الشيخ عثمان الرفاعي الأزهري
(( صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية …… كنت أنصت لخطابكم . وأود أن يصبح صوتكم هو الأعلى والغالب في المنطقة بأسرها ولكل شعوبها ….إنه الصواب بعينه وهو الصوت المطلوب والملهم الواعد …إنه البداية الحقيقية الجيدة لإحراز التقدم الحقيقي …..)) . بهذه الكلمات غازل شيمون بيريز رئيس الكيان الصهيوني مضيفه خادم الحرمين الشريفين كما يحلو له أن يسمي نفسه (حتى وإن خالفت أفعاله هذا الاسم) ، ولم يكن هذا الغزل مفاجأة للمدركين المتابعين لأحداث المنطقة ، لكن المفاجأة كانت في علانيته بعد أن كان سريا منذ أكثر من قرن من الزمان .
المفاجأة أن يقول بيريز هذا الكلام علنا وفي اجتماع للجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة التي وصفت الصهيونية بأنها نوع من أنواع العنصرية في قرار تنازلت عنه بعد أن بات العصر صهيونيا بامتياز. المفاجأة أن يقول بيريز هذا الكلام في مؤتمر دعا إليه وموّله هذا الذي يدعي أنه خادم للحرمين الشريفين .
إن هذا الغزل السياسي المفضوح أسقط الأقنعة ، وبين الأهداف الحقيقية لما سمي بالمؤتمر العالمي للحوار بين الأديان ، ليتّضح . أنه لا شيء سوى التطبيع الإجباري مع الكيان الصهيوني ، بمباركة صهيونية ورعاية مادية ومعنوية سعودية تصدّر منصتها الذي لا زال يدعي أنه خادم للحرمين الشريفين ، ويتأكد لكل مسلم ومسلمة بعد هذا المؤتمر أن الحرمين المقصودين هنا غير اللذين يعنيهما المسلمون .
الخطورة اليوم باتت تهدد كل رافض للتطبيع باعتباره عدوا للسلام داعيا للكراهية رافضا للحوار . والأخطر اعتبار كل رافض للتطبيع مخالفا لقرارات الشرعية الدولية ، يستحق العقاب بكل الوسائل المجربة من الحصار والتجويع إلى القصف والترويع، في سياسة اسمها فروض الانبطاح ولوازم التركيع . ألا يؤكد ذلك ما تنبأ به ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الأسبق في حديثه لحاييم وايزمان كما ورد بالنص في مذكرات هذا الأخير(( قيام إسرائيل يتأكد بتمكين ابن سعود من جزيرة العرب)) .
مملكة آل سعود أولا ثم دولة إسرائيل ، مكة والمدينة أولا ثم القدس عروس عروبتكم ، ألا يؤكد هذا ما تردد عن أصول الأسرة السعودية . وإذا لم يكن الأمر كذلك ، فبماذا نفسر دعوة رئيس دولة وصفتها الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة بأنها تنتهج نوعا من أنواع الميز العنصري ، أم أن (إسرائيل) هذه لم تعد تحتل الأرض وتنتهك العرض ، وتغير معالم القدس ، وتهدد وجود المسجد الأقصى ، وتقتل وتحاصر وتجوع وتعيث في الأرض فسادا، ألا يعني هذا مخالفة ما عرف من الدين بصريح نصوص القرآن والسنة وما أجمعت عليه الأمة التي لا تجتمع على ضلالة أبدا ، ألم يقل الله ( ومن يتولهم منكم فهو منهم ) أم أن هؤلاء لم يحاربوننا في الدين ولم يخرجوننا من ديارنا .
لقد سقط القناع يا عبد الله بن سعود بن مردخاي ، لقد سقط القناع يا من مول ودعا ورعى وطبّع صراحة مع أعداء الوطن والدين وعليكم الاستقالة الفورية من خدمة الحرمين الشريفين اللذان لم يعودا في مأمن بخدمتكم ، وعلى كل مسلم العمل على إقالة هؤلاء وإبعادهم عن الحرمين الشريفين اللذان يجب على المسلمين تطهيرهما للركع السجود لله ، وليس لبيريز وليفني ومن ورائهما .