وفاء إسماعيل
اندهش عندما أجد حكامنا العرب يتعاملون مع شعوبهم من منطلق أن تلك الشعوب غبية أو فاقدة الأهلية والصلاحية ، وأحيانا يتعاملون مع تلك الشعوب على أساس أنهم مجرد عبيد عليهم السمع والطاعة العمياء دون اعتراض أو انتقاد بل عليهم قبول ما تفرضه عقلية هؤلاء الحكام ..حتى لو كان ما يفرضونه مخالفا للعقل والمنطق .. فأي منطق هذا الذي يدفع حكامنا إلى البحث عن فضيلة يتسترون بها للتغطية على جريمة الهرولة نحو التطبيع مع عدونا وقاتلنا ومغتصب أرضنا ؟
* هرول العرب إلى ما يسمونه حوار الأديان ويعقدون له المؤتمرات الدولية ويكلفون أنفسهم عناء الذهاب والإياب وكأن الخلاف بيننا كأمة إسلامية وعربية وبين شعوب الغرب وإسرائيل مجرد خلاف على الأديان وليس خلاف على ارض وحقوق مغتصبة منذ أكثر من 60 عام وحضر إلى المؤتمر كلا يمثل ديانته والناطق باسم أصحابها وأهلها ..وبحثت بين كل المؤتمرين والحاضرين على شخص واحد من الحضور يمثل أمته التمثيل الحقيقي فلم أجد منهم ولا شخص فوض باسم أمته وقومه تفويضا حقيقيا ورسميا ليتحدث باسم أصحاب كل ديانة أو امة ، أو أذن له أن يخاطب الآخرين نيابة عن قومه .. تذكرت المندوب السامي البريطاني في مصر بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1919م وهو ينهر سعد زغلول عندما طلب منه الأخير أن يذهب لحضور مؤتمر الصلح في فرساي بباريس فتهكم منه وقال أنه أمر مرفوض وبرر الرفض
ب ( إن سعد زغلول وزملائه غير مفوضين من الشعب المصري ولا يمثلون إلا أنفسهم ) فثارت ثائرة المصريين وخرجوا يجمعون لسعد زغلول التوقيعات والتوكيلات التي تؤكد تفويض الشعب المصري لزعيمهم سعد زغلول لينوب عنهم في طرح قضيتهم بمؤتمر الصلح في فرساي وتذكير بريطانيا بوعودها الكاذبة بالحرية والاستقلال بعد انتصار الحلفاء في حربها ضد المحور ..وبعد تقديم كافة التضحيات للحلفاء حتى تحقق لها النصر على ألمانيا فهل وجدتم بين السادة الحضور من حصل على تفويض من شعبه كي يتحاور مع الآخرين خاصة أن هؤلاء الآخرين ماهم إلا ثلة من الطرشان .. فكيف نتحاور مع طرشان بل وعميان أيضا ؟
الأديان متفقة وليست بحاجة لحوار بل بحاجة لتطبيق فعلى لقيمها !!!
* إن الديانات ليست بحاجة إلى حوار أيها السادة الشجعان .. فعلى حد علمي الديانات لم تختلف يوما في أسسها ولا مبادئها ولا قيمها وان كان هناك اختلاف فهو اختلاف ليس في المضمون ولا الهدف إنما اختلاف في أسماء الرسل والأنبياء والأزمنة التي ظهرت فيها فالله واحد وقيمه التي دعانا إليها واحدة في جميع الديانات ورسالاته السماوية كلها تدعو إلى الفضيلة وعبادة الواحد القهار وأساسها التوحيد.. ولم نجد يوما اختلافا ولا تفتيت ولا تجزئة لتلك المبادىء أو الفضيلة إلا على يد البشر .. الناس هم من فتتوا وقسموا وانحرفوا بديانتهم عن أهدافها السامية التي تحفظ للإنسان كرامته وعزته وحريته في الإبداع والتفكير ، الناس هي من صممت لعقولنا إطار ينحرف بناعن تلك الأهداف السامية وأجبرت البشر على الالتزام بانحرافاتهم وإلا يكون مصيره التكفير .. واقصد هنا بالناس هؤلاء الذين ادعوا أنهم أهل علم ودين وأهل فكر ونصبوا أنفسهم مرجعيات يرجع إليها الإنسان بدل الرجوع إلى الله وديناته ، أو الرجوع إلى عقله القادر على التفكير والإبداع .
إذن علينا أن نتفق أن الديانات لم تختلف يوما لكي تتحاور ولا هي بحاجة إلى حوار الساسة بل بحاجة إلى حوار العقل .. فلماذا يذهب كل هؤلاء إلى منظمة الأمم المتحدة والاحتكام إلى بان كي مون متسترين بعباءة الدين ؟
انجحوا في إقامة الحوار مع شعوبكم أولا !!!
