ذكر مصدر واسع الاطلاع لـصحيفة «الأخبار» اللبنانية أن أجهزة استخبارات غربية، تربطها علاقات مع سوريا، أكدت حصولها على تأكيد بأن زعيم فتح الإسلام شاكر العبسي موقوف الآن لدى السلطات السورية، وأنه محتجز مع معاونين له في أحد مقارّ الأجهزة، وهو أدلى باعترافات كاملة عن كل ما قام به تنظيمه قبل معارك نهر البارد وأثناءها وبعدها، بما في ذلك العمل التخريبي الذي نفّذه موالون له في لبنان ضد الجيش اللبناني.
كذلك علمت «الأخبار» أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تواصلت مع جهات نافذة في مخيم عين الحلوة للحصول على مساعدتها في توقيف أبو محمد عوض الذي عرّف عنه في شريط التلفزيون السوري على أنه الأمير الجديد لـ«فتح الإسلام» بعد اختفاء شاكر العبسي. وفهم أن عوض لم يغادر المخيم وأنه موجود في مكان معروف من قبل هذه الجهة التي تملك آلية التواصل معه، دون معرفة ما إذا كان هناك توافق على آلية لتسليمه.
وذكر المصدر أن الاتصالات الجارية الآن والتي تشمل جهات دولية أظهرت وجود تواصل قوي بين مجموعات العبسي وتنظيم القاعدة، وأن في طرابلس اليوم شخصاً وثيق الصلة بالتنظيم العالمي، ولكن يبدو أن هناك اعتبارات تحول دون توقيفه، علماً بأن الأجهزة تدقق في معلومات عن وصول أسلحة وأموال إلى الشمال عبر جهات خارجية بينها دولة عربية.
ولفت المصدر إلى أن أحد أسباب التوتر في العلاقات السعودية ـــــ الفرنسية يعود إلى أمر له صلة بما يجري في شمال لبنان وفي مناطق أخرى من العالم، ونسب المصدر إلى تقرير دبلوماسي أن السلطات الفرنسية أبلغت دبلوماسياً سعودياً رفيع المستوى أن أجهزة الأمن الفرنسية والأجهزة الصديقة لفرنسا عثرت على أسلحة خفيفة من صنع فرنسي، وتبيّن أنها كانت قد بيعت إلى السعودية من ضمن صفقة وقّعت خلال حكم الرئيس السابق جاك شيراك. ولفت التقرير، كما قال المصدر، إلى أن هذه الأسلحة عثر على قسم منها في أفغانستان وفي شمال لبنان وأن بعضها استخدم في أعمال ضد القوات الفرنسية، وأنها وصلت إلى أيدي مجموعات متطرفة تعمل على برنامج من العنف في لبنان أيضاً.
■ التحقيقات في الشمال
في هذه الأثناء توسّعت رقعة التوقيفات لتطال أشخاصاً يشتبه في علاقتهم بتنظيم «فتح الإسلام» ومجموعة عبد الغني جوهر، في ضوء اعترافات الذين أوقفوا أخيراً لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية، والذين تظهر التحقيقات المتتالية معهم معلومات متشعبة من شأنها أن تؤدي إلى كشف المزيد من المعلومات، وتوقيف مزيد من الأشخاص.
وتقاطعت في هذا السياق إلى حد التطابق معلومات مصادر أمنية معنية مع مصادر سياسية متابعة، لبنانية وفلسطينية على السواء، من أن هناك «خلايا عدة نائمة لها علاقة بفتح الإسلام، وأن مجموعة جوهر هي إحدى هذه المجموعات، وأن التوقيفات والتحقيقات المكثفة والمتابعة كشفت الغطاء عن مجموعات أخرى هي قيد المراقبة والملاحقة الدقيقة، فضلاً عن مجموعات وأشخاص غابوا عن السمع نهائياً في الفترة الأخيرة، بعد توقيف الفلسطينيين خالد جبر ونادر العلي مطلع الشهر الجاري، والشيخ حمزة قاسم في مرحلة لاحقة داخل مخيم البداوي».
