أعجبني رد ” مجهول ” على ما ورد في صفحة وطن حول تصريح الكاتب تركي الحمد
( و هو من الناطقين باسم حكومة آل سعود ) حول علاقته بفلسطين ، و القضيّة الفلسطينيّة
و قد تلخص الرد في جملتين ” يجب تحرير فلسطين ، و فتح مكة من جديد ” و لعل هاتين
الجملتين فيهما العبرة ، والاختصار لكثير من الردود .. بحيث تصبحان شعارا ، و منهاج عمل
لكل مسلم أولاً ، و كل عربي ثانياً .
انّ التصريح ” التركوي السعودي ” هذا … هو التمهيد الأوّل لحملة إعلامية سنشهدها
عمّا قريب ، و ستمهّد لسقوط ورقة التوت الأخيرة عن عورة هذه الدولة الوهابيّة الخيبريّة
و إعطاء غطاء إعلامي لبدايات تطبيع مع إسرائيل بدأت ظاهرة للعيان ، و ليست بحاجة الى
كثير من تحليل ، و إلاّ بماذا نفسر هذا الغزل الفاضح للملك عبد الله من قبل شمعون بيريز :
”صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية …… كنت أنصت لخطابكم ، وأود أن يصبح
صوتكم هو الأعلى والغالب في المنطقة بأسرها ولكل شعوبها ….إنه الصواب بعينه ، وهو
الصوت المطلوب ، والملهم الواعد …إنه البداية الحقيقية الجيدة لإحراز التقدم الحقيقي “
و من ثمْ ستنتقل العدوى إلى جميع الدعاة المنتشرين على طول ، و عرض القنوات الوهابيّة
التكفيريّة
.. لإصدار الفتاوى التي تم الإعداد لها منذ طرح مبادرة عبدالله بن سعود في مؤتمر
القمامة العربيّة ،
و ليْ ذراع النص القرآني ، من أجل التمهيد للمصافحات الوهابيّة الإسرائيلية
بشكل علني ، و لقد كان مستصغر الشرر الذي أوقع مصر ، و الأردن في هذه البليّة فتوى
شيخ يعمل لدى هاتين الحكومتين .
و سأمنع الالتباس في هذا الموضوع بسؤال بسيط :
تقول الآية ” و إن جنحوا للسلم فاجنح له ، و توكل على الله إنّه هو السميع العليم ” الاانفال
و لن ادخل أيضا في تشعبات الفقه ، و اعتماد شيوخ مصر – لن نعول كثيرا على الأردن –
على هذه القاعدة التي مرروها، و التي دفع أنور السادات حياته ثمنا لها فيما بعد ، و لكن هل
جنحت
إسرائيل للسلم مع كل المسلمين فجنحت مصر ، و الأردن .. أم أن الأمر يتعلق بوضع
سياسي ليس
له علاقة بإسلام أو مسلمين .
و لقد ذكرت هذا السؤال تحسبا لأيام قادمة .. سيكون فيه الإعلام السعودي على قدم ، وساق
للترويج لعلاقات طبيعيّة بين حكومتين صهيونيتين ، يتخفّى أحد أطرافها بالعروبة ، و الإسلام
و سيكون شيوخ الوهابيّة على رأس المبررين لمثل هذه العلاقة.
و سيسأل البعض لماذا حشرت هذه ” الآية ” في سياق المقالة .. و الجواب بسيط أيضا
فالسعوديّة تحتضن ” الحرمين الشريفين ” حيث أصبح لقب ممثل هذه الدولة يسبق
بكلمة ” خادم الحرمين ” منذ عهد الملك ” فهد ” و الذي طرح في وقتها ورقة عمل للصلح
مع إسرائيل ، استطاع الفلسطينيون أن يسقطوها ..إلى عبد الله الذي فضحه شرب النخب مع
( بوش
،
و رئيس الصين ) …. و هذا اللقب تمّ الإعداد ، و التخطيط له بشكل استراتيجي ..
ليغطي على جميع
الشرور التي تقوم بها هذه الدولة ، و التي يدعوا أئمة الحرمين
و الموظفون أصلا عند هذه الطغمة ..
لهذا الخادم أو ذاك بالنصرة ، و التأييد……
و على مدى
30 عاما .. أصبح هذا اللقب تابعا لمن يجلس على كرسي هذه المملكة ، مع
العلم أن خدمة الحرمين هي بالأساس ، للأسرة الهاشمية ، و التي كانت تحكم
الحجاز ، و بالتالي تم ارتباط وضع الحرمين .. بأحد أفراد الأسرة الحاكمة في السعوديّة ..
ليتم تبرير أي
موبقة يتبنّاها هذا الخادم .. و هذه بداية الرقص .. و لكن بدون سيف بوش .
و ربما لا يكون هذا ” المجهول ” خبير استراتيجي ، أو من فقمات التحليل السياسي ، و لكنه
نطق بكل الحقيقة
التي يتحاشى كثير من المسلمين ، و العرب الخوض بها .. و التي تستطيع
الماكنة الإعلامية الوهابيّة التغطية عليها ..
حتى يستطيع تركي هذا و الذي رضع حليبه
من ”….. ” شمعون بيريز أن يتحدث بهذا الحديث …
لقد أصبحت فلسطين ، و اسرائيل في مقولة هذا الكاتب همّان هامشيان .. نجلد ذواتنا حسب
توصيفه بربط عقولنا
بقضيّة وحيدة احترقنا بها ، و احترق الأخضر ، و اليابس بسببها
و إنّ اسرائيل ستبقى في الذهن المؤسطر
حتى و لو زالت وعلى ضوء ذلك
فـ ” لا تكون اسرائيل اكبر همّنا ، و لا فلسطين منتهى غايتنا ” .
و عليك أيّها القاريء غير الوهابي .. أن تستمتع بهذه الدرر ، التي تسطّح صراعا امتد على
قرن كامل مضى
،
و مازالت ذراعيه تقبض على بدايات قرن جديد .. لأنّ إسرائيل التي تضع
إصبعها في إست ملوك هذه الدولة
الوهابيّة ، و التي لسوء الضروف كان إستها سداسيّا .. قد
قررت أن تنتهي من عبث يهود خيبر السرّي ، بعد
أن
أصبح وجودها في خطر نتيجة زلزال
” تمّوز ” ، و أنّ مرحلة كسر العظم التي مرّت بها .. لن يساعدها
في الشفاء منه ، باطنية
آل وهاب ، فلن يشرعن بقائها الاّ يد خادم الحرمين ، و هي تصافح رموزها
،
و قياداتها ..
فكانت البداية بحفلة السحاق المسماة حوار الأديان ، و التي تمت أسطرت ” خادم الحرمين “
في ذهننا قبلها.. ليتراكب المفهومين فتنتج علاقات طبيعية بين المسلمين ، و هذه الدولة
الصهيونيّة .
و طالما أنّ فلسطين ليست ” منتهى غايتنا ” فليحترق 3 ملايين فلسطيني تحت الاحتلال
الصهيوني
،
و ليستمر حصار غزّة ، و تهديد لبنان بالاستعراضات العسكريّة ، و لتضرب
سوريا ، و ليفتك
الموساد بالعراقيين .. كرمى لعيني ” تركي الدريديّ ، و آله ، و صحبه ” …
يا ابن أبيه لك الحقّ .. فإن الأيّام قواويدْ
شكّلْ .. مدّ .. تنافى ..
لست بأكثر من شرف بقليل يسرق ْ..
لا أتمثل امثالك حرفا .. صمت العشق يضيء بقلبي
و بغامك في وكر الغربان مديدْ