار الآن إلى سحب الورقة الفلسطينية ووضعها في غرفة إنعاش الجامعة العربية والمبادرة العربية .
حصار غزة دائم ولا يقاس في ذلك عملية فتح المعابر اللحظية والوقتية والهدنة التي حدثت بين حماس وفصائل المقاومة كانت الآمال أن تستطيع سلطة رام الله وعلى رأسها قيادات أوسلو استثمار ذلك من أجل الوصول إلى إتفاق مع الجانب الصهيوني أوإعلان مبادئ ، ومن خلال عمليات الترويض التي حاولت بعض الأنظمة ممارستها على حماس والجهاد الإسلامي للوصول إلى إتفاق بين حماس وفصائل المقاومة والتغاضي أو الموافقة على ممارسات ومفاوضات رجالات أوسلو ، وعملية تمديد لرئاسة السلطة الفلسطينية التي تنتهي في أوائل يناير عام 2009 .
عملية الحصار تهدف بالدرجة الأولى إلى إنهاك قوى المقاومة من خلال إنهاك المجتمع المدني في غزة ، فالمشكلة ليست أن تعود غزة إلى الضفة أو الضفة إلى غزة ، ولكن المشكلة هي أزمة برنامج وأزمة نهج بين طرفين ، طرف محافظ على القيم والثوابت الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني ، وبين نهج مفرط بفلسطين التاريخية مستعيضا عن ذلك بخطة بلير ودايتون بالمنظور الإقتصادي والأمني ، ولا يخفى على أحد أن الضفة الغربية يديرها ثلاثة من الأمنيين الأمريكيين ، ومحل إقامتهم في القدس .
هناك تآلف في البرنامج الإقليمي المتكيف مع البرنامج الأمريكي والصهيوني ونظرته لحل الصراع مع بعض التعديلات والنقاط الثانوية التي تطرحها تلك الأنظمة لتقبل بها إسرائيل بخصوص القدس وتبادلية الأرض ، أما اللاجئين فقد اجتمعوا ليقولوا : ” حل متفق عليه مع الجانب الصهيوني ” .
إذا سيناريو إسقاط حماس بدأ منذ اللحظة الأولى ومازال يعتمد على سياسة الخطوة ثم الخطوة ، “
وبالمناسبة فإن تلك المخططات لم تنجح في السابق من خلال الإضرابات والشحن الإعلامي من خلال الأقلام الموتورة عن التكبير والتضخيم في ممارسات حماس في الشارع الغزاوي في حين أن أنظمة الأمن التي تدار أمريكيا وبإنفتاح كامل مع أجهزة الأمن الإسرائيلية تمارس عمليات أقسى ضد الشارع الفلسطيني في الضفة مما تمارسه حماس ضد بقايا تيار أوسلو في غزة ومن إلتحق بهم من فصائل المقاومة قديما .
أما البعد الآخر لإسقاط حماس وهو عملية الإستدراج وانهاك القوى إلى أن تصل التقارير الأمنية والإقتصادية عن حالة قطاع غزة إلى نقطة الخط الأحمر من حالة السخط والإحباط
التي يصاب بها الشعب الفلسطيني في غزة لكي تنطلق حملة عدوانية من الدولة العبرية لتسقط حماس في عملية سريعة في مركز القطاع مدينة غزة والإستيلاء على كل المؤسسات الأمنية والمؤسسات الحمساوية ، هذا في تصوري ما تفكر فيه إسرائيل والأوسلويين وقوى إقليمية ، إلا أن الرياح يمكن ان تأتي بما تشتهي السفن ولا تشتهي قوى الإحتلال والأوسلويين الذين ينتظرون أن يعودوا إلى قطاع غزة بعد أن لفظهم القطاع ، وإذا ما تذكرنا قطاع غزة فإنه العصي على الظلم والظالمين والحالمين بأن يعودوا ببرنامجهم التنازلي لقطاع غزة واهمون ، ولهم أن يسألوا اسحاق رابين وشارون والقيادات الأخرى ، وليس كما تصور رأس الهرم في سلطة أوسلو وذكر المستمعين في كلمته الأخيرة بأن غزة لن تقبل الظلم والظالمين ، ففعلا غزة لن تقبل الظالمين والظلم والمسوقين والمتاجرين .