وكان التطور البارز في هذا الملف أمس توقيف الأجهزة الأمنية اللبنانية أكثر من شخص في كل من منطقة جبل البداوي المتاخمة لمدخل مخيم البداوي لجهة الشرق، ومنطقة المنكوبين الواقعة بين المخيم ومنطقة جبل محسن لجهة الغرب، وفي محلة أبي سمراء في طرابلس، في أعقاب توقيف الشيخ خالد س. المشتبه في علاقته الوثيقة مع إمام مسجد القدس الشيخ حمزة قاسم الذي أوقف نهاية الأسبوع الماضي، وذلك على خلفية معلومات عن وجود تنسيق بين الشيخين لجهة إيوائهما رئيس تنظيم فتح الإسلام شاكر العبسي في المخيم ومنطقة المنكوبين، ومساعدته على الفرار بعد ذلك إلى سوريا.
وكشفت المعلومات أن الشيخ خالد س، الذي يعمل إماماً وخطيباً في مسجد النور في المنكوبين، كان يزور باستمرار الشيخ حمزة قاسم داخل المخيم، وألقى أكثر من خطبة في مسجد القدس بالتنسيق مع حمزة وبالنيابة عنه أثناء غيابه، وكان يظهر علامات التشدد في خطبه ومواقفه الدينية، ما جعله يبدو منسجماً مع قاسم وعلى نسق واحد معه.
وفيما نفى أقرباء للشيخ خالد س. وجود أي انتماء له مع فتح الإسلام أو غيره، وأنهم ينتظرون القضاء لجلاء الحقيقة حوله، وهم على ثقة كاملة به، أشارت معلومات أخرى إلى أنه ينتمي إلى حزب التحرير المعروف بدعوته لإقامة الخلافة الإسلامية، وهو الأمر الذي نف
اه المسؤول الإعلامي للحزب أحمد القصص، واعتبره «تلفيقات وتسريبات أمنية».
اه المسؤول الإعلامي للحزب أحمد القصص، واعتبره «تلفيقات وتسريبات أمنية».
وأكد القصص لـ«الأخبار» أن الحزب «يعارض كلياً في تفكيره وعمله ودعوته الأعمال العسكرية والأمنية، وإذا وجد شخص من الحزب قام بهذا الفعل، فالأمر لا يعدو كونه عملاً شخصياً تفرّد به ولا يلزم الحزب به»، لافتاً إلى «أننا ننتظر القضاء لجلاء الأمر وتبيان الحقيقة»، نافياً وجود أي معلومات لديه عن تورّط أعضاء في الحزب مع تنظيم فتح الإسلام أو لهم علاقة به، ومشيراً إلى أن الشيخ خالد س. «كان يتلو القرآن في احتفالات الحزب، وأن ما يشاع عن علاقته بالشيخ حمزة قاسم لا يعدو كونه علاقة مشايخ بعضهم مع بعض، عدا عن جوار منطقة المنكوبين للمخيم وتداخل أحيائهما بعضها مع بعض».
وفيما استدعى توقيف الشيخ خالد س. إجراء اتصالات عاجلة مع دار الإفتاء في طرابلس لهذه الغاية، لكونه خطيباً يتبع لها، أشارت معلومات متوازية إلى أن ثلاثة أشخاص آخرين من أقربائه أوقفوا مساء أول من أمس للغاية نفسها، هم: عبد الحميد. س، محمد. س ومحمود. س، إضافة إلى علي. ا، اللبناني المتزوج من فلسطينية مقيمة في مخيم البداوي.
في غضون ذلك، أكد مصدر فلسطيني متابع لـ«الأخبار» أن التوقيفات الجارية «ليست عشوائية، وهي تدل على معطيات ومعلومات هامة متوافرة لدى الأجهزة، من شأنها أن تكشف عن المزيد من المتورطين، واللافت في الأمر أنهم هذه المرة من الفلسطينيين واللبنانيين وغيرهم معاً». وصباح أمس، تتابعت أعمال المداهمات، فأوقفت مخابرات الجيش شخصين في محلة جبل البداوي في مشروع الشريدي، هما ربيع. م، على خلفية معلومات عن احتمال إقامة العبسي في شقة شقيقه المقيم في الدانمارك بعد فراره من مخيم نهر البارد، والثاني علي. خ، الملقب بعماد، من مكانه في محل للنجارة في محلة أبي سمراء في طرابلس.
ومساء أمس، أفرجت مديرية استخبارات الجيش عن الشيخ جمال المصري (رجل دين من طرابلس) الذي كان قد أوقِف قبل يومين في مخيم شاتيلا للاشتباه بوجود علاقات له مع «فتح الإسلام». وقد بيّنت التحقيقات معه عدم وجود شبهات بحقه.