افاد تقرير لمؤسسة معلومات استخبارية اميركية ان مرض ولي العهد السعودي الامير سلطان بن عبدالعزيز قد يفتح الباب على احتمالات تغييرات سياسية كبيرة في السعودية. وتتجه صحة ولي العهد السعودي الضعيفة أصلا الى التدهور السريع، على ما ابلغت مصادر سعودية نشرة “ستراتفور” الاستخبارية التي تصدر في الولايات المتحدة. وتأتي الانباء عن تراجع صحة الأمير سلطان بعد حوالي ثلاث سنوات من وفاة شقيقه الاكبر العاهل السعودي السابق الملك فهد بن عبدالعزيز.
والأمير سلطان واحد من اكثر افراد أسرة آل سعود الحاكمة نفوذا وقد يؤدي غيابه الى اهتزاز هرم السلطة في المملكة نتيجة للتغييرات التي يمكن ان يجلبها على المدى القصير في وقت حرج بالنسبة لهذا البلد.
وبينما يحيط بمؤسسة العرش أمراء تتجاوز اعمارهم السبعين عاما، فإن الاسرة المالكة قد تشهد قريبا تغييرا في الطبقة السياسية الحاكمة بهيمنة احفاد مؤسس الدولة السعودية الحديثة، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
ويتزعم الأمير سلطان السديريين، الفرع الاقوى نفوذا بين آل سعود، كما انه العضو الاكثر تأثيرا في الاسرة المالكة. وبالتالي، فإن غيابه يمكن ان يؤدي الى تغييرات مهمة في هيكلية الحكم داخل اسرة ال سعود. وسيمثل ايضا اختبارا لعمل مجلس الخلافة الذي تم تشكيله مؤخرا، والذي دخل حيز التنفيذ في اكتوبر 2006 مع سن التشريع المسمى “قانون هيئة البيعة”.
وقبل ذلك، تعاملت السعودية مع حالات لانتقال المُلك كلا على حدة. وينطوي القانون الجديد الذي يحكم الخلافة على نصوص مفصلة تماما، ترهن تعيين الملك وولي العهد باجماع الاعضاء الـ35 في هذه المؤسسة. وحيث ان هذه القواعد والتعليمات لم يتم تطبيقها قط، فإن الخلافة القادمة ستقيس مدى فاعلية او قصور النظام الجديد.
ونظريا قد يتولى الامير سلطان الحكم بعد اخيه الاكبر وغير الشقيق العاهل السعودي الحالي الملك عبدالله، لكن مرض الامير سلطان يفتح الباب لحسابات في الخلافة يدخلها معتركا صعبا.
والاخ الاكبر الثالث في ابناء عبدالعزيز ال سعود حاليا هو وزير الداخلية الامير نايف. ويشتهر الامير نايف بقربه الشديد من المؤسسة الدينية الوهابية، وهو بذلك ليس مرشحا واقعيا لولاية العهد، خصوصا في هذا الوقت الذي يقود فيه العاهل السعودي الحالي مبادرة كبيرة للاصلاح.
وتولى الامير سلطان وزارة الدفاع لفترة طويلة. وعلى الرغم من ان ابنه الفريق الركن المتقاعد خالد بن سلطان هو احد نوابه، الا انه لا يحتمل ان يخلف والده في وزارة الدفاع. ويعتبر الابن الثاني لولي العهد، الامير بندر، عضوا مؤثرا بشكل كبير في العائلة المالكة.
وعمل الامير بندر سفيرا للسعودية في واشنطن طيلة 22 عاما انتهت في 2005، ويترأس حاليا مجلس الامن الوطني السعودي. ويتمتع ابناء الامير سلطان بأعلى درجة من النفوذ في هرمية الحكم السعودي.
ومنح موقع الامير سلطان المحوري والنفوذ الذي يتمتع به، تدخلا كبيرا في آلية توزيع عائدات الثروة النفطية السعودية، سواء داخل المملكة او خارجها. وينظر الغرب حاليا الى السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، لكي تصبح المساهم الاكبر في الجهود الدولية لمجابهة الازمة المالية العالمية.
واعتبرت النشرة ان الرياض–التي بقيت الى حد بعيد محصنة ضد عدوى الازمة المالية العالمية- تواجه تحديين رئيسيين. الاول على الجبهة الداخلية، اذ تريد الرياض ضمان ان النجاحات في مواجهة الارهاب والجهود الحالية المبذولة للتعامل مع التطرف لن تتراجع. والثاني وهو الاهم، ويتمثل في صعود ايران، أقوى منافسي السعودية الاقليميين، في اعقاب الانسحاب المتوقع للقوات الاميركية من العراق.
وتعني هذه التحديات ان انتقال السلطة في السعودية يجب التعاطي معه بأكبر هدوء ممكن، وألا يؤدي الى صراعات على الحكم.
وفي الوقت الذي برهن فيه آل سعود على المرونة في التعامل مع قضايا الحكم على مدار 264 عاما، الا ان النمو في عدد اصحاب المصالح داخل المملكة يمثل مدعاة للقلق البالغ. وخلال عملية الانتقال هذه، فأن الحكم سيتجه نحو الجيل الثالث من الاسرة الحاكمة.