روت مجموعة من النساء اللواتي وقعن ضحية للاتجار بالبشر في قبرص، بشهاداتهن في مؤتمر حول هذه الظاهرة المتزايدة، عقد في العاصمة القبرصية نيقوسيا، الجمعة 21-11-2008. وقرأت رئيسة وحدة مكافحة تهريب البشر في الشرطة القبرصية ريتا سوبرمان رسالة من فتاة مغربية، اسمها ياسمين، كانت قد غادرت بلادها إلى قبرص على أمل العمل في تنظيف المنازل. لكنها سرعان ما تعرضت للاغتصاب من قبل من قاموا بتهريبها لإرغامها على العمل في الدعارة.
وقالت ياسمين ابنة التسعة عشر عاما “كنت أحلم بأن أتزوج ممن أحب. وفي يوم التقيت امرأة عرضت علي العمل في قبرص. قالت إنني سأقوم بتنظيف المنازل مقابل 20 يورو في اليوم. كانت تلك ثروة بالنسبة لي”.
وأضافت في رسالتها “أحضرت لي المرأة عقدا مكتوبا بالعربية الفصحى, لم أستطع قراءته لكني وثقت بما وعدتني به، ووقعت العقد”. وعندما وصلت إلى قبرص، استقبلها رجل قال إنه وكيلها، وأبلغها بأنها مدينة له بألف يورو كبدل سفر.. “قال لي إن علي أن أعمل لأفيه المبلغ، وإن العمل في الكباريه، أي أن أجلس مع الزبائن وأشرب معهم, وإذا أرادوا ممارسة الجنس علي أن أذهب معهم.. بدأت أصرخ وأبكي.. قلت له إنني مسلمة وإنني عذراء ولا يمكن أن أقوم بهذا العمل”.
وفي أحد الأيام جاء السائق الذي أحضر ياسمين من المطار وأخذها إلى فندق حيث اغتصبها. وتابعت الفتاة “فقدت عذريتي. لم يعد باستطاعتي العودة إلى بلدي. أخي سيقتلني ولا أستطيع أن أتزوج بمن أحب. لا يمكنني العودة أبدا إلى بلدي أو رؤية عائلتي بعد اليوم”.
ألفا دولار
وروت أولغا, وهي من أوزبكستان, متزوجة ولديها طفلان. كيف اتصلت بها امرأة عرضت عليها العمل في كباريه في قبرص، حيث قالت لها إن عليها فقط أن تجالس الزبائن وتشرب معهم. وقالت أولغا إنها ناقشت الأمر مع زوجها وعندما لم يريا فيه ضررا وافقت أملا في تحصيل بعض المال لتأمين دراسة ولديهما.
وأضافت أنها بعد وصولها إلى قبرص مع عايدة, شقيقة زوجها, “كان المسؤول ينتظرنا في المطار وأخذنا مباشرة إلى الكباريه. رأيت فتاة ترقص عارية الصدر. صدمت. ثم قال لي إنه تم إحضارنا إلى قبرص لكي نمارس الجنس مع الزبائن”.
وأضافت “قلت له إنني لم آت إلى قبرص لأقوم بهذا العمل.. قالت له عايدة إنها مسلمة وإنها عذراء. فكان جوابه إن كونها عذراء جيد جدا؛ لأن في إمكانه أن يبيع عذريتها لقاء ألفي دولار”.
عملت ياسمين وأولغا في الدعارة حتى تمكنتا من الهرب. وبعد تقديم شهادتيها في المحكمة, عادت أولغا إلى بلادها، بانتظار الحكم القضائي. أما ياسمين فلا يزال يجري الإعداد للمحاكمة الخاصة بها.
ثم قرأت الشرطية المختصة تفاصيل ما حدث لشابة تدعى مرسيدس لم تعلن عن جنسيتها. وقالت الشابة في روايتها “في إحدى الليالي قادني أحد الزبائن إلى منزل. كان هناك عشرة رجال في انتظاري. اغتصبوني واحدا بعد الآخر. حتى إنهم استخدموا قنينة لإيذائي”. أضافت “منذ ذلك الحين وأنا أعاني من مشكلات صحية عدة. كان هؤلاء الرجال يستمتعون وهم يشاهدونني أتألم”.
وأكدت المنظمات غير الحكومية التي تعمل على مكافحة المتاجرة بالنساء أن هذه التجارة باتت مزدهرة في قبرص، حيث ألغت الحكومة ما يسمى “تأشيرات الفنانات” التي كانت تسهل هذه العمليات المربحة, لكن المشكلة لا تزال متجذرة. وتم إصدار حوالي 3 آلاف من هذه التأشيرات في 2007.
وقالت سوبرمان إن “قبرص باتت مقصدا لضحايا المتاجرة بالنساء وخصوصا استغلالهن جنسيا”. وأضافت أنه كان يتم إحضار الضحايا عادة من شرق أوروبا مثل مولدوفا وأوكرانيا, أما اليوم فنشهد تغيرا حيث يتم إحضار شابات كثيرات من الدول النامية؛ مثل الفلبين وأمريكا اللاتينية والمغرب وسوريا.
ورحبت منظمات مكافحة المتاجرة بالنساء بإلغاء تلك التأشيرات اعتبارا من أول نوفمبر/تشرين الثاني 2008, الذي شكل “صفعة كبيرة” لأصحاب الكباريهات, كما يقول المحامي هاريس ستافراكيس من منظمة “ستوب”. لكن ينبغي البقاء متيقظين كما يقول؛ “لأن التجار يبتدعون الوسائل لأن هذه التجارة مربحة جدا”.
وذكر موفد من منظمة مولدافية أن هناك إعلانات متزايدة تدعو النساء إلى الاستفادة من تأشيرة سياحية إلى قبرص، بدلا من المجيء بوصفهن راقصات. ولكن الراقصات غالبا ما يرغمن على ممارسة الجنس مع الزبائن.