محمد أبو علان
سعد الحريري (الحريري الصغير) زعيم تيار المستقبل وأحد الأركان الرئيسيين لتحالف 14 آذار كان في استنفار دائم ضد القوى الوطنية والمقاومة اللبنانية وحلفائها السوريين والإيرانيين، فمع كل تفجير أو عملية تخريبية في لبنان أو عملية اغتيال كان يجند نفسه وكل ما يمللك من طاقة إعلامية وثروات مالية لاتهام سوريا وإيران وحلفائهما في لبنان وبالتحديد حزب الله بأنهم هم من يقفون وراء كل عمليات الاغتيال والتخريب في لبنان.
وفي هذا السياق لا زلنا نذكر الحملة الإعلامية على المخيمات الفلسطينية وعلى سوريا إبان أزمة مخيم نهر البارد وفتح الإسلام، فبكرةً وأصيلا كان الحريري الصغير يوجه أصابع الاتهام لسوريا بأنها هي من دعمت فتح الإسلام من أجل تخريب لبنان وإثارة القلاقل الأمنية فيه، هذا في الوقت الذي كشفت فيه العديد من الجهات اللبنانية والعربية عن صلات الحريري الصغير وتياره السياسي مع فتح الإسلام وإنه هو أول من استقدمهم إلى الشمال اللبناني لإثارة الفتنة الطائفية في لبنان وليكونوا عصابات خاصة به تعمل تحت إمرته وإمرة ثروته التي جاء جزء كبير منها على حساب المواطن اللبناني ومشاريع الإعمار في لبنان.
وجاءت التفجيرات الأخيرة في سوريا لتكشف إن فتح الإسلام لا زالت عاملة في لبنان وإن لها ارتباطات مع مواطنين عرب جاءوا من دول تعتبر حليفة تاريخية للحريري وليست حليفة لسوريا كما كان يروج الحريري الصغير وحلفائه عن قصد وإصرار مسبق بغرض خلق المزيد من المبررات لحصار ومحاربة سوريا ، وقد أثبتت التحقيقات الأمنية السورية إن الإرهابيين يأتون من سوريا إلى لبنان وليس العكس، ومن تم القبض عليهم في لبنان بناءً على اعترافات خلية تفجير دمشق الأخير إلا خير دليل وأفضل شاهد على وجود من يقف إلى جانب هؤلاء الإرهابيين في لبنان.
إلا أن الحريري الصغير ملأ فيه ماءً ولم يجرؤ أن ينبس ببنت شفه حول اكتشاف خلية الموساد الإسرائيلي في لبنان والتي يقودها الجاسوس على الجراح، حيث نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية الثلاثاء تفاصيل تحركات الجراح وتعامله مع الموساد الإسرائيلي، وعن زيارته لإسرائيل ولمرات عديدة وتدريبه على استخدام أجهزت اتصال وتصوير متطورة، وعن اجتماعاته مع ضباط الموساد في مصر والأردن وقبرص وإيطاليا واليونان.
وسردت الصحيفة اللبنانية تحركات الجاسوس علي الجراح في سوريا والبقاع اللبناني ومراقبته لما يجري في الجنوب اللبناني من تحركات للمقاومة، وكيف كان ينقل ما يتم تصويره من مواقع لبنانية وسورية عبر أساليب متطورة كانت طائرات التجسس بدون طيار إحدى هذه الوسائل التي كانت تستخدم في نقل تقارير وصور قام بإعدادها الجاسوس علي الجراح وفق توصيات وطلبات من الموساد الإسرائيلي.
هذه المؤشرات والإمكانيات الفنية والتكنولوجية الضخمة التي وفرها الموساد للجاسوس علي الجراح بالتأكيد كان لها الدور الكبير في تسهيل عمل أجهزة المخابرات الإسرائيلية في لبنان من أجل خلط الأوراق على الساحة اللبنانية وتأليب الرأي العام في لبنان على المقاومة عبر عمليات اغتيال ذكيه لتكون الأداة بيد أمثال الحريري الصغير وحلفائه في لبنان، مما يعزز الاعتقاد بأن عملية اغتيال رفيق الحريري ومن تلاه في عمليات الاغتيال لم تكن بعيدة عن أيدي المخابرات الإسرائيلية وعملائها وحلفائها التاريخيين في لبنان أمثال جعجع وأتباعه.
ففي في ظل هذه المعطيات هل يستطيع الحريري الصغير وتحالف 14 آذار أن يتقدموا بطلب عبر الدولة اللبنانية للجنة التحقيق الدولية بجعل دولة الاحتلال الإسرائيلي في دائرة الاتهام وأن تشملها التحقيقات حول عملية اغتيال رفيق الحريري؟، أم إن الحريري الصغير سيكمل لعبته في استكمال دوره الذي رسم له في الاستمرار في مهاجمة سوريا والمقاومة الوطنية اللبنانية لصالح التستر على العمل ألاستخباري الإسرائيلي والأمريكي في لبنان؟، أم سيسعى هو ورئيس حكومته السنيورة بالبحث السريع عن ملجأ آمن للجاسوس على الجراح كما فعلوا مع حلفائهم الفرنسيين للشاهد زهير الصديق والذي تبين أن شهادته للجنة التحقيق كانت مفبركة بالتمام والكمال لحرف التحقيق باتجاه محدد يكون هدفه تعزيز الاتهام لسوريا وإبعاد احتمالات التورط الإسرائيلي في عملية اغتيال الحريري، أم إن عملية كشف الجاسوس الجراح وتفاصيل أنشطته في لبنان ستجعل الحريري يصمت صمت القبور عن مطلبه في موضوع المحكمة الدولية وبالتالي تسجل القضية ضد مجهول ولكنه معلوم للجميع.