الرئيس الفلسطيني عباس وعملية المناورة على الضعفاء
بناء على ما تسرب من معلومات في الإجتماع الأخير للجنة المركزية لحركة فتح في مقر المجلس الوطني في عمان ومن أهم هذه المعلومات أن الرئيس الفلسطيني قد قدم استقالته مكتوبة وشفهية على أعضاء اللجنة المركزية في كلمة له استمرت أكثر من ساعة بعدها لم يستمع الرئيس الفلسطيني لأي بند من جدولة أعمال هذه الجدولة الضعيفة التي عجزت ما بعد رحيل الرئيس الفلسطيني عرفات عن معالجة أي قضية تخص الإطار الفتحاوي أو القضية الوطنية ، فبوجودها تلقت حركة فتح ضربات قاتلة وضربة تلو الضربة ومازال الحبل على الجرار .
المهم الرئيس الفلسطيني عندما قدم رغبته في التنازل عن قيادته لمنظمة التحرير وسلطة الحكم الذاتي الأوسلوي ، أعتقد أن الرئيس الفلسطيني يناور على الضعفاء والذين ليس لهم استطاعة لتحمل المسؤولية في المقام الأول حول إدارة الصراع مع العدو الصهيوني ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى عدم مقدرة غالبيتهم من إدارة المعادلة الفلسطينية المتشابكة والمعقدة ، ولسبب بسيط أن كثير منهم لا ينال إحترام جمهور واسع من الشعب الفلسطيني والفتحاويين بالخصوص ، فكثير منهم متهم بمسلكيات وطنية وأدبية خارجة عن مفاهيم وتقاليد حركة فتح ونصوصها ، ولذلك فجر الرئيس الفلسطيني رغبته هذه أمام الضعفاء الذين لن يقووا على تحمل أي مسؤولية بالإضافة إلى أن الرئيس الفلسطيني يتمتع بدعم دولي وإقليمي وتتوافق وجهة نظره السياسية والأمنية مع الإطار السياسي والأمني العربي وما يسمى المبادرة العربية التي رفضتها صباح هذا اليوم المرشحة لرئاسة الوزراء ليفني ، فكل من ليفني وبيريس رئيس الدولة العبرية يريدون المبادرة العربية كمبادرة لحسن التطبيع مع الكيانيات العربية المشتتة ، ويرى في المبادرة العربية التملص من حقوق اللاجئين الفلسطينيين ، ويرى في المبادرة العربية الإمتداد الأمني للبرنامج الأمني الصهيوني تحت ذريعة محاربة الإرهاب ، ولكن ليفني قالت لن نقبل المبادرة العربية كما هي وهي تعزز وجهة نظر ليفني .
أصبحت قضية التهديد بالإستقالة موضة من سلوك اتبعه بعض الرؤساء لفرض منهجيته على الآخرين ولم تأتي تلك التهديدات بالإستقالة إلا بهد ما يمارسه هؤلاء الرؤساء من تحطيم للبنية الأساسية والمعنوية والمادية للإطار الذي يمكن أن يتحمل المسؤولية بعد استقالته ، ومن هنا قام الرئيس الفلسطيني ومن خلال هذا المفهوم بطرح إستقالته على اللجنة المركزية الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة بعد عدة نكبات ابتلت بها حركة فتح والشعب الفلسطيني في ظل وجودها وتمترسها في مواقعها وأصبحت قضية اللجنة المركزية هي مقدار المحافظة على مصالحهم وبقائهم في مواقعهم ، ولو كان هذا على حساب الحركة والشعب الفلسطيني ، ولكن من هنا نسجل التقدير لكل من هاني الحسن وصخر أبو نزار وأبو المعتصم ومحمد جهاد الذين لم يروق لهم ” شرب مرقة اللجنة المركزية ” بوضعها الحالي ، أما الأخ نصر يوسف ابن العاصفة الذي للآن لم يحدد موقفه بين تاريخه في العاصفة ومصالجه الذاتية في أبعادها الأمنية والعسكرية والتزامه مع اخوته المناضلين في داخل حركة فتح الذين أبوا أن ينصاعوا إلى مفاهيم ” المرقة ” و ” الشوربة ” للجنة المركزية .
ومن هنا نذكر أيضا وبحكم مسؤولية الأخ نصر يوسف عن اللجنة العسكرية فإن الأخ نصر يوسف يتحمل كل المسؤولية عن الإنهيارات التي تحدث في الساحة اللبنانية والتي افتعلها الإنتهازي عباس زكي ، فالآن نقول للأخ نصر يوسف : هل تتخلى عن أخيك في العاصفة خيري أبو الحج ، وهل تتخلى عن من ضحوا من أجل حركة فتح والثورة الفلسطينية في الساحة اللبنانية مثل الأخ أبو العينين وحوالي 850 مقاتل وضابط أساسهم نضالي في الساحة اللبنانية من أجل أهواء ورغبات السيد عباس زكي وأسلويته الإنتهازية ؟ .. كلام وأسئلة توجه لأخ نصر يوسف .
