بقلم د. رفعت سيد أحمد
بعد فضيحة حوار الأديان في نيويورك، والتي كان هدفها الرئيسي هو التغطية علي التطبيع السعودي ـ الإسرائيلي العلني، بعد أن كان تطبيعاً سرياً لمدة ثلاثين عاماً من كمال أدهم إلي بندر بن سلطان مروراً بعدنان خاشوقجي صاحب قضية يهود الفلاشا، بعد تلك الفضيحة التي التقى فيها ملك السعودية برئيس إسرائيل شيمون بيريز وليفني، وتناولوا سوياً عشاءاً فاخراً من نفس الطعام و(الشراب!!)، وتحاوروا وتباسموا، بعد هذا جميعه يصبح السؤال: ليس هل يزور شيمون بيريز الرياض ولكن السؤال يصبح: متى يزور هذا المجرم الصهيوني عاصمة السعودية؟ وربما متى يزور مكة المكرمة؟ لأن الضوابط والحدود والمواقع والحصون قد سقطت جميعاً، ولم يعد من حياء أو مانع ديني أو أخلاقي أو سياسي يمنعها في تلك المملكة؟!
* إن ما جرى في نيويورك (يومي 12، 13/11/2008) سيظل علامة خطيرة في مسار العلاقات العربية الصهيونية، لقد كان بكل ما تعنيه الكلمة فضيحة علي الهواء مباشرة يحتاج منا إلي رصد وتحليل هادئ عله يفيد، ويساهم في إيقاظ النَّوم الهاجعين من أزلام مملكة النفط في بلادنا المنكوبة بهم ودعونا نسجل هذه الهوامش علي ما جرى:
أولاً: تحدثنا الوقائع المنشورة عما جرى في نيويورك أن اللقاء هناك بين خادم الحرمين (ملك السعودية) وبين بيريز وفريقه الصهيوني كان ملؤه الدفء والتفهم المشترك، وأنه رغم عدم مصافحة (الملك) للمجرم الصهيوني علانية إلا أن المصافحة كانت في السر وما جرى قبلها وبعدها من اتفاقات أخطر من مجرد المصافحة كما تعلمون أن التفهم كان شاملاً منذ تم دعوة بيريز إلي المؤتمر الذي هو بالأساس حوار للأديان وليس حوار بين سياسيين يعني المفروض أن الدعوة كان ينبغي أن توجه لحاخامات يهود وليس لرئيس دولة صهيونية تدعي أنها تمثل اليهود في العالم وهذا غير صحيح، وحتى العشاء الفاخر المشترك، إن اللقاء إذن كان دافئاً وليس كما حاولت الصحافة السعودية أو المحسوبة عليها أن تدعي بغير ذلك، (والدفء) عادة ينتج آثاراً، والآثار بدأنا نشاهدها علي الأرض، والمزيد منها خاصة في مجال العلاقات الاقتصادية بين السعودية وإسرائيل سيزداد وضوحاً خلال الفترة القادمة.
ثانياً: ما الذي يمنع بيريز وبصراحة شديدة من أن يزور غداً الرياض خاصة أنه قال ذلك صراحة بعد حوار نيويورك؟ هل سيرفض ذلك آل سعود؟ ولماذا سيرفضون؟ هل لأن الفريق الوهابي التكفيري بها سيثور علي هذا الطلب؟ بالطبع لا، لأن هذا الفريق تم إخضاعه تماماً، وتوجيهه إلي الوجهة التي يريدها النظام ضد المخالفين لهم في المذهب والرأي والسياسة وليس المخالفين لهم في حقوق الشعب الفلسطيني، إن الفريق الوهابي له مهمة محددة وهي تكفير الشيعة وتكفير أسامة بن لادن معاً، ولا نفهم كيف يجتمع الضدان إلا لدى واشنطن وتل أبيب والآن الرياض، إنها طبعاً السياسة وليس حب الله أو سنة رسوله، إننا نقطع بأن بيريز إذا طلب غداً من ولاة الأمر في المملكة أن يزورها فسوف يُسمح له فوراً، وبحجة جديدة زائفة مثل حجة حوار الأديان في نيويورك ولكنها هذه المرة ستكون أقل فجاجة، لأن الصدمة الأولى قد وقعت وتناول خادم الحرمين (طعامه وشرابه) في المقعد المجاور للمجرم (بيريز) دون أن تنتفض في قلبه وعقله وضميره عروق الغضب والذكرى المرة لأطفال مذابح الصهاينة في فلسطين ومذبحة قانا في لبنان التي كان مجرمها الحقيقي شيمون بيريز، الصدمة الأولى وقعت، وبلعها الوهابيون وأزلامهم في مصر والعالم العربي، فلماذا لا يبلعون الصدمة الثانية؟
ثالثاً: قبل أيام كتب العالم المرموق المستشار طارق البشري مقالاً بديعاً في صحيفة الدستور المصرية (16/11/2008) جاء فيه: أن حوار نيويورك أخطر من زيارة السادات للقدس وأنه كي يتم التخفيف من صدمته تعمدت السعودية إثارة قضية الخلاف بين السنة والشيعة عن طريق القرضاوي لكي تلتف الأنظار بعيداً عن هذا اللقاء بين ملك السعودية ورئيس إسرائيل والذي هو أخطر علي الأمة من أي خلاف أو صراع آخر، وهذه الشهادة من مفكر وعالم جليل ونزيه في وزن وقامة طارق البشري، تغني عن أي بيان، وتكشف أبعاد المؤامرة التي جرت وقائعها قبل أيام وساهم فيها (الصغار) ـ بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ودلالة ـ من الطرفين الشيعي والسني واستخدم فيها للأسف فضيلة الشيخ الدكتور/ يوسف القرضاوي، وكان للسعودية وحكامها الدور الأبرز في استخدام الشيخ وأقواله في هذه المعركة لمصلحتهم التي وضحت الآن وهي التطبيع العلني مع إسرائيل، وليس المستشار طارق البشري وحده الذي ذهب إلي هذا القول وتلك النتيجة ولكن ها هي الأستاذة الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفلسفة والعقيدة بالأزهر الشريف (أنظر تصريحاتها بصحيفة الديار المصرية 18/11/2008) ومن قبلها ذهب المفكر الدكتور سليم العوا، والكاتب الإسلامي الكبير فهمي هويدي، والدكتور/ أحمد كمال أبو المجد، وعشرات الكتاب والإعلاميين والعلماء والمتصوفة إلي ذات النتيجة، فهل كل هؤلاء كانوا علي باطل، والفريق المتسعود الأجير لدى آل سعود هو الذي كان علي الحق!! نحسب أن فضيحة نيويورك، قد عرت المسكوت عنه، وأبانت ما حرص فقهاء السلطان علي كتمانه، ولم يب
ق إلا الثورة عليه ولو بكلمة، وهو ما يجب فعله من قبل الشرفاء من أبناء الجزيرة العربية، بلاد الحرمين الشريفين المظلومين!!
ق إلا الثورة عليه ولو بكلمة، وهو ما يجب فعله من قبل الشرفاء من أبناء الجزيرة العربية، بلاد الحرمين الشريفين المظلومين!!
* إن التطبيع مع العدو الصهيوني، وفقاً لعلماء الإسلام الثقاة، يعد خيانة لله ورسوله ولمقدساتهما الطاهرة، وما جرى في نيويورك، ومن قبله في مدريد، من حوار مزعوم للأديان، لهو قمة التطبيع مع هذا العدو، ومن العار الصمت عليه، ونختتم بالدعاء (ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا) صدق الله العظيم.