* إن المؤتمر كان مؤتمر سياسى بامتياز الهدف منه إعلان التطبيع مع إسرائيل ووجد كلا من الحضور ضالته في تلك العباءة الدينية التي أساءوا استخدامها وشوهوا صورتها وكأنهم احرص على الدين من غيرهم ، أو كأنهم لهم القدرة على الإقناع بسماحة الأديان وهم أكثر الناس عداوة للأديان فمن منهم حرص على تطبيق قيم تلك الأديان في أوطانهم ؟ إسرائيل ورئيسها شيمون بيرير مجرم الحرب وصاحب مجزرة قانا وسجان الفلسطينيين في غزة واليد القوية التي تطبق الحصار لقتل أكثر من مليون ونصف محاصر ؟ اهذه الشخصية لديها القدرة على التسامح والعيش بسلام واحترام الأديان وهو وعصابته من الصهاينة مازالوا يهدمون المنازل على رؤوس ساكنيها في فلسطين المحتلة ولم يبقوا حجر في مكانه إلا وهدموه ولا بيت إلا أفرغوه من أهله ولا مقبرة إلا وأفرغوها من عظام موتاها ؟ أم الملك عبدا لله وباقي الحكام العرب الذين هرولوا إلى موائد بان كي مون يشاركون بيريز الطعام وهم أول من يرفضون الحوار مع من اتفق معهم فى الإسلام و اختلف معهم في المذهب !!!! هل هؤلاء الحكام لديهم القدرة على الإقناع بعدالة قضايانا أمام المحافل الدولية وإظهار سماحة الإسلام وسمو مبادئه وقيمه وهم أول من حطم تلك القيم وهدروا إنسانيتنا واستعبد
وا الشعوب وأذلوها ونزعوا عنها الكرامة وكبلوا حريتها بعد أن خلقهم الله أحرارا.. نزعوا منا الحرية التي منحنا الله إياها .. ومنعوا عنا ثرواتنا وأموالنا واختصوها لأنفسهم ولحاشيتهم وكل من والاهم .. بل منحوها للعدو المحتل عن طيب خاطر في صفقة مشبوهة نصيبهم منها الكراسي والعروش ونصيب العدو الأرض وما في باطنها ونصيب الشعوب الذل والامتهان ؟ هل هؤلاء هم من هرولوا يعلنون تسامحهم مع الأخر في الوقت الذي عجزوا فيه عن التسامح مع الآلاف المعتقلين في سجونهم وأقبيتهم المظلمة ، وعجزوا عن كسر قيود الحصار عن أهل غزة أو حتى إيصال الغذاء والدواء والغاز الطبيعي والنفط اليهم حتى يتمكن المحاصرون من العيش على قيد الحياة !!! أم تقصدون هؤلاء الحكام الذين ذهبوا للتسامح مع اليهود وتقديم صكوك الغفران لهم على كل ما ارتكبوه في حقنا من قتل وتشريد ونفى واعتقال .. في الوقت الذي سلموا فيه العراق بكل ما فيه إلى أمريكا وحلفائها كي تقطع أوصاله وتفتت بنيته وتقتل الملايين من الشعب العراقي وكل هذا انتقاما من صدام الذي أرعبهم نفوذه وتصفية لخلافاتهم معه استعدوا عليه الغرب واتوا بالمحتل ليحتل العراق ويحتل أراضيهم معا التي امتلأت بالقواعد العسكرية .. !!!
وا الشعوب وأذلوها ونزعوا عنها الكرامة وكبلوا حريتها بعد أن خلقهم الله أحرارا.. نزعوا منا الحرية التي منحنا الله إياها .. ومنعوا عنا ثرواتنا وأموالنا واختصوها لأنفسهم ولحاشيتهم وكل من والاهم .. بل منحوها للعدو المحتل عن طيب خاطر في صفقة مشبوهة نصيبهم منها الكراسي والعروش ونصيب العدو الأرض وما في باطنها ونصيب الشعوب الذل والامتهان ؟ هل هؤلاء هم من هرولوا يعلنون تسامحهم مع الأخر في الوقت الذي عجزوا فيه عن التسامح مع الآلاف المعتقلين في سجونهم وأقبيتهم المظلمة ، وعجزوا عن كسر قيود الحصار عن أهل غزة أو حتى إيصال الغذاء والدواء والغاز الطبيعي والنفط اليهم حتى يتمكن المحاصرون من العيش على قيد الحياة !!! أم تقصدون هؤلاء الحكام الذين ذهبوا للتسامح مع اليهود وتقديم صكوك الغفران لهم على كل ما ارتكبوه في حقنا من قتل وتشريد ونفى واعتقال .. في الوقت الذي سلموا فيه العراق بكل ما فيه إلى أمريكا وحلفائها كي تقطع أوصاله وتفتت بنيته وتقتل الملايين من الشعب العراقي وكل هذا انتقاما من صدام الذي أرعبهم نفوذه وتصفية لخلافاتهم معه استعدوا عليه الغرب واتوا بالمحتل ليحتل العراق ويحتل أراضيهم معا التي امتلأت بالقواعد العسكرية .. !!!