أما عن القاعدة الفتحاوية والتي لا تسير في ركب أوسلو فنقول للرئيس الفلسطيني نبارك لك استقالتك وابتعادك عن العمل الحركي والمؤسساتي الفلسطيني ، وليس جديدا هذا الموقف فقد سبق للرئيس الفلسطيني أن قدم استقالته من حركة فتح إلى اللجنة المركزية وإلى الأخ أبو عمار في مطلع 2000 أبان الخلاف بينه وبين أبو عمار على صلاحيات رئاسة الوزراء ورئاسة السلطة والتي على أثرها قدم الرئيس الفلسطيني الحالي استقالته بعد عدة شكاوى قدمها للإدارة الأمريكية وللجانب الصهيوني ولقوى إقليمية أخرى من قرارات الأخ أبو عمار ومحافظته على صلاحياته من خلال تبويب ما نصت عليه إتفاقية أوسلو والتي أراد محمود عباس تطويرها بناء على الفتوى الأمريكية باستحداث رئاسة الوزراء وصلاحيات رئاسة الوزراء واعتبار أن رئاسة السلطة هي موقع شرفي فقط .
وبما أن الرئيس الفلسطيني قد قد
م استقالته سابقا من الحركة وأفادت بعض الأنباء في حينه بأن تعليق أبو عمار على ذلك قائلا :” أريد أن أستيقظ في الصباح وأن لا أرى هذا الرجل في سلطة الحكم الذاتي ” ” غزةو الضفة ” .
إذا نقول للرئيس الفلسطيني اذهب الى حيث شئت في ظل عدم وجود قوانين للمحاسبة الفلسطينية ، فليس مأسوف عليك وعلى ممارساتك ، وسيبقى المناضلين في حركة فتح يتذكروك في سجلات التاريخ بأنك المحطم لكل معاني الثورة ولإنجازاتها ولكوادرها أيضا .
أما الذين يدافعون عن بعض منفذي تيار أوسلو بشقه الأمني بأنهم كانوا مكلفين من الأخ أبو عمار ، فهذا كلام مردود عليهم ولأن أبو عمار فوجئ باتفاقية هؤلاء مع دايتون أثناء رئاسة السيد أبو مازن للوزراء ولم يكلفهم أبو عمار بهذا عندما استنفروا قواتهم لملاحقة المقاومين في الفصائل الفلسطينية في حركة الجهاد الإسلامي وحماس والجبهة الشعبية والفصائل الأخرى ، ونريد أن نذكر أن ردة الفعل لأبو عمار في ذاك الوقت كانت عنيفة وأوقف جميع الإجراءات التي تم الإتفاق فيها بين هؤلاء ودايتون والمبعوثين الأمنيين الأمريكيين والصهاينة .
والنقطة الأخرى التي وردت في هذا الإجتماع الموقف الحاسم الذي قدمه المفوض العام للتعبئة والتنظيم في تونس عندما قال لا حضور لي في المؤتمر بدون الأخ محمد دحلان ، ومن هنا يكشف الأخ المفوض العام أكثر فأكثر عن نفسه وعن مهامته في الخارج عندما قام بحسم الساحات لصالح هذا التيار ظلما وعدوانا على المناضلين في الحركة بحجة أنه لا ظروف ملائمة لعقد مؤتمرات ليتسنى له وضع القررا تلو القرار لإقصاء المناضلين في الخارج ، والتي على أثرها تم الإنهاء عمليا لتنظيم الخارج .
أما عن ما ورد من تأجيل للمؤتمر إلى شهر فبراير القادم فإننا نقول أن هذا مؤشر لتكريس فكرة أن اللجنة المركزية ضعيفة ولا تنظر لأمور إلى من نطاق محافظتها على مواقعها ، فهي ليست قادرة على التقدم للأمام أو الرجوع للخلف ، وهي تقع بين موقف عباس الذي يريد المبايعة الشاملة في ظل ضعفها بالتهديد باستقالته أو عقد المؤتمر سريعا وبين تخوف تلك اللجنة بأن يوقعها الرئيس الفلسطيني في المحظور ، وفي تلك اللحظة لن يبقى شيء مخفي امام ضعفها تحت الشمس .
مهزلة بعد مهزلة وضعف بعد ضعف ومازالت حركة فتح تئن من ممارسات الضعفاء .
بقلم / سميح خلف