المطلوب من حماس بالشكل السريع وعلى مائدة أي مفاوضات في القاهرة أو غير القاهرة هي خضوع حماس للبرنامج الأوسلوي من إعتراف بإسرائيل وبالخطط الأمنية وبتبادلية الأرض الفلسطينية – الفلسطينية وبإغفال حق اللاجئين الفلسطينيين وإبرام معاهدة مع الصهيونية من خلال تقوية منظومة عباس من خلال أي إتفاق قادم بين سلطة أوسلو وحماس وأعتقد أن ذلك لن يحدث .
الأزمة الفلسطينية – الفلسطينية ، برنامجها وحلولها عربية والأزمة الفلسطينية هي أزمة البرنامج العربي اولا ونظرته للصراع بعد إضعاف التيار القومي والمد القومي ، ففي عصر الإقليميات والقطرية تقع فلسطين وشعب فلسطين ضحية أزمة البرنامج العربي الذي تبلور في نهايته في المبادرة العربية وإن صح البرنامج العربي وعاد إلى نظرته الأصلية للصراع فسيعود الشعب الفلسطيني إلى وحدته الثقافية والنضالية وسيختفي المتسكعون على السياسة الوطنية وسيختفي الأوسلويون والمنتفعين ولن يكون هناك أزمة في الثقافة الفلسطينية والإعلام الفلسطيني ، فالتسويق للأزمة الفلسطينية هو تسويق من خلال البرنامج العربي ومفاتيح الحل في تعديل البرنامج العربي وإعتبار أن قضية فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية وأن الصراع على أرض فلسطين هو صراع عربي صهيوني ولن يكون هناك أزمة بين التيارات الوطنية والتيارات الإسلامية ولأن الهدف واحد والوطنية الفلسطينية لا يمكن أن تتعارض مع النظرة الإسلامية ولأن فلسطين مهد الديانات السماوية بلا منازع والدفاع عن فلسطين مطلوب من كل عربي مهما تعددت المشارب الفكرية .
ونهاية أن السيناريو مازال قائما ولكن أعتقد أن حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى قادرة أن تحدث إختراقات قوية في هذا البرنامج وبكل واقع الأمة العربي المؤلم إلا أن هناك مازالت قوى تخشاها الأنظمة العربية والدولية ولذلك كلما يحتدم الحصار تضطر تلك القوى للعمل على فتح المعابر لحظيا ، وهناك بعض الأنظمة ترى خطرا داهما من فكرة عباس لإنتخابات تشريعية ورئاسية ولأن الشارع الفلسطيني ليس بعيدا أن ينتخب القوى الإسلامية من جديد ، ورأت بعض العواصم العربية أن في ذلك خطر على نظامها وكذلك تخوفت المصادر الصهيونية من إجراء أي إنتخابات لنفس السبب ، ولذلك دفعت قوى خفية وقوى علنية إلى طرح سيناريو إنتخاب رئيس لدولة فلسطين من خلال ما يسمى المجلس المركزي لمنظمة التحرير الموءودة ليتمكن من إستخدام مناورات جديدة في مواجهة قوى المقاومة والمساعدة في تنفيذ سيناريو القضاء على حماس ، وأعتقد كما قلت أن حماس والجهاد قادرين على إحباط هذا السيناريو وإن طال التخطيط له والتنفيذ ، وسيفشل كما فشل في الماضي .
بقلم / سميح خلف
step by step” والسيناريو المطروح إنهاك المجتمع الفلسطيني إقتصاديا في غزة إلى أن يصل الشارع الفلسطيني إلى الحالة القصوى من التذمر بخروج مسيرات شعبية تنظمها الأيادي الخفية من العملاء والمخبرين والطابور الخامس والأوسلويين لإسقاط حماس بوجهة نظر ديمقراطية يقودها الشعب الفلسطيني في غزة .