كشفت صحيفة نيويورك تايمز ان الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي تقوم بتسريح المسؤولين عن مكافحة الفساد في الوزارات العراقية، والذين عينتهم الإدارة الأمريكية المؤقتة. وكانت الإدارة المؤقتة قد عينت مفتشي النزاهة بهدف ادخال معايير جديدة اقل فسادا وبيروقراطية الى عمل مؤسسات الدولة العراقية. وقالت نيويورك تايمز ان ان مسؤولين عراقيين وامريكيين اكدوا خلال اليومين الاخيرين هذا الخبر بينما بدا ان نسبة الفساد في العراق تزداد بشكل كبير، وفي هذا السياق كان احد كبار المفتشين العراقيين في مجال مكافحة الفساد قد قال في شهادة امام الكونجرس الامريكي مؤخرا بأن 13 مليار دولار من الاموال الامريكية المخصصة لاعادة اعمار العراق هدرت وسرقت وبذرت على ايدي مسؤولين حكوميين عراقيين.
ولم تتخذ الحكومة العراقية قرارا رسميا بتسريح المسؤولين عن الرقابة والفساد، الا ان الصحيفة الامريكية ذكرت بأن أنباء اقالة مسؤولي الرقابة تنتشر كالنار في الهشيم داخل الادارات العراقية.
وتأتي هذه الخطوات العراقية في الوقت الذي يستعد فيه البرلمان العراقي الى التصويت على الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة والتي تقضي بخفض نوعي للقوات الامريكية العاملة في العراق.
وتعتبر الصحيفة ان توقيت توقيع الاتفاقية مع تسريح مسؤولي الرقابة سيقلص حتما الاشراف الامريكي على الادارات العراقية.
من جهة اخرى، دافع مسؤولون حكوميون عراقيون عن قرارات التسريح قائلين بأنها لم تؤخذ على خلفية سياسية، بينما قال البعض الآخر في السر ان اقالة المفتشين جاءت بدون اي سبب.
فرار وزراء
يذكر ان كل واحدة من الوزارات العراقية الـ30 كانت تخضع لمراقبة مفتش، كما يشار الى ان بعض المفتشين التزموا الصمت حيال ما يجري في الوزارات، لكن البعض الآخر اجرى تحقيقات وتابع ملفات حتى النهاية، ما جعل بعض الوزراء والمسؤولين العراقيين يخافون منهم، حسبما تدعي الصحيفة.
ومن حالات الفساد التي تذكرها الصحيفة تحقيق ضد وزير الكهرباء السابق ادى الى دخوله السجن قبل ان ينجح بالهروب الى الولايات المتحدة. وكان مفتش النزاهة في وزارة النفط العراقية قد اجرى تحقيقا شاملا ومفصلا كشف فيه حالات تهريب كانت تجري على نطاق واسع.
وجاء في الصحيفة أنه في وزارة الاشغال والاسكان اتهمت وزيرة كردية هربت لاحقا من العراق مفتش النزاهة لدى الوزارة، وهو شيعي، باجراء تحقيقاته بدوافع سياسية واطلاقه اتهامات سياسية لا علاقة لها بالواقع على حد ما ادعت.
في المقابل، لم تعلق السفارة الامريكية في بغداد على المعلومات الواردة حول تسريح المفتشين، الا ان ستوارت بوين الذي يشرف على مكتب المفتشية العامة لاعادة اعمار العراق قال انه عرف بتسريح 6 مفتشين، وقال ان سبب ذلك هو “السلطة الضعيفة التي يملكها مفتشو النزاهة الذين قررت واشنطن تعيينهم، ولكنها لم توفر لهم التدريب والدعم اللازمين”.
اتهام 300 مسؤول
وفي سياق متصل، قالت هيئة النزاهة العراقية انها وجهت اتهامات بالفساد لاكثر من 300 مسؤول عراقي اصدرت على اساسها المحاكم 86 حكما.
وحسب ترتيب منظمة الشفافية الدولية لـ180 دولة يعتبر العراق ثالث اكثر بلد فسادا في العالم بعد الصومال وميانمار.
وقال رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العجيلي ان “الحرب على الارهاب في العراق كانت دموية وشاقة ولكن الحرب على الفساد ستكون اطول واكثر صعوبة”.
واضاف ان “الشركات والمستثمرين الكبار لا تجذبهم البلدان الفاسدة لانهم لا يريدون ان يسرقوا”.