علي درا غمة \ نابلس
كل عائلة فلسطينية ذاقت مرارة الاحتلال بطريقة او بأخرى، لكن عائلة ناصيف التي احتل الجيش الاسرائيلي منزلها 60 مرة، وشاركها الاقامة فيه لفترات بلغت طول احداها سبعة اشهر، تذوقت جحيم هذه المرارة على نحو مختلف في كل مرة “يزور” فيها الجيش الاسرائيلي مدينة نابلس.
بدأت معاناة العائلة مع بدء قيام الجيش الإسرائيلي باحتلال المدن الفلسطينية في شهر نيسان سنة2002 ،الذي جعل من بيتها برج مراقبة ومركز تحقيق واعتقال لأبناء المدينة ،معاناة لم تنتهي ولا تشبه معانات الآخرين، بل تركت أثار صعبة على جميع إفراد العائلة،خمسة من الأطفال باتوا يعانون من الخوف الدائم والتبول اللاإرادي خلال النوم وتراجع في المستوى الأكاديمي لأغلبية الأبناء والأم تخضع لجلسات العلاج النفسي.
عائلة ناصيف المكونة من 21 نفرا ثلاث أشقاء وزوجاتهم وأبنائهم تسكن في بنايه مكونه من أربعة طوابق في أعالي مدينه نابلس الجديدة وتطل على مخيم عين بيت الماء وأجزاء كبيرة من غرب ألمدينة.
أصغر أبناء العائلة يوسف البالغ سبع سنوات ونصف لم يكن يتجاوز من العمر أل 15 يوما عندما أقتحم الجيش الإسرائيلي مسكن العائلة في المرة الأولى، كبر يوسف في ظل ألاقتحامات العسكرية معتقدا أن الجنود جزء من العائلة.
ومن بين زوار المنزل القائد العسكري الإسرائيلي لعملية “السور الواقي”ويدعى أفيف كوهين الذي حضر إلى المنزل وأدار منه العمليات العسكرية التي دارت في مدينة نابلس بين رجال المقاومة وجيش الاحتلال .
عبد اللطيف ناصيف البالغ 49 عاما سليل عائلة هُجرت من قضاء مدينة يافا سنة 1948 ويعمل في إدارة أحد البنوك في مدينة نابلس”الجيش الإسرائيلي يعتبر بيتي ثكنة عسكرية ملك له يأتي متى يشاء ويخرج متى يشاء لقد حولوا بيتي إلى مكان لا يطاق يأتون إلينا بعد منتصف الليل وأطفالي غارقين في نومهم ،لحظة دخولهم مخيفة وهى أللحظة الأسوأ يحتجزوننا في المطبخ ويستولون على بقية المنزل لأيام وأثناء تواجدهم لا يسمحوا لنا بممارسة حياتنا الاعتيادية كالآخرين ونبقى في غرفه مغلقة حتى يغادروا”
وسام زوجة عبد اللطيف البالغة 39 عاما” جيش ألاحتلال كالموت يأتي بلا موعد،يستولي على بيتي ويستعمل غرف النوم والكهرباء والمياه أشعر بالاختناق عندما أفكر أنهم سيأتون ألينا مرة أخرى” وسام أم لخمسة أطفال أصيبت بانهيار عصبي أمام أطفالها نتيجة الجلوس لساعات في مطبخ صغير ولم يسمح بنقلها إلى المستشفى بعد إن عاينها احد الجنود الإسرائيليين وقرر أنها بحاجة إلى الهواء النقي فقط.
وبعد أن عجزت كل الشكاوي المقدمة للجهات الإسرائيلية عن وقف احتلال بيت ناصيف بدأت العائلة تفكر ببناء خيمة في مركز مدينة نابلس للسكن فيها للفت الأنظار إلى قضيتها المستعصية على الحل بعدما فقدت الأمل في الأمان والاستقرار.
وقد درج الجيش الإسرائيلي منذ قيامة باحتلال المدن الفلسطينية مع بداية انتفاضة الأقصى على جعل بيوت المواطنين الفلسطينيين نقاط عسكرية يستعملها في عمليات المراقبة أو التصنت ألالكترونية وفي أحيان كثيرة نصب الكمائن وتمكن من اغتيال الكثيرون من نشطاء الانتفاضة الفلسطينية من داخل البيوت ألأمنه، و كان ولا زال الجيش ألإسرائيلي يدير عمليات عسكريه صغر أو كبر حجمها بطرق لا تخضع للقوانين ألإنسانية في محاربة نشطاء الانتفاضة حسب مؤسسات حقوقية إسرائيلية.
عوزي ديان احد قادة الجيش الإسرائيلي خاطب عائلة ناصيف بعد إن شكوا له جنوده”عندما يتوقف الشبان من مخيم العين من الذهاب لتفجير أنفسهم في الحافلات والمطاعم في تل أبيب
ونتا نيا سوف نتوقف عن القدوم إلى بيتكم”.
و لم تنجح حتى ألان مساعي مؤسسات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية من وقف الجيش الإسرائيلي عن ممارسة احتلال بيوت السكان المدنيين الذين كفلت حقوقهم اتفاقيات جنيف أثناء الحروب، فيما يستمر الجيش الإسرائيلي في اتخاذ ألعائلات كدروع بشريه لحماية جنوده أثناء عملياته العسكرية في المناطق المأهولة بالسكان المدنيين خاصة في مدينة نابلس الذي يستمر بخنقها بالحواجز العسكرية الثابتة و لم تتوقف التوغلات الإسرائيلية اليومية واتخاذ نقاط عسكرية في بيوت المواطنين رغم وجود التهدئة وانتشار قوات الأمن الفلسطينية…