سيد يوسف
تدبروا معى هذه الحكاية وهى من تواترها وشهرتها تكاد تغنينا عما نريد من إسهاب وتفصيل وهاك الحكاية فتأملوها :
سأل الجمل الصغير أمه: من فضلك يا أمى عندى سؤال؟
الأم: اسأل يا بنى.
الجمل الصغير: لماذا جعل الله لنا سنامين؟
الأم: لأننا نعيش فى الصحراء ونحتاج إليهما حتى نخزن فيهما الماء، ألا تعرف أننا نعيش لفترات طويلة بلا ماء؟!
الجمل الصغير: حسنا، ولماذا خلق الله سوقنا وأرجلنا هكذا طويلة؟
الأم: لأننا نقطع بهما مسافات طويلة فى الصحراء فتساعدنا على الجري.
الجمل الصغير: حسنا حسنا، ولماذا جعل الله رموشنا طويلة؟
الأم: الرموش جعلت لتحمى عيوننا من رمال الصحراء.
الجمل الصغير: عظيم يا أمى، إذن لنا سنامان لنخزن الماء ونحن بالصحراء، وسوقنا طويلة لنجرى فى الصحراء، ورموشنا طويلة لتحمينا من رمال الصحراء… أمى لا مزيد من الأسئلة سوى سؤال واحد.
الأم: اسأل يا بنى.
الجمل الصغير: إذن ماذا نفعل فى حديقة الحيوان!!!
انتهت الحكاية، والتساؤل منطقى ماذا تفعل الجمال ههنا وطاقاتها معطلة؟! والأمر يذكرنا بحال بلادنا لا سيما من حيث الإنفاق والاهتمامات وتبديد الطاقات والثروات، انتهت الحكاية وهى تبرز مدى واقعنا السياسى من سوء، وما به من عورات فأموالنا تنفق على مشروعات وهمية وتنفق فى غير مكانها مثل حفلات مارينا سابقا، ومثل الإنفاق على مدينة الإنتاج الإعلامى، ولا تنفق على مستشفياتنا ولا على زراعة القمح فى بلادنا، ولا على صناعة ثقيلة ولا حتى صناعات تفيد بلادنا، وإنما إزهاق المال فى غير ميدانه( ناهيك أنه إزهاق فى غير أوطانه) وتعطيل متكامل الأبعاد لطاقاتنا وعلمائنا فمدارسنا مليئة بحملة الدكتوراة، ومعاملنا خاوية على عروشها، وحال بلادى يسر العدو ويجلب الحزن للصديق مما يبرز تساؤلا أهم: ماذا يفعل حكام بلادى منذ عشرات السنين؟! وبأى منطق يدافع عنهم العجزة والمنافقون؟! أما كان حريا بأمثال هؤلاء أن يكونوا هم فى حديقة الحيوان؟!
سيد يوسف