****
سكبوا دمعا أمام شاشات التلفاز على مشاهد من ظلام دامس في المدينة الحزينة.. أرسلوها معبئة في زجاجات من تضامن ومواساة..!!
****
صرخت طفلة العامين وسط ظلام المكان .. تحسست الأم بقايا شمعة ومن أسفل الوسادة التقطت أعواد الثقاب.. أشعلتها .. استمر بكاء الطفلة وافزع صراخها قطط الجوار فانطلقت في مواء غريب لا ينتهي .. كان نوع من التضامن الحقيقي ..استأنست الأم وأحست بالأمان فتنفست الصعداء.. لم تتنبه على انصهار باقي الشمعة عندما ارتفع مواء القطط ممتزجا بصراخ الطفلة.. فتحسست قدرا أحمقا يصنعه البشر ..! فانسكبت منها ضحكاتها مزلزلة جدران العتمة..!!
****
اختفت الشموع من الأسواق .. فظهرت أنياب حمراء من أفواه تجار المآسي.. في مساء اليوم الثاني كانت تباع على الطرقات بأثمان خيالية.. اعتقد أبو الأطفال بأنها من نوع خاص .. من بين الزحمة وحرارة الأنفاس استطاع تلمسها .. كانت بمقاس نصف قلم رصاص وسماكة تزيد قليلا عنه.. التقطها بأنامله ورفعها شاخصا إلى السماء..
تركها ومضى عائدا بخفي حنين.. وفى الليل احتضن أطفاله بعد أن تكحلوا جميعهم بكحله سوداء لها طعم ورائحة البارود..!!
إلى اللقاء.