أم هؤلاء الحكام الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء السفر إلى مواطن اللاجئين العراقيين ومنافيهم الذين يتسولون الأمن والأمان ويرجونهما في ارض غير أرضهم فمنهم من باع عرضه وشرفه من اجل كسرة خبز ومنهم من باع فلذات أكباده للسادة والأغنياء من أهل الخليج .. ب100 دولار الفتاة الصغيرة ..وب1000 دولار الفتاة الشابه .. (ألا 1… ألا 2 .. ألا 3 من يزود ؟؟ ) بيعت فتيات العراق الماجدات في مزاد علني والكل وقف يتفرج لم تحركهم خطواتهم وأرجلهم شبرا واحدا لنجدة أهل العراق ولملمة جراحه .. والآن يزايدون علينا باسم الديانات وحوار الديانات ليعلنوا في مزاد أخر يباع فيه ما تبقى لنا من عزة نفس وكرامة ويهرولون خاضعين لبيريز وتسيبي ليفنى . تصافحوهم في الخفاء وتتمنعون عليهم في العلن …ألسنا نحن الشعوب أولى بالمصافحة والاعتذار من هذا المجرم القاتل بيريز ؟ تفتحون صفحاتكم لهم وتغلقون بيننا وبينكم الآلاف الأبواب كما لو كانت تلك الشعوب هي العدو الحقيقي لكم !!!
إن حيلة كل من حضر مؤتمر حوار الأديان لن تنطلي على الشعوب .. اذهبوا إلى حيث شئتم صافحوهم ، جاوروهم ، حاوروهم .. فهذا لا يهم .. المهم اتركوا الشعوب تتصالح مع نفسها وتتسامح فيما بينها ولا تحاولوا أيها الساسة الشجعان في ساحات نيويورك الخضراء تفتيت الأمة كما فعلتم بين السنة والشيعة .. ولاتحاولوا زرع الفتنة بينهما . ودعوا أبواقكم الدينية التي حرمت على أهل السنة مشاركة أهل الشيعة طعامهم تخرج اليوم لتحرم عليكم مشاركة اليهود ومن والاهم موائد طعامهم . دعوهم أن كنتم حقا متسامحين وتؤمنون بالتسامح كمبدأ أن يدعوا لحوار علماء الشيعة دون تكفير أو تعصب .. دعوهم يشاركون ذبائح الشيعة وطعامهم كما شاركتم انتم موائد اليهود طعامهم … ولكن لن تفعلون !!!
لأنكم لاهم لكم سوى أنفسكم وكراسيكم وعروشكم ومن يحميها … أما من يهددها فانتم له بالمرصاد وكأنكم أرباب للعباد … تسمونهم العذاب .. لا ترحمهم سياطكم ولا تخفى على احد مؤامراتكم … انه ليس مؤتمر لحوار الأديان بل مؤتمر عقد خصيصا للقاء سعودي – صهيوني .. وماكان بيريز يجرؤ على إعلانه قبول المبادرة العربية في القاهرة إلا تمهيدا لهذا المؤتمر ، وكمحاولة لجر رجل السعودية إلى هناك في الأمم المتحدة .
* عز على وزير الخارجية السعودي” سعود الفيصل” ألا يسمع من بيريز ما يضاهى ويوازى تلك الهرولة السعودية نحو عتبات الصهاينة ، واللقاء بهم تحت قبة الأمم المتحدة متناسيا أن الصهاينة لم ولن يحققوا آمال العرب في الحصول على مبتغاهم من الحقوق والأرض إلا بالقوة .. وشيء طبيعي أن يتحدث عن المبادرة العربية من منظور الصهاينة فقط وليس من منظور الحقوق العربية الفلسطينية ..فالبند الوحيد الذي يهم بيريز من تلك المبادرة هو التطبيع المجاني بلا مقابل وهذا هو ما يقصده من قبوله تلك المبادرة .. أما الانسحاب لحدود 67 ، أو عودة اللاجئين طبقا لقرار 194 ، آو مسألة القدس فهناك الفكر الصهيوني المتطرف الذي أكد مرارا وتكرارا للعرب على رفض تلك البنود من المبادرة منذ ولادتها وحتى اليوم ..ورغم ذلك هرولنا كالعادة نحو استجداء الحقوق من الكيان الصهيوني.. فمتى نفهم كيفية التعامل مع هذا العدو ؟ والله أخشى ما أخشاه أن يكون الساسة العرب فاهمين وموافقين !!!!!
وفاء إسماعيل